"لابد للحياة أن تستمر، رغم المأساة التي عِشناها ليلة أمس"، هذا ما قاله شاب فرنسي وزوجته أثناء وقوفهما في ساحة الجمهورية بالعاصمة الفرنسية باريس بعد ظهر السبت 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، تضامناً مع ضحايا الهجمات التي هزت العاصمة الفرنسية يوم الجمعة الماضي.
الفرنسيون تحدوا حالة الطوارئ التي أعلنها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند وتجمعوا في هذا المكان الذي يحمل رمزية في الذاكرة الفرنسية، ووضعوا باقات الزهور وأشعلوا الشموع وأعواد البخور حزناً على أرواح الضحايا، الدموع كانت حاضرة في أعين الجميع ومنهم من كان متأثراً لدرجة منعته من التصريح لوسائل الإعلام، ابتسامات الأطفال برفقة ذويهم بددت ولو قليلاً أجواء الحزن والأسى.
"أطفالنا بحاجة للقليل من المرح بعد أجواء ليلة الجمعة، نحن بحاجة لتنفس الهواء، لا نستطيع الجلوس في المنزل أثناء أيام العطلة"، عبارة رددتها فرنسية كانت بصحبة أطفالها قرب نصب ساحة الجمهورية، مضيفةً لـ"عربي بوست" أنها "ليست خائفة من هذه الأعمال والحياة لن تتوقف عند الإرهابيين، لن ألبي طلبهم وأجلس في المنزل خوفاً من تفجير ما".
لقد تأخرتم!
لم تكن ساحة الجمهورية مكتظةً كما هي العادة في أيام العطلة إلا أن وجود سيارات الشرطة لَعبَ دوراً كبيراً في تفريق المتضامنين الذين تجمعوا في أوقات متفرقة منذ الظهيرة حتى آخر الليل.
"نطلب من جميع المعتصمين في ساحة الجمهورية إخلاء الساحة خوفاً على سلامتكم"، كانت سيارات الشرطة تطلق تلك العبارة عبر مكبرات الصوت سعياً لتفريقِ المتجمهرين، إلا أن الناس لم يستجيبوا لتلك المطالب، وصرخ أحدهم قائلاً: "لقد تأخرتم اليوم لن يحدث شيء، الإرهاب قتل الناس وفاتَ الأوان".
هي جمعةٌ سوداء سيتذكرها الفرنسيون لزمنٍ طويل، ليس هم فقط، بل أيضاً الجالية العربية التي وقفت متضامنة مع الشعب الفرنسي في ساحة الجمهورية، أحمد وهو عربي كان متواجداً في الساحة يقول: "لا أريد أن يعتقد الفرنسيون أننا إرهابيون، لمجرد أنني عربي أو حتى مسلم".
لن نعاني من العنصرية
رغم ما حدث إلا أن الأمر لا يخلو من وجود بعض الحالات التي تحدثت عن الأمل، منها فريدة من تونس التي قالت: "أنا متأكدة أنني لن أعاني من أية نظرة عنصرية، فأنا لست محجبة، لكن هناك كثير من النساء المحجبات يتعرضن للمضايقات في المترو، من الممكن أن يرمقُني البعض بنظرات غريبة لمجرد وجود كتاب عربي في يدي، لكنني متفائلة رغم كل هذا، فعلى سبيل المثال، كنت ولا زلت أتعرض لمواقف من النوع الطريف عندما يقول لي أحد الفرنسيين أحب اللغة العربية وأتمنى أن أتعلمها".
الخوف لازال يتسيّد المشهد في باريس ويبدو جلياً في أعينِ الفرنسيين، إلا أن مطاعم وحانات باريس لا زالت تفتح أبوابها للزوار وطاولاتها لا تزالُ تزهو بأفخر أنواع النبيذ والجبنة.