توالت أصوات الانفجارات وإطلاق الرصاص بالأسلحة الرشاشة وسط باريس، وبدأت سيارات الإسعاف تجوب الشوارع، في الأرض جثث مدماة وأقرباء ضحايا ينفجرون في البكاء، بعيد منتصف ليل الجمعة وفجر السبت 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، تعرضت العاصمة الفرنسية لسلسلة اعتداءات متزامنة أسفرت عن مقتل 140 شخصا.
في مسرح باتاكلان في شرق باريس، هاجم مسلحون الصالة التي كان يوجد فيها حوالي 1500 شخص واحتجزوا العديد منهم رهائن، في وقت لاحق، اقتحمت الشرطة الصالة، وسمعت أصوات رشقات رشاشة مكثفة ودوي انفجارات.
كان الناس خارج المسرح معلقين بهواتفهم النقالة، وقال رجل وصل راكضاً إلى قرب الشريط الأمني الذي أقامه عناصر الأمن "زوجتي موجودة في باتاكلان، إنها كارثة".
وقال رجل أمن كان يحاول مع زملائه إبعاد الناس عن المكان: "حصل تبادل إطلاق نار داخل باتاكلان، كل ما يمكنني قوله هو أن الأمر أكثر خطورة من شارلي ايبدو"، في إشارة إلى الاعتداء على مقر الصحيفة الساخرة في باريس في يناير/كانون الثاني.
وعلى موقع تويتر، بدأ عشرات الأشخاص ينشرون صور أقارب لهم موجودين في الصالة، طالبين معلومات عنهم.
وروى لويس الذي كان داخل الصالة وتمكن من الفرار مع والدته تحت الرصاص لاذعة "فرانس إينفو" وهو يجهش بالبكاء أن شباناً كانوا دخلوا المسرح "وبدأوا بإطلاق النار عند المدخل، لقد أطلقوا النار على الجموع هاتفين الله أكبر".
وقال: "كان هناك الكثير من الناس على الأرض في كل مكان".
وأضاف الشاهد أن المهاجمين "كانوا مسلحين ببنادق بومب أكشن كما أعتقد لقد سمعتهم يلقمونها، الحفل الموسيقي توقف، الكل رمى بنفسه أرضاً، وهم واصلوا إطلاق النار على الناس، اللعنة، كان الوضع جحيماً".
اللحظات الثقيلة
وشهدت أحياء باريس الشرقية التي توجد فيها نوادٍ ومقاهٍ عديدة يكثر روادها في نهاية الأسبوع، اعتداءات متتالية شبه متزامنة، وأقفلت القوى الأمنية الشوارع ومنعت الاقتراب من المنطقة.
وقال عنصر أمن قرب مستشفى سان لويس: "يقوم الجيش بتأمين المنطقة، في الوقت نفسه بدأ أفراد الشرطة العلمية بقمصانهم البيضاء عملهم على الأرض، كان في الإمكان رؤية بقع من الدم قرب بوابة مدرسة".
وكان رجل يروي باكياً أن شقيقته قتلت إلى جانبه، تغرق والدته بالبكاء فيضمها بين ذراعيه، ويقول وهو يشير إلى مكان قريب: "لا يريدون السماح لنا بالمرور".
وقال بيار مونفور الذي يسكن في المنطقة: "سمعنا أصوات إطلاق نار لمدة 30 ثانية ربما، لكن بدا الأمر وكأنه دهر".
ووصلت فلورانس إلى المكان بعد دقيقة واحدة ربما وأوضحت أن "الأمر بدا خيالياً، كان الجميع أرضاً، عاد الهدوء، ولم يكن الناس يدركون ما حصل، رأيت رجلاً يحمل فتاة بين ذراعيه، بدت لي ميتة".
ويروي ماتيو (35 عاماً) أنه كان يهم بالدخول إلى مطعم عندما "سمعت صوتاً وكأنه لمفرقعات، اعتقدت أنه احتفال بعيد ميلاد، ثم سمعت صوتاً آخر، وثالثاً، ثم رأيت الدماء، فرميت بنفسي أرضاً".
لم يرَ ماتيو المعتدي، لكن شهوداً آخرين وصفوه بأنه مسلح برشاش، وبأنه تمكن من الفرار.
وقال ماتيو: "كان هناك 5 قتلى من حولي، وقتلى آخرون في الشارع، ودماء في كل مكان، أما أنا فنجوت".
دماء في كل مكان
وتكررت المشاهد نفسها في شارع شارون الواقع إلى الشرق أكثر، وروى رجل أنه سمع إطلاق نار لمدة "دقيقتين أو ثلاث، ثم رأيت أجساداً مدماة. لا أعلم إن كانوا قد ماتوا".
وقال شاهد آخر: "كانت الدماء في كل مكان".
أما في استاد فرنسا الدولي، أحد أكبر الملاعب الفرنسية الواقع في الضاحية الشمالية لباريس، فقد سمعت 3 انفجارات.
وقال شهود إن أحد الانفجارات نتج عن عملية انتحارية، واحتجز الجمهور الذي كان يتابع مباراة ودية بين فرنسا وألمانيا داخل الملعب الذي حلقت فوقه مروحية، قبل أن تبدأ عملية إخلائه إثر عودة الهدوء.
وقال لوفيك كلاين (37 عاماً): "سمعنا الانفجارات بعد 25 دقيقة من بداية المباراة التي استمرت بشكل طبيعي، اعتقدت أن الأمر مزحة".
وكان لودفيك القادم من ليموج يتابع المباراة مع ابنه البالغ من العمر 10 سنوات.
وقال مصدر قريب من التحقيق إن 4 قتلى سقطوا في الملعب "3 منهم على الأرجح من الإرهابيين".