في غضون 5 أشهر فحسب تبددت أحلام المعارضة التركية في تشكيل حكومة ائتلافية بفعل الهزيمة المدوية التي منيت بها في الانتخابات وقد تحكم عليها بقضاء عشر سنوات أخرى عجاف.
فعندما فقد حزب العدالة والتنمية الحاكم أغلبيته البرلمانية في انتخابات يونيو/ حزيران الماضي التقط خصوم الرئيس رجب طيب أردوغان أنفاسهم لكن المفاجأة كانت في العودة إلى حكم الحزب الواحد بالفوز الساحق الذي حققه في انتخابات مبكرة في 1 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
لم تستطع أحزاب المعارضة الاستفادة من الإنجاز الذي حققته بعد يونيو/ حزيران والذي فازت فيه مجتمعة بنسبة 60% من مجموع الأصوات وذلك لفشلها في تشكيل ائتلاف مناوئ لحزب العدالة والتنمية إذ رفض حزب الحركة القومية اليميني التفاوض مع حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد.
بددت فرصتها
وما كان من أردوغان إلا أن استغل انقسامات المعارضة. فطرح الانتخابات الاستثنائية كفرصة لاستعادة الاستقرار في وقت اشتد فيه التوتر بسبب التمرد الكردي وبعد تفجيرين نسبا إلى تنظيم "الدولة الإسلامية"(داعش) وتعثر الاقتصاد.
وقال أيكن أردمير النائب السابق عن حزب الشعب الجمهوري المعارض والباحث غير المقيم بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن "المعارضة لاحت لها الفرصة وبددتها."
والآن يقول خبراء سياسيون إنه أصبح من المحتمل أن تظل المعارضة منقسمة وعلى هامش المسرح السياسي لسنوات عديدة قادمة في ضوء سعي أردوغان لتعديل الدستور لتركيز السلطة في أيدي مؤسسة الرئاسة.
وقال أردمير "لم يخسروا الانتخابات فحسب بل ربما خسروا النظام الذي يسمح لهم بالفوز في الانتخابات."
حصل حزب العدالة والتنمية ذو الجذور الإسلامية على 50 % من مجموع الأصوات وعلى 317 مقعداً في الانتخابات مقترباً من تحقيق العدد المطلوب من المقاعد لفرض إجراء استفتاء على الرئاسة التنفيذية التي يسعى أردوغان إليها وهو 330 مقعداً.
على الورق كان أكبر الخاسرين حزب الحركة القومية وحزب الشعوب الديمقراطي إذ انخفض مجموع الأصوات التي حصل كل من الحزبين عليها.
ومع ذلك فقد كان حزب الشعب الجمهوري حزب المعارضة الرئيسي هو الذي مني بخسائر أكبر من غيره.
وعلى الرغم من زيادة عدد مقاعده فقد خسر فرصة تكوين ائتلاف موسع مع حزب العدالة والتنمية الذي لم يواجه منافسة تذكر على أصوات الجناح اليميني الكبير في تركيا منذ ارتقى سلم السلطة عام 2002.
وعلى الرغم من أن أردوغان بدا منذ البداية معارضاً لفكرة الائتلاف فقد أبدى مسؤولون حزبيون أثناء الاستعداد للانتخابات تقبلهم للفكرة إذا جاءت نتيجة الانتخابات غير حاسمة.
حطم آمال المعارضة
وحطم فوز العدالة والتنمية آمال المعارضة ووصف أحد العالمين ببواطن الأمور في حزب الشعب الجمهوري النتيجة بأنها "ببساطة كارثة".
وبنى حزب الشعب الجمهوري -الذي كافح لتوسيع نطاق قاعدته التقليدية من الناخبين العلمانيين الذين يشكلون نحو 25% من مجموع الناخبين- حملته الانتخابية على أساس قضايا اقتصادية ووعد بزيادة الأجور لذوي الدخول المنخفضة.
غير أن حزب العدالة والتنمية عاد إلى التركيز على متانة إدارته الاقتصادية وتفوق على حزب الشعب الجمهوري في الوعود الانتخابية.
وفي أعقاب الانتخابات بدا لفترة وجيزة أن دولت بهجلي زعيم حزب الحركة القومية الذي فقد أكثر من 4% من أصوات الناخبين سوف يتنحى. لكن مسؤولاً كبيراً في الحزب قال إن الحزب يجري تحليلاً للوضع الآن.
وقال المسؤول "إذا أظهر التحليل أننا ارتكبنا أخطاء فسنتخذ الخطوات الضرورية لكن لا تتوقع تغييراً في قيادة الحزب."
وقد شهد كمال كيليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري التأييد لحزبه، يستقر على 25% منذ أصبح زعيماً في عام 2010. وسبق أن قال مسؤول كبير في الحزب أنه سينافسه على الزعامة في المؤتمر العام للحزب الذي ينعقد في فبراير شباط وقال آخرون أنهم سيترشحون أيضاً.
من ناحية أخرى سيبقى حزب الشعوب الديمقراطي قوة رئيسية في جنوب شرق البلاد الذي يغلب عليه الأكراد رغم أن أمامه مهمة التمييز بين الحزب وبين حزب العمال الكردستاني في أذهان الناخبين.