44% من عدد السكان في كندا يتطوعون لأداء أعمال خيرية في مبادرات إنسانية يحتاجها المتطوع والمجتمع وتضمنها الدولة في الدستور.
فالتطوع حقٌ ورد ضمن بنود الحقوق والواجبات في فصل الحريات بالدستور، ما يدل على أهمية أن يكون للمواطن الكندي دورٌ في دعم الحياة التطوعية والعمل الخيري، لأن العوائد الناجمة عن ذلك لا تعود فقط على الشخص المتطوع بل على المجتمع ككل.
وتشير الإحصائيات إلى مشاركة ما يقارب حوالي 13 مليون كندي ومقيم في العمل الخيري والتطوعي في العام 2013 وحده، أي ما يقارب 44% من مجموع السكان، كما بلغت ساعات التطوع 960 مليون، أي ما يعادل دوام مليون وظيفة بدوام كلي.
وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال عن دوافع وعوائد التطوع في حياة المواطن والمقيم بكندا؟
يُعتبر أي عمل تطوعي في كندا بنفس أهمية العمل الفعلي، حتى وإن لم يكن بأجر مادي. ولا يقتصر الأمر على المهاجرين الجدد أو القادمين حديثاً، لأن الكثير من الكنديين يسعون للحصول على خبرات الحياة العملية من مرحلة الدراسة الإعدادية، حتى أن القانون لا يسمح لهم بالتخرج من المدرسة الإعدادية، إلا إذا كان لديهم على الأقل 40 ساعة تطوع.
وإذا كان الطالب يسعى للحصول على منحةٍ دراسيةٍ مجانيةٍ في الجامعات، فلابد من وجود ساعات تطوع كثيرة في ملفه الدراسي لا تقل عن 250 ساعة.
وحتى بعد الانضمام إلى الجامعة، يسعى الطالب إلى التطوع ليزيد من مهاراته العملية، علها تفتح له باب التوظيف.
ويوجد في كندا الكثير من المؤسسات غير الربحية التي تعمل على تدريب وتعليم الكنديين والمقيمين، لتكون بمثابة حلقة وصل بين المتطوعين والمؤسسات المختلفة، من ضمنها مؤسسة بيلر PILLAR في مقاطعة اونتاريو.
"عربي بوست" حاورت السيدة دارشي ليسي، مديرة برنامج التنوع في مؤسسة بيلر، عن أهمية التطوع في حياة الكندي وما تقدمه المؤسسة من خدمات لتدريب القادمين الجدد وفقا لشهاداتهم وخبراتهم.
تبين ليسي أن مؤسسة بيلر تعمل منذ أكثر من 10 سنوات على تدريب وتأهيل المتطوعين والعمل على التحاقهم بمختلف المؤسسات الكندية للعمل واكتساب الخبرات، "ففي كندا الكثير من المؤسسات التي تعمل بطريقة مقاربة لعمل مؤسستهم بيلر لأجل تأهيل الخبرات للكنديين والاستفادة من خبراتهم بنفس الوقت".
وعن كيفية مساعدة المؤسسة للمتطوعين تقول ليسي، "لدينا موظفين مسؤولين عن تنظيم التعليم وتوجيهه، يقدمون محاضرات في مدارس ومراكز اللغة للمهاجرين والقادمين الجدد ويتحدثون معهم ويبينون لهم أهمية التطوع في المجتمع الكندي والفوائد التي تعود عليهم من جراء ذلك. وأيضاً من خلال موقعنا الالكتروني نطرح الكثير من خبرات ووظائف التطوع المتاحة في المدينة، ولدينا برنامج سيبدأ في شهر يناير/كانون الثاني القادم عن تطوع وتدريب المتطوعين على مهارات قيادة فرق العمل والمؤسسات، وطبعاً يجب أن يكون المقبولون في هذا البرنامج ذوي مهارات وخبرات خاصة ومستوى دراسي عالي".
تضيف ليسي، "ليبني المتطوعون علاقاتهم مع مجتمعهم الجديد، لا بد من التطوع في المؤسسات المختلفة حتى يتعرف عليهم المجتمع الكندي. أما إذا بقوا منعزلين داخل جالياتهم فكيف سيحصلون على فرصة عمل جيدة؟ ومن خلال وظيفة التطوع يجب على الشخص أن يطلع على ما المهام والخبرات التي سيحصل عليها، وعليه أيضاً أن يكون دقيقاً في اختيار المؤسسة التي سيتطوع فيها بحيث تتناسب وقدرته وتحقق رغبته في ما يطمح إليه".
ما النصيحة التي يمكن أن تقدميها للقادمين الجدد لكندا لتطوير مهاراتهم والحصول على عمل مناسب ؟
تنصح ليسي الوافدين الجدد "بأن يركزوا على نوعية العمل الذي يرغبون به وما هو المتاح، وبعد ذلك يقرون من هي الجهة التي سيتطوعون معها لكي يكتسبوا خبرات تؤهلهم لهذا العمل".
قصة نجاح
الشاب جعفر عبد العزيز، يروي لـ "عربي بوست" قصته عندما هاجر مع والديه وأخيه وأخته قبل 4 سنوات إلى كندا قادماً من إحدى الدول العربية، حيث عمل – إضافة لكونه طالباً في المدرسة – عدة أعمال بسيطة.
وبعد ما يقارب السنتين من قدومه إلى كندا، تطوع مع مؤسسة YMCA الخاصة برعاية الشباب والأطفال، كونها تمنح المتطوعين فرصة الالتحاق بناديها الرياضي بشكلٍ مجاني.
أراد جعفر أن يطور لغته الإنكليزية، وبعد فترة من عمله مع الأطفال وتوجيههم، عرضت عليه مسؤولة البرنامج فرصة العمل بالصيف مع نفس المؤسسة وبأجر يناسبه كطالب.
بعد انتهاء مدة العقد أدرج جعفر خبراته التطوعية والوظائفية في سيرته الذاتية وتقدم بطلب عمل في شركة اتصالات وتأمين Alliance I Communication، حيث قبلته الشركة لاقتناعها بمهارته.
ينهي جعفر قصته بأن الشركة التي يعمل فيها الآن تزيد من مهاراته في التخصص الذي يدرسه في إدارة الأعمال في كلية Fanshawe College، حيث يدرس ويعمل في نفس الوقت.