المسيرة الخضراء بالمغرب تتم ذكراها الأربعين وسط احتفالات حكومية جد متنوعة بالإضافة الى زخم من الفاعلين على شبكات التواصل الاجتماعي.
من دون أي شك فإن هذا الحدث التاريخي المهم في بلادنا يؤثر عاطفياً في جيل آبائنا من المشاركين فيه فعلياً، و من المعاصرين للحدث. لكن نحن كشباب ما الذي تعنيه لنا المسيرة؟ تعني لنا في أغلب الأمر عطلة رسمية، و للبعض تعني تشبثنا بصحرائنا المغربية. و للبعض المتبقي لا تعني أي شيء على الإطلاق.
أنا شخصياً سمعت العديد من الحكايات من جدتي و جدي (رحمه الله) عن تلك الفترة من تاريخ الوطن. كنت دائماً أعتقد أن جدي يبالغ أو أنه يحكي عن خرافات وأساطير ليبين مدى شجاعته سواء في المسيرة أو في ما قبلها من مواجهة المستعمر بالريف.
يحكي عن عبدالكريم الخطابي والشيخ محند وجولاته مع المجاهدين. وكنت دائماً أعتقد أنه يبالغ. بعد أن كبرت وقرأت وتعمقت في الموضوع فهمت كلامه. واقع الحرب والمقاومة و"عام الجوع" وعهد "السيبة" تعقيدات ومشاهدات وواقع لا يمكن أن نعرفه أو نتمثله نحن جيل الشباب. لكن لنا مقاوماتنا الجديدة وعام جوعنا الجديد في ظل الغلاء والفساد. موتنا في المستشفيات غير المؤهلة وطواقمها غير المبالية.
جهاد المعلمين في المداشر والمتخرجين مع قلة فرص الشغل. جهاد الأطفال القاطعين للكيلومترات المرهقة الوعرة ليصلوا الى قسم يتعلمون فيه، ولو أتى الشتاء فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
جهاد ساكنة القرى مع ضعف الطرق وغيابها وجهادهم مع غياب المستوصفات والإسعاف. جهادنا نحن أهل مدن مع نفس الاسعاف الذي لا يصل إلا لينقلك جثة هامدة.
جهاد مع حكومة لا تدري إن كانت معك أم ضدك وما الذي تريده منك بالضبط. جهاد تكاليف المدارس والكراء والماء والكهرباء. جهاد مع موظفي القطاع العام في الادارات وتعنتهم وفسادهم وكسلهم إلا من رحم ربي. جهاد مع المرض ومع التأمين الصحي غير المتاح.
جهاد مع محاكم الاسرة والنفقة والطلاق وغلبة القوي على الضعيف. جهاد المرأة المغربية ضد ما يحاك ضدها من أقاويل في الداخل والخارج. جهاد الرجل المغربي مع طرف الخبز.
مسيرة الشموع في جهة طنجة وتطوان هي لإقالة الشركة الاجنبية المسيرة لفواتير الماء والكهرباء. مسيرة خلاقة ونهج حضاري من ساكنة الشمال. فضلوا الاضاءة بالشمع احتجاجاً. وما الذي قاله رئيس الحكومة! "إنها الفتنة".. احتفل يا سيدي بالمسيرة الخضراء لأنها ماض والعن مسيرة الشموع لأنها مستقبل. المهم ان تجد من يصدق خطابك المتلون، وكفانا الله شر الفتنة وأعاننا على رد دسائسها. وأصدقنا القول. هل نلنا استقلالنا أم أننا مازلنا نسير؟
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.