أغلقت إسرائيل الثلاثاء 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 محطة الإذاعة الرئيسية في الخليل، وحوَّلت جزءاً من المدينة الواقعة في الضفة الغربية المحتلة إلى منطقة عسكرية مغلقة، في الوقت الذي عقدت فيه الحكومة الفلسطينية جلستها الأسبوعية في المدينة واتخذت مجموعة من القرارات لمساعدة سكان البلدة القديمة في مدينة الخليل.
وقالت الحكومة في بيان لها عقب جلستها الأسبوعية التي عقدتها في مدينة الخليل أنها قررت "صرف مساعدة مالية بقيمة 100 دولار شهرياً لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتجديد، تقدم الى 1050 عائلة من المقيمين في البلدة القديمة وفي المناطق المحاطة بالمستوطنات، في صورة قسائم لشراء مواد غذائية".
وقال سكان محليون إن محطة الإذاعة التي أغلقتها إسرائيل، كانت تنقل رسائل تشجع الناس على المشاركة في المظاهرات، لكنهم استدركوا بالقول إن هذا أمر معتاد ووصفوا المحطة بأنها "ليبرالية"، وقال أحدهم "إنها تذيع الكثير من المقطوعات الموسيقية وهي الإذاعة المفضلة للجميع".
الجيش الإسرائيلي من جهته اتهم الإذاعة ببث ما يشجع على الهجمات ضد الإسرائيليين، وقال إن المحطة "تمتدح الهجمات على الإسرائيليين".
مساعدات.. ومطالبات دولية
وأضافت الحكومة أنها قررت "تأسيس صندوق خاص لدعم البلدة القديمة تساهم فيه الحكومة بمبلغ 100 ألف دولار، ويتكفل القطاع الخاص بمبلغ مماثل أو أكثر، وإقامة مؤسسة استهلاكية تبيع المنتوجات الوطنية بأسعار مخفضة".
ودعت الحكومة في بيانها "مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة إلى إلزام إسرائيل بإزالة البؤر الاستيطانية في البلدة القديمة وفتح شارع الشهداء وتمكين قوات الأمن الفلسطيني من الانتشار في المنطقة لتوفير الحماية للمواطنين من اعتداءات وجرائم المستوطنين".
والمدينة التي تبعد 30 كيلومتراً إلى الجنوب من القدس، هي أكبر مدن الضفة الغربية، ويبلغ عدد سكانها الفلسطينيين 200 ألف نسمة، يعيش بينهم ألف مستوطن يهودي تحت حماية عسكرية مشددة، وهو ما يقسم الخليل إلى منطقتين.
حالة تأهب
وعند حاجز تفتيش محصن تحصيناً شديداً يتحكم في الدخول إلى القطاع الذي يعيش فيه كثير من اليهود، يتخذ الجنود موقف التأهب لإطلاق النار، وأصابعهم قرب الزناد، ويفحصون بدقة الفلسطينيين، ومنهم أطفال مدارس يحملون حقائبهم المدرسية، ويردون البعض على أعقابهم.
كان حاجز التفتيش -وهو سياج حديدي مرتفع، بواباته دوارة ذات اتجاه واحد، وله برج مراقبة محصن- مسرحاً لمظاهرات في الأيام الأخيرة، شهدت قيام فلسطينيين بإلقاء الحجارة والمقذوفات الحارقة والإطارات المشتعلة.
وعلى مقربة يبيع التجار الباذنجان والموز والفاكهة الأخرى والخضراوات، وقد استعدوا لإغلاق أكشاكهم الخشبية سريعاً عند أول علامة على وقوع اضطرابات.
مشاعر الغضب التي تعزى في جانب منها إلى التوترات بشأن المسجد الأقصى، وفي جانب آخر للإحساس بأن الجهود السلمية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لم تحقق شيئاً، أذكت العنف في أنحاء إسرائيل والقدس الشرقي والضفة الغربية منذ أواخر سبتمبر/ أيلول والتركيز الآن على الخليل.
وفي تلك الفترة قتل 11 إسرائيلياً في حوادث طعن بسكاكين وإطلاق الرصاص وهجمات أخرى، وقتلت القوات الإسرائيلية رمياً بالرصاص ما لا يقل عن 67 فلسطينياً، 40 منهم تقول إسرائيل إنهم كانوا مسلحين بسكاكين وأدوات حادة أخرى، وكان الكثيرون منهم أطفالاً مراهقين، ينحدر 25 منهم من مدينة الخليل، حيث قتل بعضهم بالرصاص قرب حواجز التفتيش.
هجمات منفردة
وقال أحد الجنود نشعر بشيء من الارتياح "لا حوادث طعن ولا إلقاء حجارة اليوم" وما لبث أن استدرك بقوله "حتى الآن".
ووصفت معظم الهجمات التي نفذها الفلسطينيون بأنها "هجمات منفردة" دون علامة على تنسيق بين الفصائل السياسية الفلسطينية، كما كان الحال في الانتفاضات فيما مضى.
ولكن في الآونة الأخيرة تغيَّر هذا الوضع على الأقل فيما يتصل بمظاهرات إلقاء الحجارة في أنحاء الضفة الغربية، مع حشد الفصائل السياسية المشاركة من الجامعات المحلية، وكان الحال كذلك في الخليل حيث تتمتع حركة المقاومة الإسلامية حماس بوضع قوي.
مدينة مقسمة
كانت الخليل منذ وقت طويل مصدراً للتوتر بين اليهود والمسلمين، وفي قلب المدينة يقع الحرم الإبراهيمي، الذي يطلق عليه اليهود اسم "كهف الأنبياء".
وقد جعل التراث الديني للمدينة منها محط تركيز للمستوطنين العازمين على توسيع الوجود اليهودي، ولأنهم في قلب المدينة فإنهم يحتاجون إلى حماية مكثفة مع قيام نحو 800 جندي إسرائيلي بحمايتهم.
وقال يعقوب سلطان، وهو إسرائيلي عمره 21 عاماً أنه لن يرحل أبدا، ولديه وظيفة هي توصيل الأطعمة السريعة في أنحاء الحي الصغير المغلق، ويقول أن الفلسطينيين يلقون عليه حجارة لكن ذلك لن يردعه.
وقال "نحن اليهود سنبقى هنا دائماً ولن نرحل أبداً".
وعلى الجانب الآخر من حاجز التفتيش، حيث تتناثر الحجارة وقطع الزجاج المكسور على الأرض، وتنتشر الرسوم على الجدران قائلة "قاطعوا إسرائيل" و"الصهيونية =العنصرية" يبدو أن عيسى عمرو -وهو فلسطيني من نشطاء حقوق الإنسان- غير مقتنع بأن المستوطنين سيبقون إلى الأبد.
وهو يقول إن المستوطنين مجموعة هامشية متعصبة، تورط كثير من أفرادها في أعمال عنف ضد الفلسطينيين. ومع أنهم يلقون تأييداً في الوقت الحالي فإنه يرى أن هذا التأييد سيتبدد في نهاية المطاف.
وقال مشيراً إلى حاجز التفتيش "لا يمكنهم إبقاء الاحتلال بدون الفصل العنصري، ويمكنك رؤية أنه فصل عنصري". أضاف أيضاً "لا يمكن الإبقاء على هذا الوضع وبخاصة في عالم يتم فيه تسجيل كل شيء عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي".
وقال "في غضون 4 سنوات أو 5 سيرحل المستوطنون".