بينما تزداد وتيرة التنافس الأميركي الروسي لكسب حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري (PYD)، وهو الامتداد السياسي لمنظمة pkk في سوريا، إلى صفوفهما، يحاول الحزب الاستفادة من هذا التنافس لكسب أكبر دعم ممكن من الطرفين، الأمر الذي أثار غضبا في تركيا.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كان قد أكد مساء الأربعاء 28 أكتوبر/تشرين الأول 2015، عزم بلاده على ضرب أية كيانات قد تتشكل في الشمال السوري في إشارة إلى القوات الكردية هناك، مضيفاً: "نحن لا نريد تكرار نموذج شمال العراق في الشمال السوري".
الكرد والصراع في سوريا
حزب الاتحاد الديمقراطي اتخذ نهجاً مخالفاً لبقية قوى المعارضة السورية، واعتبر أن "الثورة السورية" هي "حرب العرب بين بعضهم"، وسارع في تقوية ركائزه السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، تحسباً منه لظهور قوى محلية أخرى مع استمرار الحرب الدائرة في البلاد.
وبنى علاقاته مع القوى الداخلية والخارجية من منطلق مدى دعم هذه القوى لإنشاء إدارة ذاتية في مناطق توزع الكرد في سوريا، ومنها نشأت علاقته مع النظام السوري، الداعم له في هذا الإطار.
ومع صعود ردود الأفعال الدولية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) تحولت ذريعة محاربته للتنظيم أداةً لتلقي المزيد من الدعم العسكري والمادي من الدول الغربية.
ومن هنا نتجت العلاقة الوثيقة والحلف العميق بينه وبين الولايات المتحدة الأميركية، التي دعمته بشكل كبير في عمليات التحالف الدولي ضد داعش في عين العرب "كوباني" العام الماضي.
وضمن هذا السياق، جاءت كلمة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في 3 أكتوبر/تشرين الأول، حيث أكد عزم أميركا على تعميق العلاقات مع المجموعات الكردية في سوريا، بعد فشل برنامج تدريب وتجهيز المعارضة المعتدلة ضد داعش.
تقارب روسي من الكرد
أما من الجانب الروسي فقد أشاد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بحزب الاتحاد الديمقراطي، إلى جانب النظام السوري، في محاربة داعش، وذلك في الكلمة التي ألقاها في مجلس الأمن للأمم المتحدة، قبل بدء القصف الروسي على سوريا، بتاريخ 30 أيلول/سبتمبر الحالي، أي قبل يومين فقط.
بعد 11 يومًا من القصف الروسي، التقى ممثل بوتين في الشرق الأوسط وإفريقيا مساعد وزير خارجيته، ميخائيل بوغدانوف، بالرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي، صالح مسلم، في باريس، وبحثا فتح مكتب لهم في موسكو، فضلاً عن مواضيع استراتيجية أخرى.
ويهدف الاتحاد الديمقراطي إلى تعزيز علاقاته مع روسيا، مع الحفاظ على التعاون والتنسيق الاستراتيجي مع الأميركيين، رامياً منها استخدام الطرفين كورقة رابحة أمام الأخرى، وبالتالي تعزيز مكانته لدى الطرفين.
لا شك أنه أمام الدعم العسكري الذي سيقدمه الروس للاتحاد الديمقراطي سيطلب منه الأول شن هجمات ضد المعارضين السوريين في جبهات حلب وعفرين (شمال)، لإزالة عوائق تقدم قوات الأسد في تلك المناطق، لكن تحالفه مع الأسد في محاربة معارضيه يمكن أن يؤدي إلى فقدان ثقة واشنطن به.
ومن خلال هذه العلاقات الوطيدة، مع موسكو وواشنطن، يحاول الاتحاد الديمقراطي إنشاء إدارة ذاتية، والتمدد للمناطق الكردية، على طول الحدود السورية التركية، دون الوقوع بعائق التدخل التركي ضده.
الموقف التركي
أما عن الموقف التركي فجاء على لسان رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو، الذي أكد أن الطائرات الحربية التركية قصفت مرتين مواقع تابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، وأنهم لن يسمحوا له بالامتداد نحو غرب نهر الفرات.
كما شدد على أن بلاده لن تسمح بوجود كيانات معادية لها على حدودها من الجانب السوري، سواء كانت معسكرات BKK " في شمالي العراق، أو حزب الاتحاد الديمقراطي، وجناحه العسكري وحدات حماية الشعب الكردية (YPG).
وهو ما أكده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي قال في مقابلة تلفزيونية مشتركة مع قناتين محليتين، مساء الأربعاء: "تنظيم PYD (حزب الاتحاد الديمقراطي) يقوم بتطهير عرقي على الملأ في تل أبيض، ثم يقوم بإعلان المنطقة على أنها كانتوناً تابعاً له، وفي الخطوة التالية يوطّن 200 من الإرهابيين هناك، في حين أن سكان المنطقة من العرب والتركمان، كما أن داعش انسحبت من المنطقة، لذلك علينا اتخاذ ما يلزم حال استمر التنظيم في ممارساته هذه".