دفع محافظ الإسكندرية منصبه ثمناً للسيول التي أغرقت المدينة المصرية وعصفت بأبراجها الكهربائية وقتلت عدداً من مواطنيها، ولكن المشكلة ما زالت بعده -كما كانت قبله- دون حل، والمسؤول المحدد عن المشكلة ليس محل اتفاق، بل إن بعضهم يقترح أن ذلك المسؤول الحقيقي هو "هيئة غير موجودة" بما يعني أن القضية ستقيد "ضد مجهول".
الرأي السابق يقوله العميد محيي الصيرفي المتحدث الرسمي باسم هيئة الصرف الصحي في المدينة الذي يستنكر الاتهامات المتكررة التي توجه إليهم بالمسؤولية عن مشاكل المدينة التي تضربها الأمطار الغزيرة كل شتاء ويتعذر تصريفها، وقال "نحن في شركة الصرف الصحي غير مختصين بمعالجة هذه المشكلة، فالمفترض أن المحليات في كل محافظة لديها هيئة لتصريف مياه الأمطار".
يواصل قائلا: "ولكن.. للأسف لا توجد هيئة لتصريف الأمطار في المدينة".
سبب الكارثة حسبما يقول الصيرفي يعود إلى هطول 3 مليون متر مكعب من المياه على المحافظة خلال 3 ساعات فقط، والطاقة الاستيعابية لشبكة الصرف الصحي لا تزيد عن مليون و400 ألف متر مكعب.
المشكلة تفاقمت بسبب البناء المخالف الذي زاد فى المدينة بشكل جنوني ما سبب ضغطاً كبيراً على شبكات الصرف، والحل الجذري -حسب رأيه- يحتاج عشرات الملايين بل المليارات نظراً لتهالك البنيه التحتية.
أضاف "نحن بحاجة إلى منظومة جديدة حديثة وإنشاء محطات صرف بطاقات استيعابية أكبر، ولكن إمكانيات الدولة حالياً لاتسمح. وحتى لو وجدت الإمكانيات المالية فالتطوير يحتاج عامين أو ثلاثة أعوام".
طائرتا رافال تحلان المشكلة
ولكن الدكتور محمد حافظ أستاذ الهندسة المدنية وخبير السدود، يعتبر أن ما حدث فى الإسكندرية من ناحية كمية المياه لا يرقى لمستوى الكارثة مستدلاً بكمية الأمطار فى دولة مثل ماليزيا.
حافظ أضاف فى تصريحات تلفزيونية أن من يتحمل الكارثة ليس محافظ الإسكندرية فحسب، بل يتحملها كافة المسؤولين على مدى أكثر من 25 عاماً، مؤكداً أن الدولة المصرية تُعاني مشاكل حقيقية فى البنية التحتية لشبكات الصرف.
وقال "كافة البالوعات لا تعمل نظراً لانسدادها، لذا لا يمكن تصريف المياه".
وأكد خبير السدود أيضاً أن تضاعف عدد السكان في المدينة لم يقابله تضاعف فى البنية التحتية، مما أوصل الأمر لهذه الكارثة، على حد وصفه.
وعن حل المشكلة مستقبلاً، قال حافظ إن الاسكندرية تحتاج ثمن "طائرتي رافال" لتجديد شبكات الصرف وحل الأزمة، وذلك فى إشارة إلى قيام الرئيس المصري مؤخراً بشراء 24 طائرة رافال من فرنسا بمبلغ حوالي 4.5 مليار دولار.
لم تكن مفاجأة
الغريب أن أزمة أمطار الإسكندرية كانت متوقعة ومتكررة، فقبل شهرين بالضبط من الحادث حذرت هيئة الأرصاد الجوية المصرية على لسان رئيسها الدكتور أحمد عبد العال من أن سيولاً ستضرب بعض المحافظات المصرية خلال شهري أكتوبر ونوفمبر.
التحذيرات لم تلق فيما يبدو الاهتمام الكافي، بل واستخدمها بعض المسؤولين لإثبات جاهزيتهم، فوزير الري حسام مغازي أكد بداية أكتوبر أن الدولة على أهبة الاستعداد لمواجهة أي سيول متوقعة.
فيديو آخر انتشر على الشبكات الاجتماعية يظهر فيه محافظ الإسكندرية المستقيل هاني المسيري في أحد الاجتماعات قبل الكارثة بأيام يتحدث لأحد مسئولي شبكة الصرف الصحي في المدينة مؤكداً على أن موجة أمطار شديدة متوقعة فهل أنتم مستعدون وهل تحتاجون لمساعدة؟
الرد كان واثقاً بأن ما حدث في السنوات الماضية لن يتكرر، وعلق المحافظ أنه "لو كان هناك تقصير فسيكون فى المعدات".
وكان سكان محافظة الإسكندرية قد استيقظوا صباح الأحد 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2015 على أمطار غزيرة أخذت في الهطول منذ الساعات الأولى للفجر لتتحول إلى سيول تسببت في غرق المدينة، بعدما عجزت شبكات الصرف بالشوارع والطرق المختلفة على ابتلاع المياه لتتسبب في مقتل 7 أشخاص وخسائر بعشرات الملايين.