ساعات عمل طويلة وأجور مادية قليلة هي ما أجمع عليه السوريون العاملون في الأردن، الأمر الذي وضعهم أمام مشكلة كبيرة لمواجهة التكاليف المعيشية المرتفعة في هذا البلد وخاصة مع تراجع الدعم الإنساني من قبل المنظمات الدولية.
65 ألف سوري يعملون بالمهن المغلقة
رئيس النقابة العامة للعاملين في الخدمات العامة والمهن الحرة خالد أبو مرجوب قال في تصريحات صحفية سابقة له إن هناك "عدم التزام فيما يتعلق بالمهن المغلقة التي يمنع العمل بها إلا للعمال الأردنيين"، مشيراً إلى "وجود نحو 65 ألف عامل سوري يعملون في هذه المهن المغلقة"، ويقصد أبو مرجوب بالمهن المغلقة كلاً من مهن الحلاقة (رجالي ونسائي) والمطاعم الشعبية والسياحية والفنادق.
وكشفت دراسة أجراها مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية أن "30 % من اللاجئين السوريين هم في سن العمل، ومن المتوقع أن تكون تلك النسبة قد تسربت إلى سوق العمل الأردنية بطريقة أو أخرى".
محام سوري يعمل في مخبز!
بعد ممارسته لمهنة المحاماة لأكثر من عشرة أعوام في سورية، يعمل اللاجئ جابر حالياً بائعاً في مخبز حلويات براتب لا يزيد على 200 دينار أردني أي ما يعادل 290 دولاراً أميركياً رغم أن ساعات عمله تتجاوز 12 ساعة يومياً.
حالة جابر لا تختلف كثيراً عن آلاف اللاجئين السوريين، ممن يعملون حالياً في سوق العمل الأردني.
جابر كان يقطن مع عائلته في مخيم الزعتري ولكنه انتقل إلى العاصمة عمّان، يضيف لـ "عربي بوست" أنه "على الرغم من أننا كنا نعيش في المخيم دون مقابل مادي، ولكنني لم أتحمل البقاء هناك الحياة لا تطاق وخاصة في فصل الشتاء البارد".
الظروف القاسية في المخيم لا تقتصر على تقلبات الجو كما يقول جابر، ويوضح "كنا نعيش بلا كهرباء وفي كرفان جدرانه خشبية، ولأجل العيش في منزل حقيقي أعمل أنا وزوجتي طوال اليوم، ومع ذلك لا نحصّل إلا مبالغ قليلة لا تكفي للعيش بشكل طبيعي بسبب غلاء المعيشة هنا".
عامل سوري مقابل عاملين!
إن كنت صاحب عمل وأتاحت لك الفرصة أن توظف شخصاً يعمل عن شخصين، فهذا يعني أن توفر راتباً كاملاً تماماً كما قام به الأردني أبو محمد صاحب محل خضار في منطقة أبو نصير في عمّان.
"منذ عامين وأنا أعتمد على العمالة السورية في المحل" يوضح أبو محمد لـ "عربي بوست"، ويضيف "الموظف السوري يقبض راتباً أقل ولا يطالب بأيام العطلات بالإضافة إلى أنه يعمل من الساعة 10 صباحاً حتى 11 ليلاً".
أبو محمد الذي كان يواجه مشكلة عند تعامله مع الأردنيين الذين كما وصفهم "لا يستقرون في عمل وهم في بحث دائم عن بديل"، اختلف الأمر معه عند اعتماده على العمالة السورية فهم "أكثر التزاماً، وقد أثبت السوري أمانته وتعامله الودود مع الزبائن وبناء علاقة جميلة معهم، هو بشوش الوجه وصاحب ابتسامة دائمة وسريع البديهة" على حد قوله.
الهجرة إلى أوروبا… هي الحلم!
عدم قدرة الكثيرين على العمل هو من أهم أسباب لجوء السوريين إلى أوروبا، الأمر الذي أشار إليه الناشط الاجتماعي سالم الحوراني لـ "عربي بوست" موضحاً أنه "ببساطة السوري يهدف إلى العيش في بلد يسمح له العمل وكسب رزقه، وهذا للأسف غير مسموح له في الأردن، عشرات الأصدقاء لي أرغموا على ركوب قوارب الموت متجهين إلى أوروبا، على الرغم من أنهم كانوا يفضلون البقاء في الأردن لأنها تشبه بلدهم من النواحي الاجتماعية".
ويضيف الحوراني " وأعداد السوريين في الأردن بتراجع كبير، الجميع أصبح يشد الرحال إلى أي بلد يسمح له بالعمل ليستطيع إكمال حياته بكرامة".
اللاجئ السوري في أوروبا مجبر على العمل وليس مخيراً، هذا ما أوضحه سالم حيث أن "الدول الأوروبية التي تستقبل السوري كلاجئ تقدّم له المعونة لوقت محدد، ولكن بعد ذلك فإن بقاءه مرهون بقدرته على العمل والتأقلم، بل يصبح مثله مثل المواطن الأصلي يدفع الضرائب طوال حياته العملية".