على الرغم من أن رحلته إلى أوروبا وتحديداً فرنسا لم تكن مثل سوريين كثيرين غيره، هم اختاروا خوض الرحلة غير الشرعية عبر قوارب الموت بحراً، ولكنه وصلها جواً وبطرق نظامية.
براء الحلبي وهو مصور سوري من حلب، حصل مؤخراً على جائزة الفجيرة الدولية للتصوير عن أفضل صورة خبرية لعام 2015، وهذه الصورة هي واحدة من مئات الصور التي التقطها الحلبي خلال السنوات الأربع الماضية في حلب بجزئها الواقع تحت سيطرة المعارضة.
"نعم أخاف من الموت، من منا لا يخاف الموت" بهذه الكلمات بدأ المصور السوري حديثه لـ"عربي بوست"، مضيفاً "ولكن ذلك ليس مبرراً كافياً لمغادرة مدينتي حلب".
الحلبي وبعد تسلّمه الجائزة عرضت عليه عدة جهات اللجوء السياسي، ولكنه رفض والسبب "إن هذه الجائزة جعلتني أشعر بمسؤولية أكبر تجاه نقل ما يحصل في سوريا من معاناة الناس والموت" على حد تعبيره.
وأضاف "الفكرة التي حرصت على إيصالها أنني لست مجرد مصوّر يتم تكريمه وتنتهي القصة هنا، لأن البلد مازالت محاصرة من قبل داعش وقوات الأسد ولن أقبل البقاء في فرنسا فهناك الكثير ما زال ينتظرني كي أوثقه، الحرب لم تنته".
حلب التي أدرجت ضمن قائمة أخطر مدن العالم لعام 2014، شهدت عمليات خطف واعتقال وموت عدد كبير من الصحافيين والمصورين الذين كانوا يعملون على توثيق الحرب، و"لأجلهم جميعهم رفضت اللجوء" يوضح الحلبي.
إضافة إلى أن هذه المدينة على الرغم من حجم الدمار الكبير الذي ألحق بها إلا أنها بالنسبة للحلبي "مكان يشعر فيه براحة نفسية لم يجدها في الشوارع الفرنسية".
المصور السوري اختار العودة إلى حلب وتحديداً بستان القصر ليتابع عمله في تصوير وتوثيق الحياة اليومية لأهالي هذه المدينة.
من كاميرا محمولة إلى احترافية
ألقت معظم الصحافة الأجنبية الضوء على الجائزة التي تسلمها الحلبي في سبتمبر/ أيلول الماضي، ولكنها لم تلق الاهتمام نفسه من نظيرتها العربية من وجهة نظر الحلبي الذي يقول "لا أعرف ما السبب وراء ذلك، لكن الصحافة العربية تجاهلتني وأهملت هذه الجائزة".
الحلبي والذي لم يتجاوز الـ 24 من عمره كان يدرس الهندسة المعلوماتية، ولكن الحرب التي اندلعت في بلده حرمته من متابعة تعليمه، وجعلته مصوراً تعلم التصوير بنفسه وهو ينشر هذه الصور في وكالة الأنباء الفرنسية.
بدايته مع التصوير كانت عبر كاميرا هاتفه المحمول حين كان يصور المظاهرات المناهضة للنظام السوري، الأمر الذي أدى إلى اعتقاله لمدة شهر.
"إن اعتقالي لم يمنعني من متابعة توثيق المظاهرات لأنني على قناعة بالثورة وحقي كمواطن أن أحمل كاميرا وأصور" يوضح الحلبي، ويتابع "اليوم الكاميرا أصبحت جزءاً مني".
الصور التي التقطها الشاب السوري عرضت تفاصيل الحياة اليومية للأهالي في حلب، الذين اعتادوا القصف وتأقلموا معه ومن تلك الصور "أطفال يلعبون بين أنقاض البيوت المهدمة" والتي وصفها الحلبي إنها "تختصر حالتي وحالة من يعيش هنا، من قلب الموت نحيا".
بعد الحرب
الحرب السورية كما يراها الحلبي "ستنتهي كما انتهت كل الحروب السابقة في التاريخ"، وخاصة أن هناك أحلاماً كثيرة لهذا الشاب مؤجلة لمرحلة ما بعد الحرب.
سوريا بعد الحرب هي "لا أسد ولا داعش" يقول الحلبي، ويضيف "ولا حرب ولا موت ولا جوع أو برد، سنتابع حياتنا من النقطة التي توقفت عندها مع بداية الحرب، وأنا سأتابع دراستي الجامعية وأحصل على شهادة في الهندسة المعلوماتية".