معاناة فلسطينيي القدس الشرقية مع تشديد التدابير الأمنية الإسرائيلية

يُوقف أبوعمرو سيارته السوداء عند مدخل حي جبل المكبر، ويسير على قدميه تجاه مدرسة ابنه الواقعة بعد حاجز إسمنتي إسرائيلي جديد نُصب وسط الحي، قبل أن ينفجر غاضباً مندداً بـ"التمييز" و"العقاب الجماعي" المفروض على سكان القدس الشرقية المحتلة.

عربي بوست
تم النشر: 2015/10/23 الساعة 04:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/10/23 الساعة 04:05 بتوقيت غرينتش

يُوقف أبوعمرو سيارته السوداء عند مدخل حي جبل المكبر، ويسير على قدميه تجاه مدرسة ابنه الواقعة بعد حاجز إسمنتي إسرائيلي جديد نُصب وسط الحي، قبل أن ينفجر غاضباً مندداً بـ"التمييز" و"العقاب الجماعي" المفروض على سكان القدس الشرقية المحتلة.

يقول أبوعمرو (34 عاماً) لوكالة فرانس برس: "استغرق الطريق أكثر من 40 دقيقة للوصول إلى المدرسة بدلاً من أربع دقائق، وتأخرت على موعد لدى طبيب الأطفال، كل هذه الإغلاقات والعقابات الجماعية تجسّد تمييزاً بحد ذاته".

ويضيف "القدس تدفع ثمناً باهظاً في الوقت الحالي. يعتقدون (الإسرائيليون) بأن القوة والمزيد من القوة سيجلب الخلاص، لكن المزيد من القوة سيؤدي في الواقع إلى مزيد من العنف".

واندلعت في الأول من أكتوبر/تشرين الأول أعمال عنف في القدس الشرقية والضفة الغربية، ما لبثت أن امتدت إلى قطاع غزة، نتجت عن إقدام فلسطينيين من الوضع السياسي والمعيشي على طعن إسرائيليين أو مهاجمتهم بوسائل أخرى، بينما يرد الإسرائيليون بإطلاق النار والاعتقالات والقمع.

حواجز وجدار إسمنتي

وفي محاولة لمنع تنفيذ هجمات في القدس، أقامت إسرائيل حواجز عند مداخل الأحياء الفلسطينية وبدأت ببناء جدار إسمنتي من مكعبات ضخمة تفصل بين حي جبل المكبر الذي يتحدر منه عدد من منفذي الهجمات على الإسرائيليين، وحي الاستيطان اليهودي أرمون هانتسيف.

وكان مقرراً أن يصل طول الجدار إلى 300 متر، لكن تم وقف العمل فيه بعد أيام من بدء وضع المكعبات الإسمنتية، وأوضحت السلطات الإسرائيلية أن الجدار سيكون مؤقتاً وقابلاً للنقل، ويهدف فقط إلى منع إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة على الحي الاستيطاني.

قرب الجدار الذي كُتب عليه باللغة العبرية "حاجز شرطة مؤقت"، توقفت حافلة صغيرة تنتظر ركاباً لتقلهم إلى حاجز آخر عند مدخل الحي.

يقول سائق الحافلة طارق عويسات (24 عاماً): "انقسمت خدمة الحافلات في الحي، أنا أقوم بنقل الركاب مسافة 500 متر إلى حاجز آخر، حيث تنتظرهم حافلة تقلهم إلى باب العمود". ويقطع الفلسطينيون الحواجز سيراً على الأقدام.

ويضيف "في العادة يحتاج الناس إلى 25 دقيقة للوصول من هنا إلى باب العمود (وسط المدينة)، والآن مع الحواجز والتفتيش هم بحاجة إلى ساعة أو ساعة ونصف. لقد ازدادت حياتهم صعوبة وتعقيداً".

ويسأل بحدة: "ماذا يعني الجدار سوى أنهم يريدون عزل المنطقة؟".

إجراءات أمنية مشددة

عند مدخل حي العيسوية المكتظ في القدس الشرقية المحتلة، يقف أفراد من حرس الحدود الإسرائيليين المدججين بالسلاح على حاجز يفتشون سكان الحي الخارجين منه ويطلبون منهم رفع قمصانهم وخلع أحذيتهم. كما يفتحون حقائب السيدات ويفتشونها بدقة قبل السماح لهن بالمرور.

يقول الطالب الجامعي في إدارة الأعمال مؤمن رابي (19 عاماً) لدى الانتهاء من تفتيشه بغضب وهو ينتظر الحافلة التي ستقله الى وسط المدينة: "نتأخر في كل يوم عن الجامعات وعن المدارس وعن كل شيء، هذا ظلم لكل سكان العيسوية".

ويعيش أكثر من 300 ألف فلسطيني في القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل في حرب الأيام الستة عام 1967 وضمتها، إليها في خطوة لا يعترف بها المجتمع الدولي. كما يوجد نحو 200 ألف مستوطن إسرائيلي يعيشون في الأحياء الاستيطانية المحيطة بالمدينة.

وتعتبر إسرائيل أن القدس بشطريها هي عاصمتها "الأبدية والموحدة"، بينما يرغب الفلسطينيون بجعل القدس الشرقية المحتلة عاصمة لدولتهم العتيدة.

عقاب جماعي

وتضاف المعاناة نتيجة الإجراءات الأمنية الجديدة إلى الوضع الصعب الذي يعاني منه سكان القدس الشرقية الفلسطينيون في ظل الاحتلال الإسرائيلي.

يقول أبوعمرو: "البنية التحتية في القدس معدومة. ندفع كل الضرائب وكل المخالفات ولكن لا يوجد أي اهتمام بنا في مجالات الصحة والتعليم. حتى الأمان الوظيفي معدوم، ولا نملك أقل الحقوق المجتمعية".

على الرصيف المقابل لمستوطنة التلة الفرنسية الواقعة في وسط القدس الشرقية، ينهمك عامل من بلدية القدس الاسرائيلية بالتنظيف. على بعد أمتار من الرصيف النظيف والحدائق الخضراء والشوارع المعبدة، شوارع متعرجة وحاويات مليئة بالقمامة.

ويقول محمد ابو الحمص، مسؤول محلي في العيسوية، "هذا جزء من العقاب الجماعي الذي تمارسه حكومة الاحتلال على الفلسطينيين. وضعوا المكعبات من أجل تهدئة الأوضاع بحجة الأمن ولكنهم ينكلون بنا. (…) العيسوية موجودة قبل التلة الفرنسية ولكنهم ينظفون الرصيف في المستوطنة ولا يفعلون شيئا في العيسوية".

ويقول مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية في القدس خليل التفكجي لوكالة فرانس برس "القدس الغربية تعيش في القرن الواحد والعشرين بينما تعيش القدس الشرقية في القرن الخامس عشر".
واضاف "هناك صدمة ثقافية عند الانتقال من القدس الشرقية الى القدس الغربية، فكانك تدخل الى مكان آخر تماما".

علامات:
تحميل المزيد