كلية طب بالرباط تتحول لساحة مواجهة بين الطلاب والقوات المغربية.. تعرف على الأسباب

تحولت ساحة كلية الطب بالعاصمة المغربية الرباط، الخميس 22 أكتوبر/ تشرين الأول، إلى ساحة للمواجهة بين الطلبة والقوات العمومية التي اقتحمت الكلية بسبب مقاطعة الطلبة للدروس وتنظيمهم وقفات احتجاجية ببهو الكلية ضد مشروع قانون يتعلق بالخدمة الإجبارية في المناطق النائية، والذي أثار الجدل قبل أيام بالمغرب.

ودعا عبد الإله بن كيران، رئيس الحكومة المغربية، الطلبة المضربين للدخول إلى المحاضرات، حتى يتسنى له التحاور معهم مؤكداً أن حق الدراسة مكفول للجميع، و"لا يمكن أن يسمح للإضراب أن يشوش على ذلك".

ودخل طلبة كليات الطب بالمغرب في إضراب منذ بداية الموسم الجامعي الحالي، إذ يرفضون أداء الخدمة الإجبارية بعد التخرج، والتي تستمر لسنتين.

تعنيف طلبة كلية الطب

وقد تناقل رواد الشبكات الاجتماعية فيديوهات تظهر تعرض طلبة كلية الطب في الرباط للتعنيف من طرف القوات العمومية، وسط صراخ وفرار واعتقالات.

الطلبة الذين كانوا يحتجون ويرفضون ولوج المدرجات كتعبير منهم عن فشل الحوار مع الحكومة ورفضهم لقانون الخدمة الإجبارية، تفاجأوا بعناصر من القوات العمومية تتدخل في حقهم، وهم الطلبة الذين لم يسبق للسلطات أن اقتحمت كليتهم، على عكس ما يقع في كثير من المرات بكليات الآداب والحقوق بعدد من الجامعات المغربية.

سلمى عابد، عضوة التنسيقية الوطنية للطلبة الأطباء، أكدت لـ"عربي بوست" أن احتجاجهم كان سلمياً، غير أن "الرد الذي تم التعامل به كان عنيفاً في حقهم"، وهو ما أدى إلى إصابة طلبة وطالبات بجروح، إلى جانب اعتقال أربعة من زملائها واقتيادهم لمخفر الشرطة بالعاصمة الرباط.

المتحدثة نفسها، أوردت أن الطلبة كانوا حينها يرفعون مطالبهم بشكل عادي، حتى تدخلت القوات العمومية.

وانتقدت سلمى عابد، البلاغ الصادر عن رئاسة الحكومة قبل أيام والذي "كان فارغاً" على حد تعبيرها، لتضيف أن "الطلبة عندهم أزمة ثقة في حكومتهم والمسؤولين".

رئيس الحكومة يرد

لم يتأخر رد رئيس الحكومة المغربية، عبد الإله بنكيران، على طلبة كلية الطب المحتجين بالعاصمة الرباط، حيث خاطبهم من داخل المجلس الحكومي الخميس 22 أكتوبر/ تشرين الأول، بتأكيده أن "حرية متابعة الدراسة مضمونة والدولة ستقوم بواجبها بكل جدية لتسمح للطلبة الراغبين في متابعة الدراسة ولوج المدرجات"، مضيفاً أن حكومته تجنبت التدخل في الموضوع، غير أن الأمد طال، بحد تعبيره.

رئيس الحكومة دعا الطالبات والطلبة إلى العودة لمقاعدهم ومدرجاتهم، حتى يتسنى له استقبالهم والتحاور معهم، معتبراً أن من يرون أن مصلحتهم تكمن في مقاطعة الدروس يتحملون مسئولية ذلك.

وقال رئيس الحكومة مخاطباً الطلاب "ليس مقبولاً أن يمنع من يرفضون ولوج المدرجات أصدقاءهم من الطلبة من متابعة دراستهم".

مطالب بمستشفيات وأطباء

إذا كانت العلاقة بين الحكومة وطلبة الطب، قد وصلت إلى هذا الحد، فإن البعض من ساكني المناطق النائية بالمغرب، والتي لا تتوفر في أغلبها المستشفيات والرعاية الطبية، يعتبرون أن "رفض طلبة الأطباء العمل في المناطق النائية في ظل قانون الخدمة الإجبارية يدخل ضمن صراعهم السياسي مع الوزارة الوصية، ولا يعني الساكنة في شيء"، كما أكد ذلك الفاعل الجمعوي سعيد الكرتاح.

المتحدث ذاته، قال أن ساكنة منطقة "إمجاط" التي ينتمي إليها،(جنوب المغرب) "كل ما تطلبه هو توفير الأطباء بالمنطقة، خاصة وأنها تعرف نقصاً حاداً في الموارد البشرية".

وأضاف عدد سكان المنطقة يفوق 40 ألف نسمة، وهي بدون طبيب، بعد ذهاب الطبيب الوحيد الذي كان موجوداً لأداء مناسك الحج منذ أكثر من شهرين، ولم يعد بعد لمزاولة عمله.

وطالب الفاعل الجمعوي سعيد الكرتاح، في حديثه لـ"عربي بوست"، بمستشفى محلي يكون قادراً على استقبال جميع الحالات، إلى جانب إحداث دار للأمومة تفادياً لتزايد حالات وفاة الأمهات الحوامل وأطفالهن، وذلك بعد تعيين كوادر طبية في المنطقة.

النشطاء يتفاعلون

رواد مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلوا بدورهم مع هذا التدخل الأمني للسلطات في حق طلبة كلية الطب، لكون الأمر يعد حدثاً جديداً لم تعهده كليات الطب بالمغرب.

الصحفي محمد أحداد، اعتبر أن تأليب وزارة الصحة للشارع المغربي ضد طلبة الطب، بدعوى عدم رغبتهم في الاشتغال بالمناطق النائية ما جعل البعض يبرر التدخل الأمني في حق الطلبة: "أمر يبعث على الاشمئزاز"، مضيفاً في تدوينته بفيسبوك أن "التضامن لم يكن يوماً يخضع للتجزيء، هؤلاء ينتمون إلينا، منهم الغني والفقير والمسحوق، جاؤوا لتحصيل العلم، لا أن تنهال العصي على ظهورهم وتعتقلهم الشرطة بطريقة بشعة".

الناشطة وعضو حركة "20 فبراير" سارة سوجار، اعتبرت أن التعنيف مرفوض، مؤكدة أن الحرم الجامعي ضحى من أجله أجيال من الطلبة حتى لا يتم اقتحامه من طرف الأمن، قبل أن تضيف على صفحتها بفيسبوك أن "أهم القرارات الحاطة بكرامة المغاربة كلها مرت في عهدك يا بنكيران، بعدما وعدت المغاربة بأنك الحل لإخراج المغرب من أزمة الربيع الديمقراطي".

من جانبه، محمد يتيم قيادي حزب العدالة والتنمية الذي يقود الائتلاف الحكومي بالمغرب، دعا إلى ضرورة جلوس الأطراف المعنية على طاولة الحوار، مشيراً إلى أن "تعنيف الطلبة الأطباء مرفوض، ومنع الطلبة الأطباء الذين يريدون استئناف الدراسة – إن صح – مرفوض لأنه عنف بطريقة أخرى، والأولى أن يجلس الطرفان لحوار جاد ومسؤول".

وكان قانون الخدمة الإجبارية في المناطق النائية قد أثار جدلاً كبيراً بين وزارة الصحة وطلبة كليات الطب، وهو القانون الذي يجبر خريجي هذه الكليات على أن يعملوا لسنتين بالمناطق النائية.

ويعتبر وزير الصحة الحسين الوردي أنه من الضروري على الخريجين الاشتغال في المناطق النائية قصد تقديم خدمات صحية للمغاربة القاطنين بأعالي الجبال، فيما اعتبر الطلبة الأمر خطوة من الحكومة لرميهم نحو البطالة بعد انتهاء فترة الخدمة الإجبارية.

اقرأ أيضاً

قانون لجوء الأجانب في مصر يثير الجدل.. كيف أجبر الاتحاد الأوروبي القاهرة على الإسراع بتمريره؟

دعم “الفقراء” في المغرب.. قصة “مؤشر” حكومي استبعد مليون أُسرة من تعويضات شهرية بسبب “خروقات”