الفلسطيني الجديد

الفلسطيني الجديد ليس مؤطراً فقد باتت الفصائل الفلسطينية أضيق من أن تستوعب حركته وأعجز من أن تؤطر طاقة غضبه ورفضه للواقع المرير الذي يعيش، وقد ظهر بشكل جديد لا تحكمه أيديلوجية فصائلية أو حزبية .

عربي بوست
تم النشر: 2015/10/22 الساعة 03:54 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/10/22 الساعة 03:54 بتوقيت غرينتش

ظل الشباب الفلسطيني على مدار صراعه مع الاحتلال ثائراً لأجل الثورة، وإن كان الفشل مصاحباً للمشهد الأخير على الدوام من قبل السياسيين وصناع القرار، إلا أن المشهد الأساسي للثورة طالما صنعه الشباب الثائرون، والذين ظل دورهم أيضاً محصوراً بين الفعل ورد الفعل كوقود وتضحية لعمليات تسوية قادمة.

لقد أفرزت السنوات العشر الماضية الفلسطيني الجديد، الذي ولد بعد أوسلو، وعاش الحصار والتضييق والفشل المتراكم لسنوات طويلة من عملية التسوية التي لم تحقق أي شيئ بل زادت وتيرة الاستيطان والتضييق والحواجز ما بعد عملية السور الواقي 2004، وكل ذلك مقابل المساعدات المالية المقدمة للسلطة وانحصرت المعادلة في نقطة أساسية "المساعدات مقابل التنسيق الأمني" استثني منها الشباب الفلسطيني فنخرت في عظمه البطالة والفقر وضبابية المستقبل، وراهن رهط من السياسيين الفلسطينيين على أن الفلسطيني الجديد لم يعد قادراً على فعل شيئ فقد تم تدجينه ضمن نظرية الخوف والاستعباد.

لن يخسر الفلسطيني الجديد أي من الامتيازات التي لم يحصل عليها أصلاً، فهو لا يملك VIP أو راتباً كبيراً في وظيفة مرموقة داخل أجهزة السلطة، ولا سيارات فاخرة ولا فيلا، ولا يعرف أين يمضى بمستقبله فلا يوجد ما يخسره من الثورة وتبعاتها، فبدأ يبحث عن وطن حقيقي يحتضن طموحه وآماله.

أما الدافع الأساسي الذي حرك الجماهير الشبابية الفلسطينية أن قيادات الثورة الفلسطينية كانت وما تزال مرفهة على الدوام، تحاول امتصاص غضبه بين الفينة والأخرى بتصريحات ووعودات لم يتحقق منها شيء، وأمام التغيرات الكبيرة الحاصلة في المنطقة العربية وأمام التطور العلمي والتكنولوجي الهائل في عصر العولمة بقي الفلسطيني ثابتاً يرواح مكانه على الدوام حتى جاءت لحظة الصفر التي نسفت معها كل شيء نقلت الفلسطيني الجديد من موقف المتفرج إلى صانع الحدث.

الفلسطيني الجديد ليس مؤطراً فقد باتت الفصائل الفلسطينية أضيق من أن تستوعب حركته وأعجز من أن تؤطر طاقة غضبه ورفضه للواقع المرير الذي يعيش، وقد ظهر بشكل جديد لا تحكمه أيديلوجية فصائلية أو حزبية .

وصدق جورج أوريل حين قال في روايته "1984": إذا لم يكن من المرغوب فيه أن يكون لدى عامة الشعب وعي سياسي قوي، فكل ما هو مطلوب منهم وطنية بدائية يمكن اللجوء إليها حينما يستلزم الأمر.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد