صباح ليلى يبدأ يومياً من الساعة 5 فجراً انتظاراً للماء االذي يضن عليهم في بعض الأيام، ولا يأتي رغم ساعات انتظارها الطويلة هي وزوجها، وتقاسمهما المهمات ما بين وقوفها قرب الحنفية في المنزل وانتظار زوجها عند "العداد" في مدخل البناء على أمل سماع صوت ضخ الماء.
فرحتهما لا تكتمل في كثير من الأحيان، فرغم قدوم الماء المنتظر لكنه غالباً ما يترافق مع انقطاع للكهرباء، وبالتالي يصبح صعود الماء لمنزلهم ضرباً من المستحيل خاصة مع انتشار ظاهرة "الموتور الحرامي" الذي تفنن بعض السوريين في تركيبه وربطه بمولدات الكهرباء ليحصل صاحبه وحده على المياه دون غيره تاركاً لجيرانه حرقة الانتظار، وملء بعض الأوعية المنزلية بدلاً من الخزانات.
المياه ورقة ضغط!
أزمة المياه لم تكن غائبة عن حياة السوريين حتى قبل الأزمة، لكن الوضع اليوم بات يزداد سوءاً مع استمرار استخدام نبع بردى كورقة ضغط ضد النظام من قبل المعارضة المسلحة المتمركزة هناك، والتي تعمّدت منذ شهرين قطع المياه عن دمشق ونشر مقاطع فيديو تثبت تحويلها مياه النبع إلى مجرى النهر بدلاً من منازل العاصمة.
الأمر الذي تسبب في ردة فعل عسكرية عنيفة من القوى العسكرية السورية أتبعه اتفاق عادت بموجبه المياه لتروي منازل دمشق وإن كانت بقوة أضعف تكاد تكفي الحاجة اليومية فقط في معظم المناطق، وما يزيد من مشاكل المياه تعرض بعض الأنابيب للأعطال أو الانفجار وصعوبة الوصول إليها باعتبار أنها واقعة في مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة.
ارتفاع في الأسعار
ليلى في حديثها لـ "عربي بوست"، أكدت أنه رغم صعوبة الظروف داخل دمشق لكنها تبقى أفضل من أطراف العاصمة، فالحل الوحيد هناك شراء المياه سواء للاستخدامات المنزلية أو للشرب، والأمر كله بات يشكل عبئاً كبيراً على المواطن.
وارتفعت أسعار المياه المعبأة أو حتى مياه الصهاريج، واليوم يكلف ملء الخزان مبلغاً يصل ل 1000 ليرة وهو يكفي حوالي أسبوع في أفضل تقدير، أما عبوات المياه فيصل سعر عبوة الليتر إلى 75 ليرة وقد يرتفع هذا السعر في فترات الأزمات.
"حياة" وهي من سكان جرمانا تقول لـ "عربي بوست"، إن "أزمة المياه عندهم لها حكاية أخرى فهي تأتي كل 3 أيام مرة واحدة فقط، وهي مياه غير صالحة للشرب وتحتاج لكثير من الصبر والانتظار".
أما بالنسبة لمياه الشرب توضح حياة بأنها حتى الآن تُعتبر أسعارها مقبولة فكل 10 ليترات من المياه تعادل 25 ليرة سورية، وهي تباع في البقاليات المنتشرة بجرمانا، والتي تحصل عليها عبر صهاريج حكومية.
3 ساعات… 3 ساعات!
الكهرباء بالنسبة لسكان دمشق أصبحت ترفاً ورفاهية، الأمر الذي أكده علي لـ "عربي بوست"، بقوله "تكيفنا مجبرين على وضع الكهرباء التي تنقطع بشكل دوري على مدار اليوم بمعدل 3 ساعات".
لا رقم ثابت لساعات انقطاع الكهرباء، ففي بعض الأحيان قد تنقطع لأكثر من 5 ساعات متواصلة، وأحياناً أكثر "لتمسي شيئاً نادراً في حياتنا، الأمر الذي يتبعه تلف كافة محتويات البراد والثلاجة". على حد قول علي.
ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل أصبح غسل الملابس قضية صعبة قد تستمر حتى عدة أيام تبعاً لساعات الكهرباء.
الشواحن والمولدات هي الحل
تكيف السوريون مع ظروف الأزمة وابتكروا عدة حلول، حيث انتشرت في الأسواق مختلف أنواع الشواحن والمولدات بمختلف الأسعار.
وهناك أمور عديدة تعتمد أساليب مميزة في الشحن كالمراوح التي تستخدم بطاريات يتم شحنها خلال فترة وجود الكهرباء لتُستخدم خلال فترة الانقطاع، ومن المواد الأخرى المنتشرة في السوق بطاريات مخصصة لـ "الرواتر" لضمان تواجد الإنترنت خلال فترة انقطاع الكهرباء، وغالباً ما تكون مزودة هذه البطاريات بمأخذ " USB" لشحن الموبايلات.
ومع فترات الانقطاع الشديد يمسي منظر السوريين وهم داخلون لأماكن عملهم برفقة بطاريات الشحن أمراً مألوفاً خاصة بالنسبة لموظفي القطاع الحكومي.
المازوت… نادر جداً
قلق السوريون لا يقف عند تفاصيل الحياة هذه فقط، بل أيضاً هناك قلق كبير أن يكون فصل الشتاء القادم شبيهاً بما مرّ عليهم العام الماضي، منهم أحمد موظف في أحد المؤسسات الحكومية الذي عانى بشكل كبير من الانقطاع المستمر في الكهرباء وانقطاع المازوت.
أحمد قال: "أتمنى ألا يكون هذا الشتاء قاسياً كالشتاء الماضي" ويضيف "ارتفعت أسعار المازوت مجدداً ولا أعلم إن كانت ستتوفر خلال الفصل البارد".
وكانت الحكومة السورية رفعت مؤخراً أسعار المازوت ليبلغ سعر الليتر 135 ليرة سورية عوضاً عن 130، كما رفعت أسعار أسطوانات الغاز إلى 1800 ليرة سورية، بعد أن كانت 1600 ليرة.
الزيادة، ليست الأولى خلال الأزمة إذ سبقها رفع لسعر ليتر المازوت منتصف أغسطس/ آب 2015 من 125 إلى 130 ليرة سورية، في حين قامت الحكومة برفع سعر أسطوانة الغاز أواخر يناير/ كانون الثاني من نفس العام.
ولم تسلم ربطات الخبز الاحتياطية من زيادة الأسعار فبعدما كانت تُباع قبل الأزمة بـ 15 ليرة أصبح سعرها اليوم 50 ليرة.