من الشارع المصري.. الأسباب التي دعت المواطنين للعزوف عن المشاركة بالانتخابات البرلمانية

"لن أذهب للإدلاء بصوتي لأنني غير مقتنع بوجود مرشحين يستحقون تمثيلي على المستوى الشخصي أو البرامج الانتخابية"، وفق هذا الرأي قرّر "محمد أيمن" عدم الذهاب إلى مركز الاقتراع للمشاركة في الانتخابات النيابية التي تجري على مدار يومين بمصر في ثالث استحقاق انتخابي تشهده البلاد بعد عامين من الإطاحة بمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطياً في مصر.

عربي بوست
تم النشر: 2015/10/19 الساعة 04:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/10/19 الساعة 04:55 بتوقيت غرينتش

فتحت لجان الاقتراع أبوابها صباح الإثنين 19 أكتوبر/ تشرين الأول في الجيزة و13 محافظة مصرية أخرى في اليوم الثاني من المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية التي يقول الرئيس عبد الفتاح السيسي إنها خطوة مهمة نحو الديمقراطية ويقول معارضوه إنها ستأتي بمجلس نواب يصدق فقط على قراراته.

وشهد مراسلوا رويترز الذين زاروا للجان الاقتراع الأحد واليوم الإثنين اقبالا ضعيفا على الاقتراع على عكس الصفوف الطويلة التي شهدتها لجان الاقتراع في انتخابات عام 2012.

عزوف عن التصويت

"لن أذهب للإدلاء بصوتي لأنني غير مقتنع بوجود مرشحين يستحقون تمثيلي على المستوى الشخصي أو البرامج الانتخابية"، وفق هذا الرأي قرّر "محمد أيمن" عدم الذهاب إلى مركز الاقتراع للمشاركة في الانتخابات النيابية التي تجري على مدار يومين بمصر في ثالث استحقاق انتخابي تشهده البلاد بعد عامين من الإطاحة بمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطياً في مصر.

حالة عزوف محمد، الذي لم يتجاوز الأربعين عاماً من عمره، لم تكن استثنائية خلال العملية الانتخابية، التي بدأت الأحد 19 أكتوبر/تشرين الأول 2015، داخل مصر، بعد يوم من خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسي، دعا فيه كل فئات المجتمع للتوجه لمراكز الاقتراع، وبالتزامن مع دعوات المعارضة بمقاطعة الانتخابات، وأحوال معيشية متدهورة للمواطن المصري عموماً، وانخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأميركي.

خيبة أمل

ترى سيدة مصرية في اتصال هاتفي مع الإعلامي المصري عمرو أديب، أن السبب وراء عدم نزولها للإدلاء بصوتها في الانتخابات البرلمانية الحالية رغم مشاركتها في اغلب الاستحقاقات السياسية التي تلت ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، يعود إلى عدم ثقتها في القائمين على الحكم في مصر بعد انقلاب 3 يوليو/ تموز 2015 الوعود السياسية والاقتصادية الكثيرة التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، بعد وصوله للحكم في يونيو/ حزيران 2014 ولكن تلك الوعود لم يتحقق منها شيء مما أصابها بخيبة الأمل والإحباط .

الحالة الاقتصادية

لم يختلف موقف الرجل الخمسيني (رفض ذكر اسمه) الذي يعمل في مهنة قطع التذاكر لحافلة غربي الجيزة (إحدى محافظات القاهرة الكبرى)، عن موقف محمد أيمن كثيراً، حيث ربط بين الأحوال المعيشية الصعبة ووقته الذي لا يريد أن يهدره بعيداً عن العمل، قائلاً: "هتعب ليه (لماذا)؟.. وأروح (أذهب) أنتخب.. هناخد إيه (ماذا سنحصل) إحنا (نحن) بندور (نبحث) على لقمة العيش الصعبة ونروح (نعود منازلنا) تعبانين (مجهدين)".

وتجري الجولة الأولى من الانتخابات النيابية التي شهدت الأحد إقبالًا محدودًا من المصوتين، في 14 محافظة مصرية على مدار يومين هي: "الجيزة (غربي العاصمة) والفيوم وبني سويف والمنيا (وسط) وأسيوط والوادي الجديد وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان (جنوب) والبحر الأحمر (جنوب شرق) والإسكندرية والبحيرة (شمال) ومرسى مطروح (شمال غرب)، بحسب اللجنة العليا للانتخابات (هيئة قضائية).

عدم الاقتناع بالبرامج الانتخابية أو الحالة الاقتصادية بحسب رأي المواطنين السابقين، يضاف لهم في الإسكندرية (شمال) ثلاثة آراء تذهب إلى حالة الواقع الذي يرفضه الشباب والرفض السياسي للنظام وفشل السلطات في إقناع المصريين بالمشاركة في الانتخابات.

"الدبابات تسحق النتائج"

فعلى مقهى في منطقة ميامي بالإسكندرية، عبدالحي الفخراني، (45 عامًا) يطرح سببًا آخر لعدم توجهه لمركز الاقتراع للإدلاء بصوته متساويًا مع الشباب قائلاً: "اتخذت قرارًا منذ أحداث 30 يونيو/حزيران 2013 (التي أدت بنهايتها لإطاحة الجيش بالرئيس مرسي) بعدم المشاركة في أي انتخابات مرة أخرى، ما دمت حيًا".

وقال في تصريح صحفي: "أصواتنا كمصريين ليس لها قيمة، فمهما انتخبنا ووقفنا بالساعات والأيام في طوابير طويلة، ستأتي الدبابات لتسحق نتائجها في أي وقت"، (في إشارة إلى انقلاب الجيش على محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا).

وبرّر علاء خلف الله، تاجر الأقمشة في منطقة العجمي بالإسكندرية، جلوسه في المقهى بدلًا من التوجه إلى مركز الاقتراع، بأن الانتخابات وعدمها سواء، في وجهة نظره، قائلًا: "أنا مقاطع للانتخابات وغير مبالٍ بما ستسفر عنها من نتائج".

عزوف للشباب

عزوف الشباب عن المشاركة تطرحه الحاجة فتحية عبدالسلام (62 عامًا)، قائلة: "رغم رفض أبنائي الـ4 المشاركة في العملية الانتخابية (لم تحددًا سببًا)، إلا أنني صممت على التوجه للجنة بنفسي دون مساعدة من أحد، والإدلاء بصوتي ورفض التغييب مهما كانت الظروف".

ويتعجب عزت أبوالسعود (71 عامًا) من عزوف الشباب عن المشاركة في الانتخابات، قائلا لمراسل الأناضول: "أنا متعجب من غياب الشباب بهذه الصورة، وكأن الأمر لا يعنيهم".

هذا العزوف أدركه أيضا هيثم الحريري، المرشح في دائرة محرم بك، (39 عامًا)، قائلاً: "هناك فشل في حشد الشباب أمام اللجان الانتخابية، ولم يتقدم حتى الآن للإدلاء بصوته سوى كبار السن من الجنسين، في ظاهرة تؤكد وجود أزمة حقيقية في الشارع المصري".

أحمد سلامة (61 عامًا)، المرشح بدائرة ميناء البصل بالإسكندرية، قال إن "جميع المرشحين ووسائل الإعلام بكل أنواعها والحكومة المصرية بأجهزتها فشلت في إقناع المواطنين بالمشاركة في التصويت في انتخابات البرلمان المصري، وخاصة فئة الشباب، وظلت اللجان ومراكز الاقتراع خاوية سوى من كبار السن".

آراء الأشخاص مواطنين ومرشحين، بعدم المشاركة في العملية الانتخابية لأسباب عديدة، تم تفعيلها لدى قوى شبابية أخرى مثل "6 إبريل"، الحركة الشبابية المعارضة بمصر، بدعوة لاختيار قوائم رمزية بأسماء شباب سياسيين مسجونين، وآخرون لجؤوا للتدوين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، للتعبير عن فكرة عدم المشاركة، مقترحين هاشتاغ "#بدل (مكان)_ماتنتخب"، لاقتراح وسائل ترفيه بديلة عن الذهاب لمراكز الاقتراع، بجانب بيانات من الإخوان وقوى سياسية بالحث على مقاطعة الانتخابات.

المعارضة: المقاطعة حققت هدفها

إلى ذلك قال معارضون مصريون بارزون (أغلبهم خارج البلاد) إنهم "يحيون الشعب البطل الذي أعطى للظالمين درسًا قاسيًا بمقاطعته انتخابات جرى تزييفها قبل أن تبدأ، معلنًا رفضه لسلطة تجرّ البلاد إلى هاوية سياسية واقتصادية واجتماعية".

جاء ذلك في بيان موقع عليه من: "أيمن نور (زعيم حزب غد الثورة)، ثروت نافع (برلماني سابق)، حاتم عزام (برلماني سابق)، سيف عبدالفتاح (أستاذ علوم سياسية بجامعة القاهرة)، طارق الزمر (رئيس حزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية)، الشاعر عبدالرحمن يوسف، عمرو دراج (قيادي إخواني)، محمد محسوب (وزير سابق)، يحيى حامد (مستشار أول رئيس مدني منتخب بمصر محمد مرسي)".

كما وقع عليه عدد من المعارضين البارزين بالقاهرة والمحافظات، تم التحفظ على أسمائهم لدواعٍ وصفوها بـ"الأمنية".

وأضاف البيان "بغض النظر عما ستقوم به سلطة القمع (في إشارة إلى السلطات الحالية)، لمحاولة إخفاء نكستها ورفض الشعب لشرعيتها فإن خطوتكم المباركة حققت هدفها وكشفت عورات نظام حاول يائسًا اصطناع شعبية أو ادعاء شرعية".

وتابع "سيكون موقفكم الشجاع اليوم – رغم الترغيب والتهديد – إيذانا بتلاحم الجميع خلف هدف وطني واحد هو استعادة الحرية وتحقيق العدالة وإعلاء الكرامة".

ثالث استحقاق من "خارطة الطريق"

والانتخابات النيابية هي ثالث الاستحقاقات التي نصت عليها "خارطة الطريق"، التي تم إعلانها في 8 يوليو تموز 2013 عقب إطاحة الجيش بمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا، وتضمنت أيضًا إعداد دستور جديد للبلاد (تم في يناير/كانون الثاني 2014)، وانتخابات رئاسية (تمت في يونيو/حزيران 2014).

وأجريت الانتخابات البرلمانية خارج البلاد في 17 و18 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، فيما انطلقت داخل مصر على مرحلتين بدءاً من يومي 18 و19 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

وستجرى جولة الإعادة في 26 و27 من أكتوبر/تشرين الأول خارج البلاد، أما داخلها فستجرى في 27 و28 من الشهر ذاته.

فيما تجري المرحلة الثانية من الانتخابات في 13 محافظة من ضمنها محافظة القاهرة ومدن القناة وسيناء في 21 و22 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وداخل البلاد يومي 22 و23 من الشهر ذاته.

وستقام جولة الإعادة في المرحلة الثانية في 30 أكتوبر و1 نوفمبر/تشرين الثاني، وفي الداخل 1 و2 نوفمبر/تشرين الثاني.

تحميل المزيد