اقتراب الانتخابات البرلمانية المصرية، ووسط توقعات بضعف المشاركة، وعزوف فئات من المصريين خاصة الشباب عن العمل السياسي منذ أحداث 3 يوليو/تموز 2013، لجأت الحكومة المصرية لتطبيق غرامة مالية قدرها 500 جنيه مصري (حوالي 70 دولاراً أميركياً)، على من يقاطع الانتخابات، في محاولة لدفع الجماهير – خاصة الفقراء – للمشاركة.
هذا القرار يأتي تطبيقاً للمادة رقم 57 من قانون مباشرة الحياة السياسية الذي ينصل على أنه "يُعاقب بغرامة لا تتجاوز 500 جنيه من كان اسمه مقيداً بقاعدة بيانات الناخبين وتخلف بغير عذر عن الإدلاء بصوته في الانتخاب أو الاستفتاء".
إرضاءً للرئيس
عبدالغفار شكر، رئيس حزب التحالف الشعبي، وصف الغرامة المالية بأنها "ابتزاز سياسي"، بدأت الدولة في استخدامه في الاستفتاء على دستور 2013 والانتخابات الرئاسية 2014، لتخويف الناس ودفعهم للمشاركة في ظل حالة العزوف لبعض الفئات عن المشاركة في العمل السياسي خاصة الشباب.
وأوضح شكر في تصريحاته لـ"عربي بوست" أن وسائل الإعلام المختلفة استخدمت موضوع الغرامة في الحشد، كمحاولة منها لإرضاء الرئيس عبدالفتاح السيسي بدفع الناس للمشاركة، خاصة من فئات اجتماعية معينة تعاني من أزمات اقتصادية، وستكون تلك الغرامة عبئاً عليها.
من جانبه رفض أحمد بلال، عضو المكتب السياسي بحزب التجمع المرشح في انتخابات البرلمان، تطبيق الغرامة على عدم المشاركين في عملية التصويت كونه إجراءً غير منطقي، معتبراً أن التصويت حق، ومن حقي أن أمارس هذا الحق من عدمه.
وتابع بلال في تصريحه لـ"عربي بوست" أنه في حالة وجود تيار مقاطع للانتخابات فهذا موقف سياسي يجب أن يحترم، وقال: "رغم أنني مرشح وأتمنى أن تشارك الجماهير إلا أن الأنظمة الديمقراطية تتيح حق المقاطعة مثلما تتيح حق المشاركة".
وطالب بلال الحكومة المصرية إذا كانت تريد أن تتعامل مع الانتخابات كواجب وطني، أن تقوم أولاً بتوعية الناس بهذا الواجب، عن طريق طرق الأبواب لرفع مستوى التوعية لدى المواطنين، قبل أن أطالبهم بدفع الغرامة، التي أكد أنه من المستحيل تطبيقها لأن أعلى نسب التصويت في مصر لم تتخطَّ نسبة 40% من إجمالي 55 مليون ناخب لهم حق التصويت، وبالتالي هناك ملايين يصعب على الدولة تحصيل الغرامة منها.
الغرامة للحشد
من جانبه قال المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، لـ"عربي بوست" إن "العملية الانتخابية يتم التعامل معها باعتبارها واجباً وطنياً وليست حقاً، ومن هذا المنطلق تم سن هذه الغرامة؛ لأن التخلف عن الواجب يقابله عقاب".
الجمل يرى أنه بسبب انتشار الأمية بين غالبية المصريين، فهم بحاجة إلى وسائل للترغيب والترهيب لدفعهم للمشاركة في العملية السياسية، على حد تعبيره.
وأشار إلى أن الغرامة تم تطبيقها بشكل جزئي فى ستينيات القرن الماضي، لصعوبة تطبيقها كلياً فى ظل ارتفاع تعداد الناخبين، وكون النيابة العامة هي الموكلة بعملية تطبيق الغرامة.
غير دستورية
من ناحية أخرى، أكد الدكتور مجدي عبدالحميد، رئيس الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، لـ"عربي بوست" أن وجود المادة الخاصة بالغرامة في قانون مباشرة الحقوق السياسية للمتخلفين عن المشاركة في الانتخابات أمر غير دستوري، ولكن لم يقم حتى الآن شخص بإقامة دعوى قضائية بعدم دسوريته أما المحكمة الدستورية العليا، مرجعاً ذلك لأن الغرامة تخص الفقراء ولا يمتلك أحد منهم رفاهية رفع دعوى ضد الدولة.
بداية التهديد
ومن جابنه صرح مصدر قضائي باللجنة العليا للانتخابات المشرفة على الانتخابات البرلمانية المصرية، بأن اللجنة ستؤكد على قرار الغرامة التي فرضها قانون الانتخابات، في حالة عدم الإدلاء بالصوت والتي حددها بـ500 جنيه.
وأوضح المصدر فى تصريحات لموقع "برلماني" المصري أن الحديث عن توقعات ضعف المشاركة قد يلزم اللجنة العليا للانتخابات بتذكير المواطنين بتلك الغرامة، لحثهم على المشاركة.
يذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تتحدث فيها الجهات المسؤولة بمصر عن الغرامة المالية، فمع ضعف الإقبال على التصويت في الاستفتاء على الدستور في 2013، والانتخابات الرئاسية في 2014 لجأت الدولة إلى ترهيب المواطنين بالغرامة في أغلب وسائل الإعلام المصرية، ما دفع الكثير من الفقراء للذهاب إلى التصويت خوفاً من الغرامة.