اتخذ المجلس الوزاري الإسرائيلي الأمني المصغر، فجر الأربعاء 14 أكتوبر/تشرين الأول 2015، إجراءات أمنية مشددة لوقف هجمات الفلسطينيين، من بينها تفويض الجيش بحراسة المواصلات في القدس، فيما دعا وزير الخارجية الأميركي إلى وقف دوامة العنف، وأدانت الأمم المتحدة الاستخدام المفرط للقوة.
فرض حظر التجول
وفي أول ترجمة عملية للقرارات، سمحت إسرائيل للشرطة بإغلاق أحياء فلسطينية في القدس الشرقية صباح الأربعاء، وقررت نشر جنود على الطرق السريعة.
وكان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال في بيان له إن "الحكومة الأمنية قررت عدة إجراءات للتصدي للإرهاب بينها، السماح للشرطة بإغلاق أو فرض حظر تجول في أحياء بالقدس في حال حدوث احتكاكات أو تحريض على العنف".
ووافق المجلس الوزاري المصغر على تجنيد 300 حارس إضافي لحماية المواصلات العامة في القدس بكلفة 80 مليون شيكل (حوالي 20.6 مليون دولار)، وتعزيز قوام الشرطة بقوات من الجيش ستنتشر في المدن وعلى الطرقات.
وأضاف البيان أن "الحكومة سمحت إضافة إلى هدم منازل الإرهابيين، بعدم السماح بأي بناء جديد في المنطقة المعنية، ومصادرة أملاك الإرهابيين وسحب ترخيص الإقامة في إسرائيل".
وكان نتنياهو قد توعد أمام البرلمان باستخدام "كافة الوسائل لإعادة الهدوء".
وقال إن الحكومة "ستقرر (الثلاثاء) وسائل إضافية قوية تدخل حيز التطبيق بأسرع ما يمكن".
وقف دوامة العنف
إلى ذلك أدانت الولايات المتحدة الأميركية ما سمّته الهجمات الإرهابية التي وقعت ضد مدنيين إسرائيليين وأسفرت عن مقتل 3 إسرائيليين وإصابة آخرين بجروح.
وزير الخارجية الأميركي جون كيري في بيان تلاه في مؤتمر صحافي في بوسطن الثلاثاء جدّد دعوته الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني الى وقف دوامة العنف وإرساء الهدوء.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن بان كي مون "أدان كل أعمال الإرهاب التي شهدناها في إسرائيل وفلسطين".
لكنه أضاف أن "الاستخدام المفرط كما هو ظاهر للقوة من جانب قوات الأمن الإسرائيلية يثير كذلك القلق ويجب إعادة النظر فيه بجدية".
وقتل ثلاثة إسرائيليين في هجومين الثلاثاء، أحدهما داخل حافلة بسلاح ناري في القدس الشرقية والثاني بواسطة سيارة صدم سائقها مارة ثم هاجمهم بسكين في القدس الغربية.
وكان ذلك أول هجوم بسلاح ناري في القدس منذ اندلاع موجة العنف في الأول من أكتوبر/تشرين الأول والتي خلفت 30 قتيلاً فلسطينياً وسبعة قتلى إسرائيليين.
واستمر التوتر الثلاثاء في الضفة الغربية المحتلة، حيث دعا الفلسطينيون إلى "يوم غضب"، واندلعت مواجهات جديدة بين المئات من الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين قرب مستوطنة بيت إيل قرب رام الله وحاجز قلنديا العسكري بين رام الله والقدس، وبيت لحم التي قتل فيها شاب فلسطيني، بحسب ما أفادت مصادر طبية فلسطينية.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان: "استشهد الشاب معتز زواهرة (27 عاماً) من مخيم الدهيشة في بيت لحم".
وبذلك، يرتفع عدد الفلسطينيين الذين قتلوا منذ الأول من أكتوبر إلى 30 منهم 11 في قطاع غزة، وفق المصدر نفسه.
اشتباكات في غزة
وفي قطاع غزة رشق نحو ألف شاب فلسطيني بالحجارة والزجاجات الحارقة معبر إريتز، وأصيب 32 فلسطينياً على الأقل بجروح بأعيرة الجنود الإسرائيليين، بحسب أجهزة الإسعاف الفلسطينية.
ويشعر الشبان الفلسطينيون بإحباط مع تعثر عملية السلام واستمرار الاحتلال الإسرائيلي وزيادة الاستيطان في الأراضي المحتلة بالإضافة إلى ارتفاع وتيرة هجمات المستوطنين على القرى والممتلكات الفلسطينية.
ويلقي عشرات الفلسطينيين الحجارة والزجاجات الحارقة على الجنود الإسرائيليين الذين يردون في الغالب باستخدام الرصاص الحي والمطاطي.
من جانبه، قال وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز المقرب من نتنياهو: "ليس هناك وصفة سحرية. في الانتفاضتين السابقتين استغرقنا الأمر أياماً وأسابيع وحتى سنوات للتغلب عليهما. آمل هذه المرة أن يتم الأمر بسرعة أكبر".
إلى الجنائية الدولية
بينما أعلن أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات في رام الله أن السلطة بدأت "تجميع المعلومات لتقديم وإحالة ثلاثة ملفات لرئيس الوزراء نتنياهو ورئيس دفاعه وقادة الأجهزة الأمنية ووضع الملفات بشكل فوري أمام المحكمة الجنائية الدولية وتحميلهم المسؤولية الكاملة"، مشيراً إلى أن ما يحدث في القدس هو "إعدامات جماعية".
وتنذر موجة العنف الحالية باندلاع انتفاضة شعبية فلسطينية ثالثة ضد الاحتلال الإسرائيلي بعد انتفاضتي 1987-1993 و2000-2005.
وامتد التوتر الذي بدأ قبل أسابيع في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلتين إلى العرب في إسرائيل.
وأعلنت لجنة المتابعة العربية العليا إضراباً عاماً، الثلاثاء، في المدن العربية داخل إسرائيل.
وعمّ الإضراب الشامل مدن وقرى وبلدات عربية في إسرائيل.
إضراب شامل
وتظاهر أكثر من 10 آلاف عربي إسرائيلي مساء الثلاثاء في بلدة سخنين العربية شمال إسرائيل دعماً للفلسطينيين.
وهتف المشاركون الذين حملوا الأعلام الفلسطينية وارتدوا الكوفيات التقليدية باللونين الأسود والأبيض، "بالروح وبالدم، نفديك يا شهيد" و"لا للاحتلال ولا للاستيطان"، بحسب مراسلة فرانس برس.
وينحدر عرب إسرائيل الذين يقدر عددهم اليوم بـ1,4 مليون نسمة من 160 ألف فلسطيني بقوا في أراضيهم بعد قيام دولة إسرائيل عام 1948. يعانون من التمييز ضدهم خصوصاً في مجالي الوظائف والاسكان.
طلاب المدارس يضربون
وأضرب الطلاب في المدارس العربية، كما أضربت مدينة الناصرة كبرى المدن العربية وبلدات الجليل، واقتصر الإضراب في مدينة حيفا المختلطة على المدارس العربية وبعض محلات الأحياء العربية، بينما فتحت المطاعم والمقاهي أبوابها في الحي الألماني.
وقال رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة محمد بركة لوكالة فرانس برس إن "الفلسطينيين لم يبادروا للتصعيد، ومن بادر هو نتنياهو بعد خطاب محمود عباس في الأمم المتحدة لأنه يريد تحويل الصراع السياسي والاحتلال الإسرائيلي إلى صراع ديني".
السودان تدعو لقمة
إلى ذلك دعت دولة السودان إلى عقد قمة عربية طارئة على مستوى القادة، لـ"بحث تطورات الوضع الخطير في الأراضي الفلسطينية المحتلة لاسيما القدس والمسجد الأقصى الذي يواجه انتهاكات يومية ومستمرة تستفز مشاعر العرب والمسلمين بصورة متواصلة".
وقال السفير "عبدالمحمود عبدالحليم"، سفير السودان لدى مصر ومندوبه لدى الجامعة العربية، إن "الدعوة لقمة عربية طارئة أصبح أمراً لابد منه في ظل الوضع المتأزم الذي يعيشه الشعب الفلسطيني الذي ينذر بضياع الأقصى والقدس من أيدينا".
وأضاف عبدالمحمود في تصريحات صحفية، مساء الثلاثاء: "نحن نرى أن الوضع فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية يتجه إلى تصعيد وانتهاكات خطيرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي بل ومستوى غير مسبوق من الاعتداء على الشعب الفلسطيني الأعزل، وكذلك تهويد القدس وتدنيس المقدسات الإسلامية هناك لاسيما المسجد الأقصى الشريف، كل ذلك يستدعي تحركات غير مسبوقة وحزم جديد من قبل الدول العربية وقادتها للتعامل مع هذه المعطيات الجديدة".
ومساء أمس أيّد مجلس جامعة الدول العربية دعوة دولة الإمارات العربية المتحدة لعقد اجتماع طارئ لمجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية العرب، "لبحث الانتهاكات والاعتداءات المتواصلة التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وتهويدها للقدس وتدنيسها للمقدسات".