القوانين المنظمة للانتخابات في مصر.. تُبطِلها أحيانا

عربي بوست
تم النشر: 2015/10/14 الساعة 05:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/10/14 الساعة 05:37 بتوقيت غرينتش

لولا نص غير دستوري في أحد القوانين لكان لمصر برلمان منذ شهور طويلة.

لكن مع اقتراب موعد إجراء انتخابات برلمانية طال انتظارها لا أحد يضمن أن القوانين المنظمة لتلك الانتخابات صارت سليمة بما يقي المجلس النيابي خطر الحل.
فمصر بلا برلمان منذ عام 2012 عندما أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي أدار شؤون البلاد بعد انتفاضة 2011 قرارا بحل مجلس الشعب ذي الأغلبية الإسلامية تنفيذا لحكم أصدرته المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانون انتخاب المجلس.

وسيقترع الناخبون هذا الشهر والشهر المقبل لانتخاب برلمان جديد باسم (مجلس النواب) بعد أن كان اسم البرلمان (مجلس الشعب).
كان مقررا أصلا أن تجرى انتخابات مجلس النواب على مرحلتين في مارس آذار وأبريل نيسان من العام الحالي لكن مواطنا أقام دعوى أمام القضاء الإداري جاء فيها أن قانون تقسيم الدوائر الانتخابية لا يتوافق مع الدستور لأنه لا يضمن عدالة تمثيل المرشحين للناخبين.

وقال إن هناك دوائر عدد ناخبيها أكبر بكثير من دوائر أخرى رغم وحدة عدد ممثليها في البرلمان.

وتنص المادة 102 من الدستور على ضرورة أن يضمن تقسيم الدوائر الانتخابية "التمثيل العادل للسكان والمحافظات والتمثيل المتكافئ للناخبين."
وقبلت محكمة القضاء الإداري دعوى عدم دستورية المادة الثانية من قانون تقسيم الدوائر الانتخابية وأحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا التي قضت في الأول من مارس آذار بعدم دستورية المادة المطعون عليها من قانون تقسيم الدوائر.

وقالت المحكمة الدستورية العليا إن المادة المطعون بعدم دستوريتها تخالف أيضا أربع مواد أخرى في الدستور تنص إحداها على أن الدولة "تلتزم بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز" وتنص أخرى على أن الوحدة الوطنية "تقوم على مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين."
وفي أسباب حكمها عقدت المحكمة الدستورية العليا مقارنة بين كثير من الدوائر في محافظات مختلفة بينها على سبيل المثال دائرة حلوان في القاهرة التي قالت إن النائب عنها يمثل 220 ألفا و43 مواطنا مقابل 78 ألفا و175 مواطنا يمثلهم النائب عن دائرة الجمالية في نفس المحافظة.

تقسيم الدوائر

تنفيذا لحكم المحكمة الدستورية العليا الملزم للقضاء الإداري أرجأت اللجنة العليا للانتخابات الاقتراع بما سمح للحكومة بتعديل قانون تقسيم الدوائر الانتخابية. وصدر القانون معدلا من الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يتولى سلطة التشريع لعدم وجود برلمان في البلاد.

وقال المحامي أشرف طلبة لرويترز إن قانون تقسيم الدوائر الانتخابية لا يزال رغم تعديله بعيدا عن ضمان العدل في تمثيل النواب للناخبين مضيفا أن النائب المنتخب بالمنافسة الفردية يمثل نحو 160 ألف مواطن لكن النائب المنتخب على قائمة حزبية يمثل نحو 605 آلاف مواطن.

وينص قانون تقسيم الدوائر بعد تعديله على أن "تقسم جمهورية مصر العربية إلى 205 دوائر انتخابية تخصص للانتخاب بالنظام الفردي كما تقسم إلى أربع دوائر انتخابية تخصص للانتخاب بنظام القوائم."

ويبلغ عدد أعضاء البرلمان الذين سينتخبون بالنظام الفردي 448 نائبا مقابل 120 نائبا سينتخبون بالقوائم. ولرئيس الدولة أن يعين خمسة في المئة من عدد الاعضاء المنتخبين بحد أقصى.
وقال طلبة إنه يمثل مرشحا فرديا طعن على تعديلات قانون تقسيم الدوائر أمام القضاء الإداري وأشار إلى أن إعادة تقسيم بعض الدوائر كانت "عشوائية وغير دستورية".

وتوقع طلبة أن تجرى الانتخابات هذه المرة لكنه قال "هذا البرلمان لن يكمل شهورا في تصوري" بسبب أكثر من دعوى أمام القضاء الإداري يرجح أن تحال إلى المحكمة الدستورية العليا.
ويرى قانونيون أن قانون مجلس النواب وهو أحد القوانين المنظمة للانتخابات التشريعية ينطوي على إضعاف الحياة الحزبية التي يعليها الدستور مشيرين إلى اشتراط القانون استمرار العضو المنتخب في المجلس بذات الصفة التي انتخب عليها دون تغيير بعد انتخابه.

ونص القانون على أنه "يشترط لاستمرار العضوية بمجلس النواب أن يظل العضو محتفظا بالصفة التي تم انتخابه على أساسها فإن فقد هذه الصفة أو غير انتماءه الحزبي المنتخب على أساسه أو أصبح مستقلا أو صار المستقل حزبيا تسقط عنه العضوية بقرار من مجلس النواب بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس."

وصدر قانون مجلس النواب العام الماضي في وقت كان البادي فيه أنه لا يوجد من بين الأحزاب حزب لديه ما يكفي من الشعبية للفوز بأغلبية مقاعد مجلس النواب وتشكيل الحكومة.
وقال أستاذ القانون والفقيه الدستوري محمد نور فرحات لرويترز "قانون مجلس النواب وضع بحيث يأتي لمصر مجلس نواب ليس له أي توجهات سياسية."

وأضاف "أغلب أعضاء المجلس سيكونون من المستقلين الذين أتصور أنهم سيسعون لإبداء الولاء للسلطة التنفيذية. القوائم التي ترضى عنها الجهات الأمنية هي التي تخوض الانتخابات."
قال محمد يوسف مدير مركز إنسان حر للحقوق والحريات "زيادة على مشاكل تقسيم الدوائر يجيز قانون مباشرة الحقوق السياسية للقاضي المشرف على لجنة الانتخاب إبداء الرأي نيابة عن الناخب المعاق لكن مثل هذا العمل يجب أن تقوم به لجنة وليس شخصا واحدا."

من جانب آخر قال إن هناك مطالبات بمنع 11 حزبا من العمل السياسي كونها تقوم على أساس ديني "وهذا يهدد الانتخابات بالبطلان."

الدستور

كان ظن كثير من المصريين أن الحكومة ستستقيل بعد اكتمال انتخاب مجلس النواب الشهر المقبل لكن السيسي فاجأهم الشهر الحالي بأن الحكومة التي أدت اليمين القانونية أمامه الشهر الماضي ستستمر إلا إذا رفض البرلمان الثقة بها بعد أن تقدم إليه برنامج عمل خاص بها مع بدء الدورة البرلمانية.
واستند الذين انتظروا استقالة الحكومة إلى نص الدستور على أن رئيس الدولة يكلف شخصا بتشكيل حكومة يعرض برنامج عملها على مجلس النواب لنيل الثقة.
واستنادا لنفس النص قال السيسي إنه لن يكون هناك مجال لتشكيل حكومة جديدة إلا إذا رفض مجلس النواب الثقة بالحكومة التي يرأسها شريف إسماعيل.

وتنص المادة 146 من الدستور التي وردت بها علاقة مجلس النواب بتشكيل الحكومة على أنه "إذا لم تحصل حكومته (رئيس الوزراء المكلف من رئيس الدولة) على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوما على الأكثر يكلف رئيس الجمهورية رئيسا لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب.

"فإن لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوما عُد المجلس منحلا ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس نواب جديد خلال ستين يوما من تاريخ صدور قرار الحل."
وبعد انتخاب مجلس النواب الجديد في هذه الحالة يعاود رئيس مجلس الوزراء الأول عرض برنامج عمل حكومته عليه فإن لم يحصل على الثقة يكلف رئيس الدولة رئيسا آخر لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية المقاعد. لكن لا يوجد نص على أن حل المجلس يمكن أن يتكرر ولا يوجد نص على عكس ذلك.

وتقول المادة في ختامها إنه في حالة اختيار الحكومة من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب يكون لرئيس الجمهورية بالتشاور مع رئيس مجلس الوزراء اختيار وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل. ولا توضح المادة حدود التشاور كما لا توضح تبعات فشل مشاورات شغل المناصب الوزارية الحساسة الأربعة.

ويجيز الدستور لرئيس الدولة حل مجلس النواب في حالة أخرى إذ تنص المادة 137 على أنه "لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس النواب إلا عند الضرورة وبقرار مسبب وبعد استفتاء الشعب ولا يجوز حل المجلس لذات السبب الذى حل من أجله المجلس السابق.

"ويصدر رئيس الجمهورية قرارا بوقف جلسات المجلس وإجراء الاستفتاء على الحل خلال عشرين يوما على الأكثر. فإذا وافق المشاركون فى الاستفتاء بأغلبية الأصوات الصحيحة أصدر رئيس الجمهورية قرار الحل ودعا إلى انتخابات جديدة خلال ثلاثين يوما على الأكثر من تاريخ صدور القرار. ويجتمع المجلس الجديد خلال الأيام العشرة التالية لإعلان النتيجة النهائية."
ولم تحدد المادة الضرورة التي تستدعي حل المجلس ولم تضرب أمثلة عليها.

أما إذا لم يوافق الناخبون على حل المجلس فإنه يستمر في العمل بحسب المفهوم من نص المادة. لكن يتصور أن تستمر أيضا الضرورة التي رأى رئيس الدولة حل المجلس من أجلها.
قال محمد فرحات أستاذ القانون والفقيه الدستوري "الدستور اللي كان عاملينه الإخوان كان أفضل في الناحية دي."
في الدستور السابق الذي كتبته أغلبية من الإسلاميين وأقر في استفتاء في 2012 ورد نص يفصل في النزاع "وإذا لم توافق هذه الأغلبية على الحل يتعين على رئيس الجمهورية أن يستقيل من منصبه."
قال يوسف مدير مركز إنسان حر للحقوق والحريات "هناك مشاكل في صياغة الدستور نفسه.
"كل المناخ القانوني الذي تجرى فيه الانتخابات يهددها بالبطلان."

تحميل المزيد