“السلوك الحسن” أسلوب يتّبعه حزب النور السلفي لمعارضة النظام المصري

عربي بوست
تم النشر: 2015/10/14 الساعة 05:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/10/14 الساعة 05:47 بتوقيت غرينتش

في إطار حملات الدعاية قبل الانتخابات البرلمانية التي تجري في مصر الأسبوع المقبل يكيل زعيم حزب النور السلفي يونس مخيون – ذو اللحية الكثة – الثناء على نبي الإسلام محمد لأنه طهّر الحياة السياسية، ويعد بأن يفعل الشيء نفسه.

في واقع الأمر فإن مخيون لديه أولويات أكثر إلحاحاً تتمثل في الخروج بالحزب بسلام من أعنف حملة على الإسلام السياسي في البلد الذي نشأ فيه هذا التيار.

مخيون قال لأنصاره في مدينة الإسكندرية المطلة على البحر المتوسط وثاني أكبر مدن مصر: "منهجنا ألا نتصادم مع أحد، منهج غير صدامي، حتى في المعارضة نمارس المعارضة الرشيدة التي تقوم على الكلمة الطيبة والسلوك الحسن".

القفز إلى صف الجيش

في الانتخابات البرلمانية السابقة في مصر التي أُجريت بعد مرور أقل من عام على الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بحكم حسني مبارك عام 2011 جاء حزب النور في المركز الثاني بعد جماعة الإخوان المسلمين. وهيمن الحزب والجماعة على مجلس الشعب آنذاك.

لكن ما إن اتضح أن جماعة الإخوان لن تستمر في السلطة حتى ضمن مخيون بقاء حزبه بالانحياز للجيش.

فقد كان واحداً من الزعماء الدينيين والسياسيين الذين اصطفوا بجانب قائد الجيش عبدالفتاح السيسي عندما ظهر على شاشات التلفزيون عام 2013 ليعلن عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي.

نهج الحذر الذي اتبعه حزب النور يكشف الكثير عن خطورة وضع الإسلاميين الذين مثّلوا عماد المعارضة لحكام مصر على مدى عشرات السنين.

بعد الإطاحة بمرسي قتلت قوات الأمن مئات من أنصار الإخوان أكثر الحركات الاسلامية نفوذاً في مصر وسجنت الآلاف غيرهم.

تم حظر جماعة الإخوان وصدر حكم باعتبارها جماعة إرهابية، بينما شنت وسائل الإعلام الرسمية حملة شديدة على الإسلام السياسي.

مسار عملي

قابل حزب النور الضغوط بالحد من نشاطه ومن طموحاته لتطبيق الشريعة الإسلامية بما يتفق مع المنهج السلفي.

وينص الدستور المصري على أن "الإسلام دين الدولة، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"، لكن الدولة لا تطبق الشريعة سوى في قوانين الأسرة والميراث ولا تطبقها في قانون العقوبات.

حزب النور الذي برز نجمه بعد الانتخابات البرلمانية عام 2012 انسحب من المنافسة على نصف المقاعد المخصصة للقوائم الحزبية، كما أنه يخوض الانتخابات للمنافسة على أقل من نصف المقاعد المخصصة للمرشحين الأفراد.

حتى في الأسكندرية التي تعد معقله التقليدي لا ينافس الحزب سوى على نصف المقاعد. وقال مخيون – طبيب الأسنان البالغ من العمر 59 عاماً – لجمهور الحاضرين: "ليس لدينا مشاكل مع أحد. نحن على علاقة طيبة بالجيش. علاقة طيبة بالشرطة. علاقة طيبة بالحكومة".

ووقفت مجموعة من الأطفال ترتدي قمصاناً عليها شعار الحزب الذي يمثل خريطة لمصر تحت ضوء الشمس، كان عدد الحاضرين نحو 200 شخص فقط على النقيض من الآلاف الذين كانوا يحضرون لقاءات الحزب قبل المعركة الانتخابية السابقة.

محمد شوقي، أحد أنصار حزب النور ويملك محل بقالة في حي الرمل، قال: "بنحط بانرات (لافتات) بس بييجي اللي يشيلها أو يقطعها".

منتقدو الحزب يتهمونه بخيانة غيره من الإسلاميين وتوفير غطاء سياسي للسيسي الذي انتخب رئيساً للبلاد فيما بعد وحاول أن يعطي الانطباع بأنه يحتضن كل الأطياف السياسية، بعد أن أثارت الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذها ضد خصومه انتقادات جماعات حقوق الإنسان.

وقال اتش. ايه. هليار، المتخصص في الشؤون العربية في مركز بروكينجز لسياسات الشرق الأوسط في واشنطن: "لعبوا بحذر شديد واستمروا بفضل واقعيتهم، من وجهة نظر الدولة حضور النور مفيد جداً. فها هم إسلاميون مازالوا على الساحة بل ويفوزون بمقاعد في الانتخابات. وهذا مفيد جداً إذا أردت أن تعطي الانطباع بالتعددية".

حزب الزور

يرفض حزب النور الاتهامات التي يسوقها أعضاء سابقون في الحزب وإسلاميون غيرهم بأنه خان القضية الإسلامية.

تأسس الحزب في أعقاب الانتفاضة التي أطاحت بحسني مبارك بعد أن ظل على رأس الحكم 30 عاماً وحقق الحزب قاعدة التأييد الشعبي له مثل جماعة الإخوان من خلال الأنشطة الخيرية في الأحياء الفقيرة التي يكثر فيها الميل للتدين.

تأمين نفسه

لكن مراقبين يقولون إنه يختلف في استعداده للتكيف سعياً لتأمين نفسه من بطش أجهزة الدولة. وخلال الشهر الجاري اعترض شبان إسلاميون طريق مسيرة للحزب في الإسكندرية.

الشبان رفعوا أيديهم بأربعة أصابع إشارة إلى التحية التي تبناها أنصار مرسي بعد مقتل المئات منهم في ميدان رابعة العدوية بالقاهرة عام 2013 وراحوا يرددون: "حزب الزور".

أنصار حزب النور يقولون إن الحزب أنقذ مصر من السقوط في هاوية الفوضى التي اجتاحت الدول المجاورة بتأييده عزل مرسي الذي يقول معارضوه إنه أساء إدارة البلاد وتسبب في استقطاب حاد فيها.

وقال مخيون للحاضرين وأغلبهم من متوسطي الأعمار في اللقاء الجماهيري بالاسكندرية: "انظروا ما حدث لبلاد شقيقة. انظروا ما حدث في ليبيا وسوريا والعراق".

هوية مصر الإسلامية

يَعد الحزب بالحفاظ على "هوية مصر الإسلامية" من خلال ضمان ألا يصدر البرلمان أي تشريع يتعارض مع الشريعة و"تنقية" القوانين الحالية من أي تعارض من هذا النوع. كما يقول إنه سيعمل من أجل المساواة الاجتماعية.

في إشارة إلى المرشحين من رجال الأعمال يقول طلعت مرزوق، النائب السابق عن الحزب والذي يسعى لإعادة انتخابه: "نريد مجلساً للملايين ليس لأصحاب الملايين".

مسايرة حزب النور لخارطة الطريق التي أعلنها الجيش لا تعني أنه سيظل بأمان، فأحد بنود الدستور الجديد الذي تم إقراره عام 2014 ووافق عليه حزب النور يحظر الأحزاب الدينية.

وقد رُفع عدد من القضايا في المحاكم للمطالبة بحل حزب النور، لكن لم ينجح أي منها حتى الآن. غير أن هذا الوضع قد يتغير في المستقبل. ورغم ما فقده حزب النور من تأييد في المعسكر الإسلامي فإن نهجه لم يجلب له استحسان الناخبين في المعسكر الليبرالي.

وقال محمد حسن، الذي يملك متجراً في شارع رشدي الراقي بالإسكندرية: "ما هما دول اللي جابونا ورا. الإخوان والسلفيين زي بعض".

تحميل المزيد