تجددت المواجهات في ساحات المسجد الأقصى، بمدينة القدس، صباح الاثنين 28 سبتمبر/ أيلول 2015، بين المصلين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية، التي اقتحمت المسجد، برفقة مستوطنين، بمناسبة عيد "العُرْش" اليهودي، وبالتزامن مع الذكرى الـ15 للانتفاضة الفلسطينية الثانية.
أحد حراس المسجد قال إن قوات الشرطة، اقتحمت ساحات المسجد وبدأت بإخراج المصلين، واستخدمت قنابل الصوت والرصاص المطاطي ضد المصلين الشبان، الذين لجأوا إلى المُصلى القبلي المسقوف، ورشق بعضهم قوات الشرطة بالحجارة.
وأكد أن الشرطة الإسرائيلية اعتلت سطح المسجد القبلي المسقوف، وهي تتواجد على أبوابه في محاولة لإجبار المصلين في الداخل على الخروج، كما أغلقت أبواب المسجد أمام المصلين المسلمين منذ ساعات الصباح، بشكل كامل.
وقال إنه في ذات الوقت، تسمح الشرطة للمستوطنين الإسرائيليين والسياح غير المسلمين باقتحام المسجد عبر باب المغاربة.
وكانت لوبا السمري، المتحدثة بلسان الشرطة الإسرائيلية، قد قالت في تصريح مكتوب مساء أمس: أنه تقرر فرض قيود على دخول المصلين (الفلسطينيين) للحرم القدسي الشريف (المسجد الأقصى) بحيث يسمح للرجال من جيل 50 عاما وما فوق بالدخول بينما لن يتم فرض أي قيود على فئة عمرية على النساء.
تحذير من انتفاضة ثالثة
ويحذر مسؤولون فلسطينيون من أن استمرار الانتهاكات الإسرائيلية قد يشعل انتفاضة فلسطينية ثالثة، كما يقول سياسيون فلسطينيون، إن ما تشهده القدس من اقتحامات متكررة، قد تكون شرارة لاندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة.
وشهدت العديد من الأحياء الفلسطينية، في القدس الشرقية، خلال الأيام الماضية، مواجهات بين قوات الشرطة الإسرائيلية وعشرات الشبان الفلسطينيين، جراء الاقتحامات الإسرائيلية المتكررة لساحات الأقصى، التي لقيت تنديدًا إسلاميًا ودوليًا.
ذكرى الانتفاضة الثانية
وقبل 15 عامًا، وفي مثل هذا اليوم 28 سبتمبر/ أيلول 2000، اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية، عقب اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق "أرئيل شارون"، المسجد الأقصى، برفقة قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي.
وتجول شارون آنذاك في ساحات الأقصى، وقال إنّ "الحرم القدسي" سيبقى منطقة إسرائيلية، مما أثار استفزاز الفلسطينيين، فاندلعت المواجهات بين المصلين والجنود الإسرائيليين، وسقط 7 قتلى وجُرح 250 آخرون، كما وأُصيب 13 جنديا إسرائيليا.
وشهدت مدينة القدس مواجهات عنيفة، أسفرت عن إصابة العشرات، وسرعان ما امتدت إلى كافة المدن في الضفة الغربية وقطاع غزة، وسميت بـ"انتفاضة الأقصى".
الطفل محمد الدرة
ويعتبر الطفل الفلسطيني "محمد الدرة"، رمزًا للانتفاضة الثانية، فبعد يومين من اقتحام المسجد الأقصى، أظهر شريط فيديو التقطه مراسل قناة تلفزيونية فرنسية، في 30 سبتمبر/أيلول 2000، مشاهد إعدام حية للطفل الدرة (11 عاما)، الذي كان يحتمي إلى جوار أبيه ببرميل إسمنتي، في شارع صلاح الدين جنوب مدينة غزة.
وأثار إعدام الجيش الإسرائيلي للطفل الدرة، مشاعر غضب الفلسطينيين في كل مكان، ما دفعهم بالخروج في مظاهرات غاضبة، ووقوع مواجهات مع الجيش الإسرائيلي، أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات منهم.
أحداث الانتفاضة الثانية
وبحسب أرقام فلسطينية وإسرائيلية رسمية، فقد أسفرت الانتفاضة الثانية عن مقتل 4412 فلسطينيًا و48322 جريحًا، فيما قتل 1069 إسرائيليًا وجرح 4500 آخرون.
وتعرضت مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة خلال انتفاضة الأقصى لاجتياحات عسكرية، وتدمير لآلاف المنازل والبيوت، وتجريف آلاف الدونمات الزراعية.
ومن أبرز أحداث الانتفاضة الثانية، كان اغتيال وزير السياحة في الحكومة الإسرائيلية آنذاك (رحبعام زئيفي) على يد مقاومين من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وعمل شارون على اغتيال أكبر عدد من قيادات الصف الأول في الأحزاب السياسية والعسكرية الفلسطينية، في محاولة لإخماد الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت عام 2000، وفي مقدمتهم مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين.
وتوقفت انتفاضة الأقصى في 8 فبراير/ شباط لعام 2005 بعد اتفاق هدنة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في قمة "شرم الشيخ"، إلا أن مراقبين يرون أن الانتفاضة الثانية لم تنتهِ لعدم توصل الفلسطينيين والإسرائيليين إلى أي حل سياسي، واستمرار المواجهات في مدن الضفة.
انتفاضة الحجارة
وكانت الانتفاضة الفلسطينية الأولى أو "انتفاضة الحجارة" كما يسميها الفلسطينيون، قد اندلعت يوم 8 ديسمبر/كانون الأول 1987، في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، ثمّ انتقلت إلى كل مدن وقرى ومخيّمات فلسطين.
ويعود سبب الشرارة الأولى للانتفاضة لقيام سائق شاحنة إسرائيلي بدهس مجموعة من العمّال الفلسطينيّين على حاجز بيت حانون "إيريز" شمال القطاع.
وهدأت الانتفاضة في العام 1991، وتوقفت نهائياً مع توقيع اتفاقية "أوسلو" بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993.