ما إن انتهت مناسك الحج، وأزالت السلطات السعودية أثار حادث تدافع مشعر منى الذي خلف 769 قتيلاً، بدأ عدد من الحجاج اليائسين البحث عن أقاربهم وأصدقائهم المفقودين.
رحلة البحث عن المفقودين بدأت في أقسام المستشفيات ومشرحة منى، بعد يومين من كارثة تدافع الحجاج، لكنهم لا يعثرون عليهم.
ولم يتم بعد التعرف على هوية الحجاج الذين قضوا في حادث التدافع في منى قرب مكة المكرمة، خلال شعيرة رمي الجمرات في موسم الحج لهذا العام.
وبلغت الحصيلة الرسمية للقتلى 769 وزاد عدد الجرحى عن 900 بين الحجاج الذين وصل عددهم هذا الموسم إلى مليونين.
محاولات يائسة
العائلات التي أصابها اليأس وتملكها الخوف، بدأت مهمة محاولة معرفة مصير اقاربهم سواء كانوا أحياء أو أموات.
يقول حاج مصري بدا عليه التوتر والقلق بعد جدل حاد مع موظفي الاستقبال في مستشفى منى الطوارئ "يقولون إن اسمه ليس مسجلا".
ويضيف الحاج الذي قال أن اسمه عبد الله أنه يبحث عن جاره البالغ من العمر 36 عاماً.
ويوضح "لقد زرت جميع المستشفيات ولم اتمكن من العثور عليه، قالوا لي اذهب إلى المشرحة ولم نجده بين الجرحى أو الموتى".
وكان مصري آخر يغادر المستشفى باحثًا عن حاج يقيم في المنطقة ذاتها من مدينة الخيام في منى.
وقال "لا أستطيع الكلام، زوجته منهارة في المخيم، ولم تكمل مناسك الحج".
التنقل بين غرف المستشفيات
وفي الطابق العلوي كان العراقي طارق يتنقل من غرفة إلى آخرى بحثا عن زوجة صديقه الحاج.
وقال بينما كان يندفع من قسم الطب الباطني إلى قسم الجراحة "زوجها في المخيم ولا يستطيع البحث عنها بنفسه لأنه مصاب بصدمة عنيفة، ونحن نحاول مساعدته".
أما المصري محمد بلال فكان يصعد وينزل السلالم باستمرار بحثا عن والدة صديقه البالغة من العمر 60 عامًا لكن دون جدوى، ولم يعد بالإمكان الاتصال بها بعد أن أغلق هاتفها منذ الحادث.
وقال "أول ما فعلناه هو التحقق مما إذا كانت بين الموتى في مشرحة المعيصم (في منى)، لكننا لم نعثر عليها، وبعد ذلك بدأنا التوجه من مستشفى إلى أخرى".
وأثناء ذلك كان بلال (35 عاما) يعرض صورة المرأة المفقودة على هاتفه الجوال.
وقال "لدي اسمها وصورتها، وذهبت إلى مكتب المعلومات، وقالوا إنها ليست هنا وذهبت للبحث عنها في وحدة العناية المركزة وغيرها من الغرف".
سعودية تبحث عن شقيقها
عند مكتب المعلومات وقفت امرأة سعودية ترتدي العباءة السوداء وبصحبتها زوجها تسأل عن شقيقها البالغ من العمر 43 عاما.
وبحث الزوجان المتعبان في جميع المستشفيات طابقا تلو الأخر للعثور عليه.
المرأة التي طلبت عدم الكشف عن اسمها أو اسم زوجها قالت "اعطينا اسمه وصورته لجميع المستشفيات" كما طلبت عائلته من الاقارب في المدن السعودية التأكد من احتمال وجوده في مستشفيات آخرى في المملكة.
المسؤولون أحالوهم إلى مشرحة المعيصم، إلا إنهم لم يعثروا على جثته، وفي تلك الأثناء خرج زوج السيدة يبكي لبشاعة ما شاهده في المشرحة.
وقالت المرأة "لم ننم او نأكل منذ الأمس بعد أن بدأنا التوجه من مستشفى إلى آخر سيراً على الأقدام".
هويات غير معروفة
مدير المستشفى أيمن اليماني قال "هوية بعض الأشخاص الموجودين في وحدة العناية المركزة لا تزال غير معروفة" حيث لا يزال العديد منهم على أجهزة التنفس الاصطناعي.
ومع محاولة دول العالم تحديد عدد القتلى من مواطنيها، تجمع مسؤولون في قنصليات بعض الدول في منى في محاولة للتعرف على الضحايا.
مصدر دبلوماسي مغربي صرح لموقع اخباري أن التعرف على هوية القتلى والجرحى "سيستغرق يومين آخرين أو ثلاثة على الأقل"، مضيفًا إن بلاده قدمت بصمات أصابع حجاجها إلى السلطات السعودية.
وتحدث الاعلام المغربي عن مقتل 87 حاجا مغربيا في التدافع.
وصرحت إيران السبت أن 136 حاجًا إيرانيا قتلوا في الحادث بينما لا يزال 344 آخرون مفقودين.
وقال اليماني إن وزارة الصحة السعودية فتحت خطوطاً ساخنة للعثور على المفقودين، إلا أن العديد من أقارب وأصدقاء المفقودين قالوا إن الخط غير مفيد.
وأضاف أنه يوجد في المستشفى مترجمون لـ 6 لغات، إلا أن العاملين في المستشفيات لا يزالون يواجهون صعوبات في التحدث مع الحجاج.
وشوهدت ممرضة سعودية في إحدى الغرف تستخدم لغة الإشارة مع مسن هندي ظهرت غرز على جبهته وكان يشتكي من الاعياء.