أكد الباحث الأزهري عصام تليمة أن حادث تدافع مشعر منى أول أيام عيد الأضحى المبارك، والذي راح ضحيته مئات الحجاج، تتوزع مسؤوليته بين الدولة المنظمة لمناسك الحج، والدولة الراعية للحاج، وعلماء البلدين.
وتسبب تدافع الحجيج في مشعر منى خلال رمي الجمرة الكبرى الخميس الماضي في مقتل 863 حاجًا، وإصابة 934 آخرين.
وأشار في تدوينة نشرها على "عربي بوست" إلى أن ظاهرة مصرع الحجيج خلال تأدية المناسك، عادت بعد أن اختفت 10 سنوات، مما يعيد إلى الأذهان ما كان يحدث من قبل، وما كانت تكتبه الصحف العالمية عن هكذا أحداث كل عام، تحت عناوين: مقتلة المسلمين، انتحار المسلمين الجماعي في الحج.
السعودية تعالج الأزمة
تليمة أشار إلى أن مسؤولية هذه الحوادث كانت تقع فيما مضى على الدولة المنظمة للحج وعلى المشايخ الذين يشددون على الناس في الفتاوى، ثم عالجت السعودية الخطأ فقامت بتوسيع أماكن الرمي، وجعلها من ثلاثة طوابق، مما سهل الحج على الناس.
فتاوى للتيسير على الناس
تليمة أضاف أن مشايخ المملكة قاموا بالكف عن النهي عن رمي الجمرات قبل الزوال (أي زوال الشمس)، تيسيرا على الناس، بعد أن كانت الميكرفونات تعلن في كل مكان: من رمى قبل الزوال فرميه باطل، مما يوقع الناس في حرج شديد، خاصة وأن معظم الحجيج ليسوا من أهل العلم الشرعي ليعلموا الصواب من الخطأ.
تنوع الفتوى
وأشار تليمة إلى أن ظاهرة الميكرفونات انتهت وأصبحت الفتاوى تجيز للناس الرمي في أي وقت يناسبهم، أو على الأقل تذكر خلاف الفقهاء في ذلك وتترك لكل إنسان حرية الاختيار، وهو تطور وصفه بالمحمود للمملكة، سواء على المستوى التنظيمي أو الديني.
علاج المشكلة
تليمة أشار إلى أن علاج المشكلة يرتبط بالجهود التي يمكن أن يؤديها الأطراف الثلاثة، لافتًا إلى أن الدولة المنظمة عليها أن تقوم بتقدير قدراتها على تنظيم الحج، والعدد الذي تستطيع إدارته، موضحا أن المملكة تحاول منذ فترة تقليل عدد الحجيج من الداخل، معتبرا ذلك حلاً لجزء من المشكلة، إذ يبقى العبء الأكبر في حجيج الخارج.
واقترح أن يتم التخطيط بحسب مساحة المكان، والعدد القادم، فتقسم ساعات اليوم للرمي، بحيث يتم تخصيص مثلا (18) ساعة عن طريق المطوفين (الشركات التي تنظم الحجيج)، لكل مجموعة من الدول ساعة محددة، أو ساعتان، سواء بنظام القارات أو الدول، ثم تجعل الست ساعات الباقية من اليوم لمن لم يتمكن من الرمي خلال ساعاته المخصصة له.
دور دولة الحاج
وأشار تليمة إلى أن دولة الحاج الأصلية، عليها واجب مهم وهو توعية الحاج قبل سفره، وإعطاؤه دورة عملية في الحج، فلا يسمح لفرد بالحج قبل تجاوزه دورة عملية، بعد شرح مفصل، حتى لا يذهب للحج ويرتكب أخطاء تفسد حجه، أو تضره وتضر الآخرين صحيًا، موضحًا أن دولة مثل ماليزيا تفعل ذلك.
وانتقد ما تقوم به كثير من الدول التي حولت الحج إلى عملية تجارية بحتة، وتحولت تأشيرة الحج في بعض الدول لرشوة كما هو يحصل في مصر.
دور العلماء
تليمة شدد على أن الدور الأكبر يقع على "المشايخ" لافتاً إلى أن معظم المتواجدين مع الحجيج ليسوا من الفقهاء المتمكنين في فقه الحج بتيسيره.
وقال إن الأحداث الجسام التي تقع في الحج، تحتاج لفقيه يجمع بين فقه النص، وفقه الواقع، ويبحث عما تصح به عبادة المسلم، وسلامة بدنه وصحته، وسلامة الآخرين.
تليمة أشار إلى أن معظم مشايخ هذه الحملات، يختارون في كثير من البلدان العربية بنظام (الواسطة)، وعن طريق موافقات الجهات الأمنية، بل في كثير من الأحيان يكون المسؤول عن الحملة والبعثة، أحد العسكريين، وكلمته هي النافذة على الشيخ والبعثة بأكملها.
توسعة المكان والزمان
وأوضح أن الرمي على سبيل المثال لا يبطل الحج بدونه، وأن الشرع يوسع على الناس فيها، فمساحة الرمي ثابتة، والمدة الزمنية محدودة، والعدد يتضاعف ويزداد.
وقال إن الحل لهذه الإشكالية في توسعة المكان، وتوسعة الزمان، وهو أمر لم يضيقه الشرع، وهو قول عدد من العلماء الفقهاء الكبار قديما وحديثا.
وأضاف ويستطيع المشايخ إفتاء الناس فيمن لا يقدر على الرمي بالتوكيل عنه للرمي، وكذلك نستطيع عند هذا الزحام الشديد أن يأخذ البعض برأي الإمام الجويني الشافعي الذي يرى جواز جمع الرمي لثلاثة أيام في يوم واحد.
وأكد تليمة أن العلماء مطالبون بتعليم الحجيج أن الأجر ليس شرطا على قدر المشقة، وأنه لا ارتباط بين المشقة والتعب بالعنف في أداء العبادة، وهو ما نراه من شدة بعض الجنسيات في دخولهم للرمي جماعات ويدفعون من بجوارهم وأمامهم.
ولقراءة التدوينة كاملة أدخل هنا: