أمر الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي، بتشكيل لجنة تحقيق عليا، الخميس 24 سبتمبر/ أيلول 2015، "للوقوف على الأسباب الحقيقية" التي أدّت إلى حادثة التدافع في شارع 204، المؤدي إلى جسر الجمرات بمشعر "مِنى"، والذي نتج عنه وفاة 717 حاجًّا، وإصابة 863 آخرين.
وكالة الأنباء السعودية، أشارت إلى أن الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، الذي يشغل مناصب نائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير الداخلية، ورئيس لجنة الحج العليا، عقد بمقر وزارة الداخلية بمنى مساء اليوم اجتماعاً طارئاً للقيادات الأمنية المشاركة في تنظيم الحج، لبحث حادث اليوم، والوقوف على أسبابه الحقيقية".
تشكيل لجنة تحقيق عليا
ووجه ولي العهد "بتشكيل لجنة تحقيق عليا، تتولى التحقيق في الحادث ومسبباته، وصولاً إلى معرفة الحقيقة، والرفع بما يتم التوصل إليه من نتائج إلى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود".
إلى ذلك أكد وزير الصحة السعودي خالد بن عبد العزيز الفالح، أن الكوادر الطبية العاملة في المشاعر المقدسة "منى وعرفات"، تتابع الإصابات جراء حادث التدافع، واستنفرت لذلك كوادرها الطبية، مشيراً أنه جرى نقل بعض الحالات من مستشفيات منى إلى مستشفيات مكة المكرمة، وإذا لزم الأمر ستنقل بعضها إلى مستشفيات جدة والطائف.
وقال في تصريح له "إن مختلف القطاعات تتعامل مع الحدث بأفضل ما لديها من إمكانيات، ومما لا شك فيه أن الحادث كبير ومؤلم جداً لنا جميعاً، وهذا قضاء الله وقدره".
ولقي 717 حاجًّا مصرعهم، صباح اليوم، أول أيام عيد الأضحى المبارك، وأصيب 863 آخرون، جراء "تدافع وازدحام" في شارع 204 المؤدي إلى جسر الجمرات بمشعر "مِنى".
تعارض الحركة.. المسؤول
من جانبه كشف اللواء منصور التركي المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية أسباب حادثة التدافع والزحام وقال "وفقاً للأسباب الظاهرة حدثت بسبب تعارض حركة الحجاج المتجهين مع الشارع ٢٠٤ مع حركة الحجاج على الشارع ٢٢٣ ما تسبب في التزاحم والتدافع وسقوط عدد كبير من الحجاج وساهم في ذلك ارتفاع درجات للحرارة والإجهاد الذي تعرض له الحجاج بعد الوقوف في عرفة والنفرة من مزدلفة".
وقال خلال مؤتمر صحفي للجهات المشاركة بالحج مساء الخميس "من المعروف أن الكثافة تكون في ذروتها في اليوم العاشر من ذي الحجة، والحادثة وقعت أثناء توجه الحجاج لمنشأة الجمرات للرمي، وحدثت في شارع داخلي في منى ليس له امتداد، كما أنه بالعادة يستخدمه الحجاج بالمخيمات المجاورة له وهذا ما يبرز أهمية التحقيق بالحادثة" .
مشدداً على أن لا مجال للربط بين حادثة التدافع وبين مرور أي موكب رسمي، مؤكداً أنّ "المواكب الرسمية لضيوف السعودية في الحج، تتواجد في جنوب منى.
وصرح المتحدث الرسمي للمديرية العامة للدفاع المدني، العقيد عبد الله الحارثي، "أنه عند الساعة التاسعة من صباح اليوم الخميس، وأثناء توجه حجاج بيت الله الحرام إلى منشأة الجمرات لرمي جمرة العقبة، حدث ارتفاع وتداخل مفاجئ في كثافة الحجاج المتجهين إلى الجمرات عبر شارع رقم (204) عند تقاطعه مع الشارع رقم (223) بمنى، ما نتج عنه تزاحم وتدافع بين الحجاج وسقوط أعداد كبيرة منهم في الموقع".
وكانت حالة من الغموض قد أحاطت بالحادث الذي يعد الأول منذ 9 سنوات، ووقع برغم أن عدد حجاج بيت الله الحرام هذا العام يبلغ 2 مليون فقط، وهو الأقل منذ سنوات مضت، وبرغم الانشاءات والطرق والكباري وجسر الجمرات الذي أقامته السعودية وتكلف ما يقرب من 1.7 مليون دولار وقت إنشائه.
الدفاع المدني السعودي قال في تغريدات متلاحقة على صفحته الرسمية بموقع "تويتر"، أن التدافع أدى في بداية الأمر إلى وفاة 100 حاج، وإصابة 390 آخرين، قبل أن يعلن الجهاز نفسه في وقت لاحق ارتفاع عدد الوفيات إلى 310، والإصابات إلى 450 حالة.
وذكرت مصادر لـ"عربي بوست"، أن الجهات السعودية نقلت الجثث والاصابات إلى مشفى الطوارئ بمنى عبر الطائرات بالإضافة إلى مشفى منى العام ومستشفى منى الجسر ومستشفى منى الجديد.
فيما وصل أمير منطقة مكة المكرمة خالد الفيصل إلى مكان الحادث.
ارتفاع عدد الإصابات في #منى إلى ٨٠٥ إصابة والوفيات إلى ٧١٧ حالة وفاة.
— الدفاع المدني (@KSA_998) سبتمبر 24, 2015
ارتفاع عدد الإصابات إلى 863 إصابة.
— الدفاع المدني (@KSA_998) سبتمبر 24, 2015
من جانبه أعلن وزير الصحة السعودي خالد الفالح أن التدافع مرده الى عدم التزام بعض الحجاج بالتعليمات.
وقال لقناة الإخبارية الرسمية "لو التزم الكل بالتعليمات لما حصلت مثل هذه الحوادث"، وذلك بعد توجهه إلى مكان الحادث وهو الأسوأ الذي يشهده موسم الحج منذ 25 عاما.
كما يعتبر ثاني حادث كبير يشهده الحج هذا العام، بعد حادث سقوط رافعة كبيرة، يوم الجمعة 11 سبتمبر/أيلول الجاري، داخل الحرم المكي، الأمر الذي أدى إلى مصرع 107 أشخاص، وإصابة 238 آخرين، بحسب الدفاع المدني السعودي.
لكن تطوير البنية التحتية والإنفاق السخي على تكنولوجيا السيطرة على الحشود خلال العقدين الماضيين جعلا مثل هذه الحوادث أقل تكرارا.
وشارع 204 هو أحد شارعين رئيسيين عبر الخيام في منى وصولا إلى مكان رمي الجمرات.
#تدافع_مشعر_مني
الله يرحمهم ويغفر لهم pic.twitter.com/ZgiSdsp297
— M A N A G E R (@_G009_) September 24, 2015
شهود عيان
وبحسب ما ذكر شهود عيان لـ"عربي بوست"، أن سبب حادثة منى هو التدافع الحاد بين الحجاج وسط ارتفاع درجة الحرارة، وهذا ما أكدته الدفاع المدني في تصريح لها مشيرة إلى أن معظم الوفيات من كبار السن.
ووصَف الحاج "محمد" الحادثة لـ"سبق"، بقوله: "أثناء السير في اتجاه الجمرات، فوجئتُ بتوقف سير الحجاج بشكل غريب وغير معلوم، وما هي إلا دقائق حتى قدِمت دفعات من الحجيج من الخلف وحصل التدافع الشديد، وأخذت النساء تصرخ بصوت عالٍ، وكبار السن سقطوا على الأرض، وظلت الحادثة قائمة حتى تدخلت الجهات المختصة من فِرَق طيبة وأمنية لإنقاذنا.
وبيّن الحاج "محمد" أنه تعرّض لإصابات مختلفة بالجسم، من خفيفة إلى متوسطة؛ بسبب دهس أقدام الحجاج، وأنه -ولله الحمد- لا يزال يتلقى العلاج الآن.
وذكرت حاجّة من الجنسية المصرية، قائلة: "أثناء جلوسي بجانب شارع العرب لأخذ قسط من الراحة بسبب تعبي الشديد من طول المشي، شاهدت أعداداً كبيرة قادمة من الحجاج بمختلف جنسياتهم يتجهون نحو الجمرات، وحين وصولهم بالقرمني توقفوا عن المشي؛ بسبب أعدادهم الكبيرة، وما هي إلا دقائق معدودة حتى قدمت دفعات أخرى وهي مَن سَبّب التدافع وسقوط الحجاج بعضهم على بعض؛ مبينة أنها تَعَرّضت إلى كدمات بالظهر والجوانب".
جسر الجمرات
ويوجد جسر الجمرات في منطقة منى بمكة المكرمة، وهو مخصص لسير الحجاج لرمي الجمرات أثناء موسم الحج، ويضم جمرة العقبة الصغرى، جمرة العقبة الوسطى، جمرة العقبة الكبرى.
وبدأ مشروع تطوير جسر الجمرات والمنطقة المحيطة به- الذي تقدر تكلفته بنحو 4.2 مليارات ريال (1.7 مليون دولار) عام 2006، وذلك عقب وقوع حادث تدافع بين الحجيج على جسر الجمرات في يناير 2006 أسفر عن وفاة 362 حاجا.
ويتكون الجسر الذي يبلغ طوله 950 مترا وعرضه 80 مترا من أربعة أدوار وطابق أرضي.
ووفقا للمواصفات فإن أساسات المشروع قادرة على تحمل 12 طابقا وخمسة ملايين حاج في المستقبل إذا دعت الحاجة لذلك.
وفي يناير/ كانون الثاني 2006، قضى 364 حاجا في تدافع في المكان نفسه.
ويأتي الحادث في الوقت الذي يقوم فيه الحجاج منذ الصباح برمي جمرة العقبة قبل أن يبدوا بطواف البيت العتيق ومن ثم نحر الأضاحي.
ويؤدي أكثر من 1,4 مليون أجنبي اضافة إلى مئات الآلاف السعوديين والمقيمين في المملكة الحج، رغم الحادث المأسوي الذي شهده الحرم المكي في وقت سابق هذا الشهر وأسفر عن مقتل 108 أشخاص وإصابة 400 آخرين بجروح بسبب انهيار رافعة عملاقة.