يحل عيد الأضحى السابع على اللاجئين السوريين، خارج وطنهم، وهم مثقلون بالهموم والأحزان، وأمل العودة إلى الديار يتضاءل مع ازدياد لهيب المعارك في بلادهم.
في مخيمات "عكار" شمالي لبنان، يستقبل اللاجئون السوريون، العيد، في ظل أوضاع معيشية صعبة تطبق على صدورهم، ومشاهد براميل متفجرة تُسقطها طائرات النظام على رؤوس أحبتهم في بلدهم، وأمواج متلاطمة تخطف أرواح من هربوا من أرض الشام الملتهبة.
لا مظاهر للاحتفال
هذه الصورة المأساوية تتجلى خيوطها في مخيم "الكواشرة" الذي يعيش فيه أكثر من ألفي لاجئ، في خيم فقيرة، مزقتها الأيام حين أرخت شمس الصيف أشعتها، وأثقلت عواصف الشتاء برياحها، فغدت موحشة ومظلمة.
هنا في أركان المكان، اختفت مظاهر الاحتفال، قياساً مع العيد الماضي، لا أراجيح مصنوعة من الخشب، ولا أخرى مصنعة وجاهزة كانت تُحضرها هيئات دولية، ولا مساعدات تُذكر أو تذكّر بقدوم العيد، وجيوب خاوية حالت دون شراء أضحية، أو حتى الحد الأدنى من ملابس الأطفال، ولا جمعيات بادرت واتخذت قراراها بتقديم الأضاحي.
عن أي عيد نتحدث
وفوق كل ذلك، يخشى قاطنو المخيم، الخروج منه، خوفاً من إلقاء القبض عليهم، خصوصاً أن غالبيتهم قد انتهت مدد إقاماتهم، ولا قدرات مادية لديهم لتجديدها، ولا تسهيلات رسمية لإنجاز هكذا معاملات، بحسب سكان بالمخيم التقتهم الأناضول.
وفي معرض ردها على سؤال حول كيفية استعدادها للعيد، أجابت مريم شحادة، من مدينة القُصير، بريف حمص، وسط سوريا "عن أي عيد نتحدث؟ الإمكانيات ضعيفة، أطفالي يطالبونني بإعداد الحلوى في المنزل على الأقل، ويسألون عن شراء ملابس العيد، ونحن ننتظر دعماً من هنا أو هناك، ورغم كل شيء نقول الحمدالله".
لكنها استدركت قائلة "أعتقد أنه وعلى الرغم من كل هذه الظروف، يحاولُ السوريون إكمالَ الفرحة، واستقبالَ العيد بما توفر، على الأقل كي لا يفقد الأطفال بهجة َهذا اليوم المبارك، رغم أن مفاتن العيد مفقودة/ فلا أضحية، ولا ثياب، ولا حلوى أو غيرها".
في سوريا.. العيد الحقيقي
واعتبرت مريم أن عيدها الحقيقي والأكبر هو "اليوم الذي تعود فيه إلى سوريا".
وتابعت "في لبنان الطبابة (العلاج) مشقة، والإغاثة والمعونات غير متوفرة، فماذا عساي أن أقول؟"، وتشير إلى ابنها بجانبها وقد بدت ثيابه رثّة.
تتوقف للحظة، وكأنها تستعيد شريط الذاكرة والوجدان، وتمضي متنهدة "العيد في سوريا هو عيد حقيقي: فرح، وثياب جديدة، ولهو، وزيارات للأقارب، وتقديم الهدايا. يكفيك تكبيرات صلاة العيد".
وبجوار الخيم المترامية الأطراف، يلعب أطفال هنا وهناك، في محاولة منهم لالتقاط بعض أنفاس العيد.
وقال الطفل سليمان القبجي (11 عاماً) "العيد غداً، ونريد ثياباً وألعاباً، نريد أن نلعب ونفرح ( ) في كل الأحوال سنعود إلى سوريا، وهناك سنشعر بمعنى اللعب الحقيقي".
وأضاف "لا أراجيح، ولا فرح، أقله كما هو الحال في العيد السابق. العيد ليس جميلاً من دونها"، شاكياً من "عدم تقديم أية جهة لهم، الملابس الجديدة والألعاب".
الفقر سيد الموقف
هذا المشهد الذي يعيشه اللاجئون في عكار، على أعتاب العيد، تحدث عنه الشيخ رشيد صطوف (52 عاما) من إحدى قرى القُصير، قائلاً "نحن لا نشعر بقدوم العيد أصلاً، خصوصاً أن أوضاع العائلات هنا غير مستقرة".
وتابع "الفقر هنا هو سيد الموقف، واللاجئ لا يستطيع أن يجد عملاً. إخوتنا اللبنانيون بالكاد يجدون عملاً لأنفسهم، فكيف نستطيع نحن؟".
وأردف قائلاً "نتجية لكل هذه الظروف، لا مظاهر توحي بقرب العيد وحلوله، لا يوجد جو من انتظار العيد أساساً. أنظر إلى لباس الأطفال، ما ذنب هولاء؟".
ومضى بقوله "بالنسبة للأضاحي يبدو إلى الآن أن لا أحد يريد تقديمها، لكننا نتمنى أن يفاجئنا أحد أصحاب الخير بإدخال الفرح إلى قلوبنا جميعاً هنا، وأملنا الأكبر هو أن يُفرج الله عنا وعن شعبنا، ونعود إلى ديارنا آمنين سالمين".
ويحتضن لبنان أكثر من 1.2 مليون لاجئ سوري، مسجلين رسمياً لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، مقابل نحو 300-400 ألف غير مسجل.