تسببت أزمة اللاجئين السوريين في ظهور أغرب المواقف والأحداث، حيث تحول طبيب سوري من مهنته في مدينة حلب إلى مهرب للبشر إلى اليونان وإيطاليا عبر تركيا، وذلك بعدما اضطر لترك بلاده هربا من جحيم الحرب الدائرة منذ 4 سنوات ونصف.
هذا ما حدث بالفعل مع أبو محمود، الطبيب السوري الذي اكتسب أموالا أكثر من أي وقت مضى، حيث أن عمله في تهريب مواطنيه إلى أوروبا منحه أرباحًا تعدت الـ60 ألف جنيه استرليني فقط في أغسطس/ آب الماضي.
صحيفة التليغراف البريطانية كانت قد أجرت مقابلة مع الطبيب السوري كشف فيها أنه مطلوباً من طرفي النزاع في سوريا، "قوات النظام" و"المعارضة"، وأن ذلك هو ما دفعه للهروب من سوريا.
فمن جهة، كان النظام السوري يبحث عنه لأنه عالج جرحى المعارضة حين سيطروا على أجزاء كبيرة من مدينة حلب في يوليو/تموز 2012، بينما اعتبرته الفصائل المسلحة موالياً للأسد.
الطبيب أبو محمود حجز مكاناً على قارب ينطلق من تركيا مقررا السفر إلى أوروبا، لكن لسوء حظه غرق القارب.
وحكى أبو محمود معاناته مع أمواج البحر الذي استطاع أن يبقى حياً بينها لمدة 11 ساعة، قائلا: "رأيت النساء والأطفال يغرقون أمام عيني ولم تنجح محاولتي لإنقاذهم".
محاولات أخرى للهرب إلى أوروبا قام بها الطبيب السوري ولكنها فشلت جميعها، وهي التجارب التي أكسبته شبكة واسعة من الاتصالات مع المهربين واللاجئين السوريين الآخرين، وهنا أصبح بقاءه في تركيا مفيداً له أكثر من ذي قبل.
الطبيب السوري الذي تحول من رفض قبول العمولة في بدء عمله لنقل اللاجئين إلى الحصول على مقابل مالي من الرحلات التي ينظمها، يقول: "في البداية لم أكن أقبل عمولة، ثم احتجت المال لأحيا أنا وعائلتي، واكتشفت لاحقاً أنه عمل مربح"، مؤكدا على ثقة اللاجئين السوريين فيه كونه طبيبا.
في مدينة مرسين التركية، كان يشتري الطبيب السوري قواربه الخاصة التي كانت تقوم برحلة واحدة مباشرة إلى إيطاليا، والتي كانت تُصادرها خفر السواحل هناك.
ويقول في هذه الرحلات المباشرة لإيطاليا كان على كل راكب أن يدفع مبلغ 5000 دولار أميركي لكي يعوض خسارة القارب الذي يفقده في كل رحلة.
عمل أبو محمود يرتبط بشكل كبير في اسطنبول بمافيا تهريب البشر، فيما يعمل لديه 15 سمساراً يقومون بمرافقة اللاجئين إلى القوارب، أما العمل الصعب في الرحلة وهو تسيير القوارب فتقوم به العصابات التي يدفع لها 850 دولاراً من أصل 1100 دولاراً يأخذها من كل راكب في الرحلات العادية.
أبو محمود يقول إنه نجح في تهريب ما بين 8 آلاف و9 آلاف لاجئ إلى إيطاليا واليونان خلال السنتين الأخيرتين "دون أن يغرق مركب واحد".
ويعزو الزيادة الهائلة في أعداد المهاجرين إلى سياسات الحكومات الأوروبية، وخاصة بعد قرار اليونان بفتح حدودها مع شمال أوروبا.
وحول عمليات تهريب المهاجرين إلى الجزر اليونانية يقول الطبيب السوري إن عملية تهريب اللاجئين إلى اليونان صعبة رغم آلاف الدولارات التي يتم دفعها لتسهيل عملية التهريب.
ووجه أبو محمود رسالة إلى دول الاتحاد الأوروبي، قائلا: "إن اللاجئين سيأتون إلى بلادكم حتى لو أغلقتم الحدود، سيحفرون أنفاقاً إن استدعى الأمر، فلمَ لا تأخذون اللاجئين عبر الأمم المتحدة؟ لم تدعون الناس يدفعون للمافيا؟ خذوهم بشكل شرعي إلى بلادكم، لمَ تتركون الناس يخاطرون بحياتهم؟".
ووفقًا لما ذكرته التليغراف، فإن أبو محمد تم التعرف على اسمه الحقيقي بعدما أرشد عنه أحد الأشخاص وأدرجته الشرطة الدولية "الإنتربول" على قوائم المطلوبين حيث كان في السابق ينظم رحلات لنقل المهاجرين إلى إيطاليا بحرا في قوارب ضخمة.
وأضافت أنه خسر أمواله في وقت سابق بسبب المشاكل مع الشرطة والدوريات البحرية التي يسيرها الاتحاد الأوروبي لكنه الآن يقوم بدفع أموال لبعض الضباط حتى يؤمن عمله.