وسط تصاعد أزمة اللاجئين ومطالبات شعبية ودولية بحل الأزمة وانتشال الآلاف منهم من الموت غرقا أوالابتزاز من قبل المهربين، فشلت دول الاتحاد الأوروبي مساء الاثنين 14 سبتمبر/ أيلول 2015، في الاتفاق بشأن توزيع 120 ألف لاجئ عالقين في إيطاليا واليونان والمجر، فيما قامت العديد من دول الاتحاد بفرض المراقبة على حدودها، فيما عبرت الأمم المتحدة عن خيبة أملها.
وأغلقت المجر أبرز منافذها إلى صربيا لوقف تدفق اللاجئين، وقالت الشرطة المجرية إنها ألقت القبض على 9380 مهاجرا أثناء عبورهم الحدود من صربيا الاثنين.
وفي روسكي التي أصبحت نقطة عبور معظم المهاجرين الذين يدخلون المجر، منع 15 شرطيا مجريا الاثنين عبور المهاجرين، في حين قام شرطيون آخرون في وضع أسلاك شائكة، وذلك عشية تطبيق الاجراءات الجديدة المناهضة للهجرة التي اتخذتها سلطات بودابست.
حسن وهو سوري ثلاثيني كان يقف وسط جمع من المهاجرين الباكين قال "سمعنا أن المجر تريد غلق حدودها لكن قالوا لنا أن ذلك سيحصل الثلاثاء".
وعلى بعد كيلومترين من المكان غربا، كان يسمح في مركز حدودي رسمي بدخول المهاجرين إلى المجر لكن بوتيرة بطيئة جدا، وبقي مئات منهم عالقين على الجانب الصربي مع حلول الظلام.
استقبال 40 ألف لاجئ خلال عامين
في نفس التوقيت لم تتوصل دول الاتحاد الأوروبي المجتمعة مساء الاثنين في بروكسل إلى اتفاق بالإجماع على توزيع ملزم لـ 120 ألف لاجئ إضافي كما طلبت المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي، بهدف مواجهة أسوء أزمة مهاجرين تشهدها أوروبا منذ 1945.
وزير خارجية لوكسمبورغ يان إسلبورن الذي ترأس مجلسا طارئا لوزراء داخلية الاتحاد قال إن غالبية دول الاتحاد التزمت مبدأ إعادة توزيع اللاجئين الـ 120 ألفا، لكن دون إجماع.
وصادق المجتمعون كما كان متوقعا على قرار تقاسم استقبال نحو 40 ألف لاجئ خلال عامين، انسجاما مع الاتفاق الذي توصلوا إليه نهاية يوليو/ تموز، رغم أنهم لم يحددوا حتى الآن وجهة نحو 32 ألف شخص داخل الاتحاد الأوروبي.
لكنهم فشلوا في التوافق على اقتراح جديد للمفوضية الأوروبية التي طلبت منهم "إعادة توزيع" 120 ألف لاجئ إضافيين موجودين حاليا في إيطاليا واليونان والمجر مع حصص ملزمة للدول.
تشيكيا والمجر وسلوفاكيا وبولندا يرفضون اللاجئين
وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف أوضح أن بعض دول الاتحاد لا تريد أن تكون جزءا من عملية التضامن مع اللاجئين، مشيرا إلى مجموعة دول "فيسغراد" وهي (تشيكيا والمجر وسلوفاكيا وبولندا).
وفي مستوى ما أحرز من تقدم في الاجتماع وافقت إيطاليا واليونان على أن تقيما عند حدودهما الخارجية مراكز استقبال لتسجيل المهاجرين لدى وصولهم إلى أوروبا والتمييز بينهم كطالبي لجوء أو كمهاجرين غير شرعيين.
الأمم المتحدة تعرب عن خيبة أملها
وقالت الأمم المتحدة الثلاثاء إنها تشعر "بخيبة أمل عميقة" لفشل وزراء الاتحاد الأوروبي في التوصل إلى توافق نهائي في الآراء بشأن خطة لتوزيع 120 ألف لاجئ على الدول الأعضاء.
المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قالت في بيان "هناك حاجة لاتفاق حاسم دون مزيد من التأجيل لتلبية الاحتياجات ولتحرك شجاع يقوم على تضامن كل الدول الأعضاء."
استياء منظمة العفو الدولية
منظمة العفو الدولية أعربت من جانبها عن أسفها لفشل ممثلي الاتحاد الأوروبي مجددا في الاستجابة للأزمة، معتبرة أنه يتعين عليهم إعادة النظر بشكل كامل في التعامل مع قضية اللجوء، وليس إقامة حواجز جديدة أو الدخول في خصومات حول الحصص.
ومن جانبها حذرت المفوضية العليا للاجئين من "فراغ قانوني" سيواجه اللاجئين في أوروبا، وأشارت إلى ضرورة وضع حل عاجل للمسألة.
اجتماع بروكسل المخيب للآمال جاء وسط عودة عمليات المراقبة على الحدود الألمانية والنمساوية، ما يشكل عمليا تعليقا لحرية التنقل التي تضمنها اتفاقيات شنغن في أوروبا.
وبعدما أصبحت خلال بضعة أسابيع بمثابة الوجهة المفضلة بالنسبة للمهاجرين الذين قد يبلغ عددهم مليون شخص هذه السنة بحسب نائب المستشارة سيغمار غابرييل، بررت ألمانيا الاثنين قرارها بتعليق حرية التنقل في أوروبا قائلة إن الإجراءات الجديدة ستستمر لأسابيع.
تغير موقف ميركل
التغيير المفاجئ في موقف المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل التي تواجه مشاكل لوجستية لم تتوقعها ونقمة داخل معسكرها السياسي، يأتي بعد أيام فقط على دعوتها شركاءها الأوروبيين لاستقبال اللاجئين بدون قيود على العدد.
ومنذ فجر الاثنين تشهد بلدة فرايلاسينغ في بافاريا على الحدود النمساوية ازدحاما خانقا بسبب إعادة العمل الأحد بإجراءات المراقبة على الحدود.
وتحاول برلين بذلك الحد من تدفق المهاجرين الكثيف إلى ألمانيا، الوجهة النهائية لكثير منهم، على الأخص السوريين الفارين من الحرب.
بالتالي أوشكت ميونيخ (جنوب) على تجاوز قدراتها للاستيعاب مع وصول حوالي 63 ألف لاجئ في أسبوعين وفدوا من البلقان وأوروبا الوسطى، ودخل نحو 1000 لاجئ قادمين من النمسا الاثنين بحسب الشرطة.
دول أوروبا الشرقية تغلق الحدود أمام اللاجئين
وسارعت دول في أوروبا الشرقية مثل سلوفاكيا والجمهورية التشيكية، والتي ترفض منذ أسابيع فكرة ألمانيا توزيع حصص لتقاسم عبء اللاجئين بين الدول الأعضاء الـ 28، إلى اتخاذ إجراءات مماثلة لتلك التي فرضتها ألمانيا، وكذلك فعلت النمسا.
بولندا أيضا أعلنت أنها مستعدة لإعادة المراقبة على الحدود في حال وجود تهديد أمني.
كما قررت النمسا من جانب آخر نشر الجيش على الحدود مع المجر حيث بلغ تدفق المهاجرين أرقاما غير مسبوقة.
وعلى الحدود بين اليونان ومقدونيا أشارت الشرطة إلى تراجع نسبي في عدد المهاجرين الواصلين حيث بلغ عددهم 5 آلاف الاثنين مقابل 10 آلاف في الأيام السابقة.
وأعلنت بريطانيا التي تملك مثل الدنمارك وأيرلندا خيار الانسحاب من سياسة اللجوء في الاتحاد الأوروبي، الاثنين تعيين مساعد وزير لشؤون اللاجئين، ووعدت باستقبال 20 ألف سوري على 5 سنوات.
أزمة اللاجئين في تصاعد
ولا توجد مؤشرات على تراجع أزمة المهاجرين بسبب الحروب والبؤس في الشرق الأوسط وأفريقيا.
كما أعلن الاتحاد الأوروبي الاثنين أنه قرر استخدام القوة العسكرية ضد مهربي المهاجرين بداية من أكتوبر/ تشرين الأول في إطار عمليته البحرية في البحر المتوسط.
واعتبر رئيس الوزراء اليوناني السابق إلكسيس تسيبراس أن عمليات ذات طبيعة عسكرية ستضرب لاجئين أبرياء وليس مهربين فالمراكب تصل إلى أوروبا بدون مهربين على متنها.
13 قتيلا في غرق قارب للاجئين إلى اليونان قبالة سواحل تركيا
واستمرارا لمأساة غرق اللاجئين، لقي 22 مهاجرا على الأقل من بينهم 4 اطفال مصرعهم صباح الثلاثاء، قبالة سواحل جنوب غرب تركيا عند غرق قارب كان ينقلهم إلى جزيرة كوس اليونانية.
خفر السواحل التركي تمكن من إنقاذ 205 أشخاص كانوا على متن القارب الخشبي الذي انطلق من منطقة داتشا جنوب غرب تركيا، ولا تزال عمليات الاغاثة مستمرة على أمل العثور على ناجين آخرين.
ولم ترد معلومات بعد حول جنسيات المهاجرين.
وسجل ارتفاع كبير في عدد المهاجرين خصوصا من سوريا وأفغانستان وباكستان وأفريقيا الساعين إلى مغادرة تركيا في قوارب متهالكة من أجل بلوغ اليونان على أمل عيش حياة أفضل في الاتحاد الأوروبي.
منظمة الهجرة الدولية قالت إن نحو 464 ألفا و876 مهاجرا عبروا البحر المتوسط هذا العام ارتفاعا من 432 ألفا حتى يوم الجمعة وهو ما يبلغ ضعفي عدد المهاجرين الذين عبروا المتوسط في 2014 كله.
المنظمة أضافت أن 72 مهاجرا يعتقد أنهم لاقوا حتفهم في الأيام القليلة الماضية أثناء محاولة عبور البحر المتوسط من تركيا إلى جزر اليونان.