واجهت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الاثنين 14 سبتمبر/ أيلول 2015، انتقادات بعد التغيير المفاجئ في موقفها من أزمة اللاجئين حيث انتقلت من سياسة اليد الممدودة إلى الحزم، وخصوصا بسبب عدم توقعها المشاكل اللوجستية ومعارضة أعضاء في حزبها لهذه السياسة.
ألمانيا أعادت في وقت سابق الأحد فرض رقابة على الحدود وخاصة مع النمسا، بعد الاقرار بأنها تواجه صعوبات في التعامل مع الآلاف من طالبي اللجوء الذين يصلون كل يوم، وأعلنت أنها لم تعد قادرة على استيعاب المزيد منهم، وعلقت مؤقتا حرية التنقل في فضاء شنغن.
الحلم الجميل انتهى
صحيفة "دير شبيغل" علقت بمانشيت تصدر صفحتها "الحلم الجميل انتهى" بعدما حاولت ألمانيا ومستشارتها على مدى أسبوعين أن تكون مثالا لسائر دول العالم عندما فتحت حدودها بالكامل أمام طالبي اللجوء.
من جهتها، كتبت صحيفة "سودويتشه تسايتونغ" أن المستشارة الألمانية "ما كان يجب أن تغير سياستها بهذا الشكل المفاجئ" حول مسالة اللاجئين، مضيفة أن عليها أن "تقر بأنها أساءت تقييم الوضع سياسيا أكثر من أي وقت مضى".
والأكثر إحراجا لميركل هو أن رئيس وزراء المجر الذي انتهج سياسة متشددة جدا ضد المهاجرين والذي عارض موقف ألمانيا علنا، كان أول من رحب الأحد بهذا التحول في موقفها عندما دعا إلى إعادة فرض "رقابة" ضرورية على الحدود.
مستشار ساركوزي ينتقد ميركل
اما هنري غينو المستشار السابق لنيكولا ساركوزي وعضو حزب الجمهوريين اليميني الفرنسي فقد سخر من أن "تكون ألمانيا هي التي تعيد اليوم الرقابة على الحدود بعد أن أعلنت ميركل قبل بضعة أسابيع أنها تريد استقبال 800 ألف لاجئ".
وتابع غينو "لقد قامت بذلك دون استشارة شركائها أو جيرانها ودون أي اكتراث للعواقب".
وهذا ليس التغيير الأول في سياسة ميركل التي تنتهج عادة خطا براغماتيا ولا تتردد في تعديل خياراتها بموجب ميول الرأي العام الألماني.
ففي العام 2011، وبعد كارثة فوكوشيما، رضخت لضغوط أنصار البيئة عندما قررت التخلي عن الطاقة النووية التي كانت تدعو إليها قبل فترة وجيزة.
هل الانتقادات الداخلية لميركل سبب تغيير سياستها؟
قرار إعادة فرض رقابة على الحدود للحد من تدفق عشرات آلاف اللاجئين القادمين من البلقان مرورا بالمجر والنمسا جاء في سياق سياسي داخلي ينطوي على مخاطر بالنسبة إلى ميركل.
فالفرع البافاري أي الأكثر تشددا من حزب ميركل لم يتردد منذ عدة أيام في انتقاد السياسة المتعاطفة التي تنتهجها الحكومة.
وطالب وزير النقل وعضو الحزب ألكسندر دوبرينت في نهاية الأسبوع الماضي بـ"اتخاذ إجراءات فعالة لوقف التدفق" قائلا إن بلاده بلغت أقصى قدراتها على استيعاب المهاجرين.
وألكسندر معني بالوضع أكثر من سواه لأن غالبية اللاجئين يدخلون ألمانيا من بافاريا.
حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي الحاكم ظهرت بوادر انشقاق داخله، فقد اعتبر "ينس يان" أحد قياديي الحزب ان سياسة الانفتاح "تشجع" اللاجئين على "التوجه إلى ألمانيا".
كما تعرضت ميركل في نهاية الاسبوع الماضي إلى انتقادات رؤساء حكومات المقاطعات الذين أعربوا جميعهم ومن بينهم أعضاء حزبها عن أسفهم لعدم الاعداد المسبق لسياسة فتح الأبواب أمام اللاجئين في الأسابيع الماضية مما أدى إلى اكتظاظ مراكز الاستقبال.
وشكل الوضع في نهاية الأسبوع الماضي في ميونيخ الإنذار الأخير لبرلين.
20 ألف طالب لجوء يصلون ألمانيا في أسبوعين
وللأسبوع الثاني على التوالي واجهت ميونيخ وصول قرابة 20 ألف طالب لجوء اضطر بعضهم إلى النوم في العراء لعدم توفر أماكن أو أسرة.
وإزاء هذا الوضع، أصبح الرأي العام الألماني في حيرة من أمره إذ لا يفهم ماذا تريده ميركل تماما من مسألة اللاجئين.
ففي مطلع يوليو/ تموز، كانت ميركل تبدو بموقف متشدد عندما قالت خلال نقاش عام ردا على شابة فلسطينية متأثرة إن ألمانيا لا يمكنها استيعاب كل المآسي في العالم.
وفي مطلع سبتمبر/ أيلول، التقطت لها صور وهي تبتسم مع سوريين تم إيواؤهم في منازل قبل ان تعود إلى خطها المتشدد.
وكتبت صحيفة "داي فيلت" المحافظة "في هذه الظروف السؤال هو هل أعدت السياسة الألمانية حول اللاجئين على أمل تحقيق هدف واضح أم لا".