يرى خبراء عسكريون أن التدخل العسكري للتحالف العربي في اليمن ضد الحوثيين سيستمر حتى النهاية رغم المخاطر والخسائر في الأرواح، بسبب ما يعتبره "تهديدا" إيرانيا.
قوات التحالف تكبت الجمعة خسائر فادحة تعد الأكبر منذ بداية تدخله في مارس/ أذار 2015 بعد مقتل 60 من جنوده من بينهم 45 جنديا إماراتيا، و10 سعوديين و5 من البحرينيين في هجوم صاروخي على قاعدة عسكرية في محافظة مأرب، وسط اليمن.
السعوديون اختاروا التصعيد
فرانسوا هيسبورغ، من مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية في باريس يقول "فيما يتعلق بالسعوديين، اعتقد أنهم ذاهبون إلى الاندفاع. وبين التصعيد والتهدئة، اختاروا التصعيد وهذا ما يفسر عمليات القصف المكثف في الوقت الراهن".
وبعيدا عن التسبب في أحداث تغيير في الاستراتيجية، فان خسائر الجمعة من شانها أن "تقوي عزيمة" التحالف وركيزتيه السعودية والإمارات، وفقا لمصطفى العاني، خبير الشؤون الأمنية بمركز الخليج للأبحاث، بجنيف.
طيران التحالف كثف غاراته السبت والأحد 6 سبتمبر/ أيلول 2015 ضد مواقع الحوثيين ومليشيات الرئيس اليمني السابق على عبدالله صالح.
الحوثيون تكبدوا منذ منتصف يوليو/تموز 2015، سلسلة من النكسات في الجنوب كما أنهم يواجهون حاليا تمركز القوى المعادية لهم في وسط اليمن.
وتابع هيسبورغ "إذا تباطأت السعودية، فسيشكل ذلك فشلا كبيرا للغاية بالنسبة لفريق الملك سلمان الذي كانت سياسته مواجهة الإيرانيين بواسطة اليمن".
نقطة اللاعودة
ماتيو غودير أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة تولوز الفرنسية يقول "يبدو أن الحوثيين بلغوا نقطة اللاعودة، ما سيدفع التحالف إلى تكثيف ضرباته وتوسيع نطاق عملياته.
ويعتبر أن الخسائر التي وقعت في مأرب "ستدفع بالتحالف إلى ضمان أمن أفضل لتدخلاته على الأرض وتوفير غطاء جويا أفضل لقواته" التي تهدف إلى طرد الحوثيين من المدن والمناطق التي سيطروا عليها منذ سبتمبر/ أيلول 2014، بما في ذلك العاصمة صنعاء.
مصطفى العاني الباحث الأمني والاستراتيجي يرى أن صاروخ التوشكا الذي تسبب في واقعة الجمعة أطلق من "وحدة من الحرس الجمهوري" التابعة لقوات الرئيس السابق صالح، فهو وحده فقط القادر على استخدام هذه الاسلحة، وليس الحوثيين.
لكنه قلل من شان الخسائر البشرية وتداعياتها النفسية على قوات التحالف، مؤكدا أن عدد قتلى التحالف العربي "ضئيل" مقارنة مع "عدد كبير" من قتلى معسكر الحوثيين الموالين لإيران، مشيرا إلى تدهور قدراتهم العسكرية "تماما".
النصر قريب جدا
العاني شدد على أن "النصر قريب جدا الآن"، مشيرا الى التحالف يعتبر أن المشكلة في اليمن هي إيران أكثر من الحوثيين.
واضاف "منذ البداية" اعتبرت دول مجلس التعاون الخليجي هجوم الحوثيين "يشكل تهديدا" لها.
وتابع "رأت هذه الدول في ذلك محاولة من إيران لاستنساخ تجربة حزب الله في شبه الجزيرة العربية، الأمر الذي ترفضه دول الخليج مهما كان الثمن".
وتزامن الهجوم في مأرب مع اول لقاء بين العاهل السعودي الملك سلمان والرئيس الأميركي باراك اوباما في واشنطن.
وإذا كانت أميركا تدعم الرياض بمواجهة الحوثيين، الا إنها قلقة حيال تأثير النزاع على المدنيين وغياب الافق السياسي.
أميركا تنأ بنفسها عن الأزمة
ويوضح هسيبورغ في هذا الصدد إن "الاميركيين ليس لديهم الرغبة في الانجرار وراء هذه المسالة. فاليمن طريقه وعرة كما أفغانستان".
ويضيف أنه "يتعين على إيران أن تختار،" لكن "لا اعتقد بأنها ستعمد إلى التصعيد، لاسيما أنها لا تحتاج لذلك. فالشيعة في اليمن قادرون على تصعيب الأمور للسعوديين من دون ان تكون طهران مضطرة إلى أن تزيد من ذلك".
ويعتقد التحالف العربي أن حل النزاع يجب أن يستند إلى قرار مجلس الأمن رقم 2216 الذي يدعو الحوثيين إلى الانسحاب من جميع المناطق التي سيطروا عليها وقبول الحكومة "الشرعية" المقيمة في المنفى في السعودية.
ووفقا لمصطفى العاني، فان الحوثي" بدأ تقديم تنازلات" بموجب ضغوط عسكرية "وسوف ينحني في نهاية المطاف".