في سابقة من نوعها، شهدت الانتخابات المحلية بالمغرب هذه السنة، ترشح ثلث عدد الوزراء المشاركين في الحكومة، فقد قرر 12 وزيرا من أصل 38 خوض غمار الانتخابات، وهو ما يعني تخليهم عن مناصبهم الحكومية، في حال فوزهم.
حزب العدالة والتنمية دخل الانتخابات التي تجرى اليوم بخمسة من وزرائه، أما باقي الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي، فقد قدمت عددا أقل، إذ يمثل وزراء حزب الحركة الشعبية ثلاثة، كما قدم حزب التجمع الوطني للأحرار نفس العدد (3)، وأخيرا حزب التقدم والاشتراكية بوزير واحد.
فاس.. مواجهة ساخنة بين الوزراء
تمكنت مدينة فاس، العاصمة العلمية للمغرب، من استقطاب خمسة وزراء، لكونها تضم أكبر عدد من المقاعد الإنتخابية (69 بينها 24 للنساء)، ليدخل عمدتها، حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال المعارض، في منافسة ساخنة ليس لها نظير في باقي البلديات.
المنافسة حول عمادة مدينة فاس، دخلها كل من إدريس الأزمي، الوزير المكلف بالميزانية عن حزب العدالة والتنمية، بالإضافة محمد عبو، الوزير المكلف بالتجارة الخارجية، عن حزب التجمع الوطني للأحرار.
أما حزب الحركة الشعبية، فقد اختار ترشيح أمينه العام، امحند العنصر، وزير الشباب والرياضة، والذي يسيطر على العديد من المناطق القروية المجاورة لفاس منذ سنوات.
ولم يكتفي حزب الحركة الشعبية بأمينه العام، بل رشح أيضا إدريس مرون، وزير التعمير وإعداد التراب الوطني، وكيلا للائحته بمدينة تاونات (شمال فاس)، بالاضافة إلى الوزير السابق محمد أوزين، والذي رشح بنفس الجهة عن إقليم إفران.
البرلمانيون بدورهم دخلوا المعركة التي ستؤهل أكثرهم شعبية لرئاسة الجهة، وذلك في مؤازرة واضحة لوزراء أحزابهم، ولعل أشهر المترشحين منهم بمدينة فاس، عبد الله بوانو، رئيس الفريق النيابي لحزب لعدالة والتنمية بمجلس النواب.
الوزراء الأقرب لمغادرة الحكومة
الوزراء الأكثر قربا من مغادرة منصبهم الحكومي هم أولئك الذين لا يلقون منافسين أقوياء في مناطق ترشحهم، كمباركة بوعيدة، الوزيرة المنتدبة لدى وزير الخارجية عن حزب التجمع الوطني للأحرار، حيث تقدمت للترشح في الإنتخابات بمدينة كلميم الجنوبية.
عبد السلام الصديقي، وزير التشغيل والتنمية الإجتماعية، تقدم هو الآخر للانتخابات باسم حزب التقدم والإشتراكية، بإقليم تازة (شمال)، وحيدا من دون منافسة قوية، بينما ترشح عزيز الرباح، وزير التجهيز والنقل المنتمي لحزب العدالة والتنمية، لرئاسة بلدية القنيطرة (شمال الرباط)، وجهة الرباط سلا القنيطرة. وحظي الرباح بدعم كبير من رئيس الحكومة المغربية، عبد الإله بنكيران، لينافس زميله في الحكومة، لحسن حداد، وزير السياحة عن حزب الحركة الشعبية، المتقدم في نفس الجهة.
الأمر ذاته يتكرر في جهة "بني ملال خنيفرة" (وسط غرب)، حيث يتنافس كل من لحسن الداودي، وزير التعليم العالي عن حزب العدالة والتنمية، وزميله محمد مبديع، الوزير المكلف بالوظيفة العمومية عن حزب الحركة الشعبية.
عبد العزيز العماري، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، ترشح هو الآخر بمدينة الدار البيضاء، لينافس فاطمة مروان، وزير الصناعة التقليدية، لينضافا إلى الأسماء القوية التي تقدمت في هذه الدائرة الإنتخابية، حيث عرفت مشاركة الوافد الجديد، فدرالية اليسار الديموقراطي المعارضة، والتي رشحت اليسارية القوية نبيلة منيب.
"التنافي" وتوديع كرسي الوزارة
ترشح الوزراء المغاربة للإنتخابات المحلية لم يأت من فراع، إذ يتجه المغرب إلى تطبيق ما يسيمه بالجهوية المتقدمة، فالصلاحيات التي أعطيت لرؤساء الجهات أصبحت أكبر بحكم دستور 2011، إلى درجة دفعت هؤلاء الوزراء إلى الاستعداد للتخلي عن منصب وزاري، لم ينالوه إلى بعد كفاح طويل.
قانون "التنافي" منع الجمع بين عضوية الحكومة مع العضوية في مجلس النواب أو مجلس المستشارين أو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أو منصب مسؤول عن مؤسسة عمومية أو مقاولة عمومية، أو منصب رئاسة مجلس جهة، سيكون لا محالة سببا في فقدان الحكومة لبعض من أعضائها في حالة فوزهم بالانتخابات.