قامت الخارجية المصرية بما يشبه "شدة أذن" للسفير البريطاني فى القاهرة بعد استدعاءها الأحد 30 أغسطس/ آب 2015 لـ"جون كاسن" الدبلوماسي الأكثر شغبا وحضورا بين الشباب المصريين على الشبكات الاجتماعية، إثر انتقاده أحكاما صدرت بالسجن فى حق 3 من صحافيي قناة الجزيرة السبت.
السفير البريطاني بالقاهرة، هو الدبلوماسي الغربي الأكثر احتكاكا بالواقع المصري، وعادة ما يخاطب الشباب المصريين بلغتهم العامية ويعلق على القضايا مثار الجدل في الشارع، كما ظهرت له صور فى شوارع القاهرة الفقيرة وداخل مطاعمها ومقاهيها الشعبية كانت عادة مثارا للاهتمام.
ويوم أمس السبت وجه كاسن انتقادا – ليس الأول من نوعه- لحكم أصدرته محكمة مصرية بحق 3 من صحفيي قناة الجزيرة إضافة إلى 4 آخرين بالحبس المشدد لمدد تصل إلى 7 سنوات حيث اعتبره صدمة معربا عن قلقه من هذه الأحكام.
غضب القاهرة من كاسن
وقامت الخارجية على إثر هذا التعليق باستدعائه لإبداء اعتراضها الشديد على قوله إن الاستقرار في مصر "هش"، وهو ما اعتبرتها الخارجية المصرية "تدخلاً غير مقبول في أحكام القضاء المصري".
وانتقدت ما صدر من تصريحات للسفير البريطاني واعتبرتها "تتنافى مع الأعراف والممارسات الدبلوماسية لسفير معتمد في دولة أجنبية، مهمته الرئيسية توثيق العلاقات مع الدولة المعتمد لديها".
ورداً على ما قاله السفير البريطاني بأن "الأحكام الصادرة سوف تقلل من الثقة في الخطوات التي تقوم بها مصر نحو تحقيق الاستقرار بناء على تنفيذ الحقوق المنصوص عليها في الدستور المصري"، علق المتحدث باسم الخارجية المستشار أحمد أبو زيد بأن "المهم هو ثقة الشعب المصري في نزاهة قضائه واستقلاليته، مؤكداً أن "مصر لا تنتظر دروسا من أحد".
بيان ثان للخارجية المصرية عقب انتقاد بعض المنظمات والدول مثل الولايات المتحدة للحكم أعربت فيه القاهرة عن "رفضها الكامل لأي بيانات أو تصريحات صادرة عن جهات خارجية تتعلق بالحكم الصادر فيما يسمى بقضية خلية الماريوت" الخاصة بسجن صحفيي قناة الجزيرة الانجليزية.
وأكد المتحدث باسم الخارجية أن "مصر دولة قانون ودستورها يصون ويحمي جميع الحقوق والحريات"، وأن "المحاولات المستمرة لخلط الأوراق للإيحاء بأن الأحكام تستهدف تقييد حرية الصحافة، هي ادعاءات لا تتسق مع الواقع، حيث أن هناك الآلاف من الصحفيين المصريين وغير المصريين الذين يعملون في مصر بحرية تامة ولم توجه إليهم أية اتهامات".
تصريحات كاسن المثيرة للأزمة
وفي أعقاب الحكم، الذى حضر جلسة الحكم فيه قال السفير البريطاني بالقاهرة جون كاسن "أنا مصدوم وقلق جدا من هذه الأحكام".
"كاسن" لم يكتف بذلك بل قال في تصريحات نقلتها الصفحة الرسمية للسفارة البريطانية على فيسبوك أن "هذه القضية جذبت اهتماما دوليا لأسباب ليس أقلها وجود مواطنين أجانب بين المتهمين من بينهم مواطنان بريطانيان، ولكن هذه القضية لها أهمية أعمق بالنسبة للمصريين لأنها أصبحت رمزا لأساس الاستقرار في مصر الجديدة".
كما قال إن "بريطانيا تدعم بنشاط الاستقرار في مصر. ولكن السؤال الهام اليوم هو: هل سيكون هذا الاستقرار هشا ومؤقتا على أساس منع الحريات الإعلامية وحرية التعبير وحرمان الأفراد من الحقوق الواردة في الدستور المصري؟ أم أننا نستطيع أن نبني استقرار قوي طويل الأمد مبني على حرية التعبير والإعلام تحت حكم القانون الذي ينفذ بشكل مستقل على الجميع بغض النظر عن الأجندات السياسية أو المصالح".
توباياس إلوود: الأحكام التي صدرت اليوم تقوض الثقة بإحراز تقدم في #مصر تجاه الاستقرار المبني على احترام الحقوق التي كفلها الدستور المصري
— الخارجية البريطانية (@FCOArabic) أغسطس 29, 2015
وأعرب كاسن عن قلقه معتبرا "أن الحكم سيضعف الثقة داخليا وفي الخارج في الأساس الذي ينبني عليه الاستقرار في مصر، أعرف أن للمتهمين حق نقض الحكم"، وأكد أنه "من الضروري للسلطات المصرية أن تتحرك لحل مشكلة المواطنين البريطانيين اللذين تأثرا بهذه القضية بشكل عاجل".
المندوب السامي التويتري
صحف مصرية أطلقت علي السفير البريطاني لقب "السفير التويتري" و"المندوب السامي البريطاني الالكتروني"، بعدما خطف السفير جون كاسون، اهتمام عدد من مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" بسبب تغريداته الناقدة لمصر، وأخرها التغريدة التي أعلن فيها نقده للحكم على صحفيي الجزيرة.
وقبلها قوله إن "السفارة البريطانية ترحب بابن عامل النظافة لكي يعمل بها"، وذلك ردًا على تصريحات وزير العدل المستقيل، المستشار محفوظ صابر، "أنه لا يمكن لابن عامل نظافة تولي منصة القضاء".
عايز تشتغل في السفارة البريطانية؟ نرحب بالجميع و نرحب بابن عامل النظافة. https://t.co/bNnQRFkwSs
— British Amb in Egypt (@FCOJohnCasson) مايو 13, 2015
تغريده "جون كاسون" حينها أثارت الجدل على موقع "تويتر"، وتصدر هاشتاج باسم "السفير البريطاني" موقع التواصل الاجتماعي تأييدا لتغريداته، وهاشتاج آخر بعنوان "اطردوا السفير البريطاني" اعتراضًا على تدخله في الشأن المصري.
ويعد حساب السفير البريطاني بالقاهرة، هو الأكثر نشاطًا على "تويتر" واندماجًا في الواقع المصري، ففي تغريده نشر صورة في مساحة خضراء، موجهًا سؤال لمتابعيه بالعربية "هتعمل إيه في شم النسيم؟"، وكذلك صورة أخرى أعلى كوبري قصر النيل، وفي مصر القديمة.
ويستخدم "جون كاسون"، اللغة العامية المصرية في تغريداته، وينشر تغريدات كثيرة له وهو وسط المصريين ويتناول طعام أو حلوي مصرية مثل "غزل البنات".
#ReasonsToLikeCairo 41
Candy floss sugar hit on Talaat Harb
#غزل_بنات pic.twitter.com/l3KmvahCrF
— British Amb in Egypt (@FCOJohnCasson) أغسطس 8, 2015
:38 #reasonstolikecairo
: Koueider for Ramadan Konafa
عجبتني اللي بالكريمة أكتر من اللي بالمانجة pic.twitter.com/yfz8hYPoPW
— British Amb in Egypt (@FCOJohnCasson) يونيو 22, 2015
وتتميز تغريدات "كاسون"، بحسب صحيفة "الوطن" المصرية الخاصة، "بالحس الفكاهي"، ففي أحد ردوده على شخص طالبه بأن يعمل سفير مصر في بريطانيا، قام بالإشارة لحساب وزارة الخارجية المصرية على "تويتر" معلقًا: "حد عايز يشتغل معاكو".
وكانت آخر تغريدات السفير البريطاني، موجهة إلى بطل مصر في لعبة الإسكواش محمد الشوربجي، بعد فوزه بـ"لقب بطولة بريطانيا المفتوحة للإسكواش" للمرة الأولى في تاريخه بعد التغلب على حامل اللقب الفرنسي جريجوري جولتييه، قائلًا: "مبروك يا شوربجي مش كده يا مصريين.. ادونا فرصتنا شوية"، ورد عليه البطل المصري في تغريده قائلًا: "ولا كمان 20 سنة يا جون إحنا جامدين قوي".
مبروك يا شوربجي
مش كده يا مصريين .. ادونا فرصتنا شوية
#نفسنة @EgySquash @MoElshorbagy الاسكواش# https://t.co/SsfBVbSHf4
— British Amb in Egypt (@FCOJohnCasson) مايو 18, 2015