أن تتخذ قراراً بالزواج في تركيا ليس بالأمر السهل، لأنك أمام كتلة من الإجراءات الروتينية هذا لو كنت تحمل الجنسية التركية، ما بالك لو كنت أجنبياً حينها ستكون بمواجهة كبيرة فيما يتعلق بلملمة الأوراق من بين براثيم البيروقراطية التركية وبيروقراطية دولتك.
أما أن تكون سورياً فهي الأزمة الأكبر خاصة أن أوراقك الرسمية مازالت حبيسة القنصلية السورية التي تعاني من الازدحام الشديد.
أوراق لا تنتهي!
عبد الرحمن (27 عاماً) القادم من مدينة حمص توجّه إلى بلدية "كوتشوك تشكيمجيه" في مدينة اسطنبول ليعقد قرانه، لكنه تفاجأ بالطلب الأول وهو تقديم أوراق "الإقامة النظامية وقيد نفوس" مسجّل عليهما جملة "للاستخدام الخارجي"، وأن يثبت أنه أعزباً وترجمة كل تلك الأوراق وتصديقها من كاتب العدل في إسطنبول.
بدأ عبد الرحمن معاملة الإقامة التي قضت منه مغادرة تركيا والدخول مرة ثانية، وبعد حصوله على أوراق الإقامة توجه إلى البلدية لتحديد موعد القران فكان الجواب "بعد ثلاثة أشهر"، والتبرير الذي قدمته الموظفة له هو أن هذه "الفترة هي موسم زواج للأتراك ومزدحمة، والأفضل القدوم في الشتاء حينها لن ينتظر كل تلك المدة".
وطلبت الموظفة من عبد الرحمن مجموعة من الأوراق الجديدة غير تلك الأوراق التي استغرقت منه شهوراً، ليكتفي في نهاية الأمر بعقد القران الخارجي الذي اعتبره "الأفضل والأسهل والأسرع"، وما جعله يشعر بالضيق "وجود أشخاص استطاعوا عقد القران الرسمي في بلدية داخل اسطنبول على الرغم من عدم وجود بطاقة إقامة" على حدّ قوله.
غازي عينتاب الخيار الأفضل
غالباً ما يختار السوريون مدينة غازي عينتاب التركية للزواج الرسمي، وذلك بسبب التسهيلات التي قدّمتها البلديات هناك.
على سبيل المثال حددت "بلدية شاهين بيه" التابعة لبلدية غازي عينتاب الكبرى الأوراق المطلوبة من المواطن الأجنبي لعقد قرانه الرسمي في البلدية بـ "ورقة عزوبية وقيد نفوس" مصدّقة من الدولة الصادرة عنها أو القنصلية الدبلوماسية للدولة في تركيا، والحصول على عقد إيجار يقدّمه أحد الزوجين مصدقاً من الكاتب بالعدل، وتقريراً طبياً للزوجين من المراكز الطبية الحكومية التركية المعتمدة، دون إيلاء أي أهمية لوجود وثيقة الإقامة في تركيا ولا جواز السفر، لتكون الظروف في غازي عينتاب أفضل لزواج السوريين، وبذلك نكون أمام قوانين مختلفة باختلاف البلديات مما يزيد التعقيدات لدى المواطن السوري الراغب في الزواج بتركيا.
أما وائل القادم من قطر ليعقد عقرانه في تركيا فيقول" لم أواجه مشاكل مع الأتراك فعقدت قراني في إحدى بلديات مرسين لكن ما عانيته هو التعقيدات في القنصلية السورية باسطنبول حيث تتطلب مني الأمر الوقت الكثير والأموال الأكثر".
لا معاملة خاصة للسوري!
انتقادات كثيرة وجهها الشباب السوري الذي يعيش في تركيا ويرغب بالزواج، ولكن الأوراق الرسمية المفروضة من قبل البلديات التركية هي إلزامية للجميع، الأمر الذي أكده "ياسين كارتال" أحد المسؤولين الإعلاميين في بلدية أوسكودار التابعة لبلدية إسطنبول الكبرى لـ "عربي بوست" حيث قال "لا يمكن معاملة السوري معاملة خاصة في عقد الزواج فهم ملزمون بالأوراق الرسمية التي تطلبها دائرة "التزويج" التابعة للبلدية من الأجانب والتي يمكن حصرها بجواز سفر مترجم ومصدق، وبطاقة إقامة سارية المفعول في تركيا، كذلك وثيقة عزوبية وقيد نفوس صادر عن البلد التابع لها الزوج او الزوجة، أو صادر عن ممثلية البد مع ترجمته للتركية، وتصديقه من كاتب العدل، بالإضافة إلى تقرير صحي خاص بالزواج"، وختم بقوله "القانون يسري على الجميع لا يمكن تجاهل أي ورقة من تلك المذكورة".
عقود مزورة
اختار "فؤاد" الشاب السوري الذي يبلغ من العمر 31 عاماً "تزوير عقد زواج" فهو الحل الأمثل لاختصار الوقت عليه، وخاصّة أنه ينوي الرحيل إلى أوروبا تهريباً من بوابة إزمير التركية، وهو بحاجة لهذا العقد كوسيله من أجل لمّ شمل زوجته "بالتزوير" والتي تنوي اللحاق به إلى هولندا الوجهة المرادة.
قام فؤاد عن طريق سماسرة بتزوير عقد زواج صادر من سورية من خلال استخدام أختام مزورة، ومنهم من يحصل على هذه العقود المزورة من المناطق الشمالية في سورية، حيث انتشرت مكاتب التزوير هذه في الآونة الأخيرة وبكثرة فهي تقدم كل ما يتعلق بالأمور الحياتية بسبب الحرب من شهادات سواقة أو شهادات جامعية وغيرها.
الفلسطيني السوري لجوء بعده لجوء!
قصّة بلون مختلف تطال الفلسطيني اللاجئ في سوريا والمتواجد حالياً في تركيا، منهم "أحمد" الذي أوضح لـ "عربي بوست" أنه بعد أن "استطاع الحصول على وثيقة سفر صادرة عن السلطة الوطنية الفلسطينية بسبب عجزه عن تجديد جوازه الصادر عن الحكومة السورية وقع في مشكلة الحصول على قيد النفوس وورقة عزوبية".
فالمعادلة كالتالي: هو قادر على الحصول على الوثائق المذكورة سابقاً من سوريا لكن هذه الوثائق لن تكون مطابقة لجواز السفر.
وفي الوقت ذاته هو ليس مسجلاً في السجل المدني الفلسطيني بشكل رسمي وبذلك من الصعب الحصول على ورقة قيد نفوس من السلطة الوطنية الفلسطينية، ليبقى في مهب البحث الدائم عن الحل على أمل دخول قفص الزوجية بشكل رسمي.