بالرغم من خطابه الذي دعا فيه الشباب إلى المشاركة بكثافة في الإنتخابات، والذي اعتبر فيه أن التصويت "حق وواجب وطني، وأمانة ثقيلة عليهم أداؤها"، إلا أن مطلب ملك المغرب محمد السادس يبدو بعيد التحقق، فمقاطعة الإنتخابات، لازالت منتشرة بشكل كبير في صفوف الشباب، فيما تحاول الأحزاب السياسية إقناعهم بالمشاركة.
الملك محمد السادس، في خطابه الموجه للمغاربة الخميس 20 أغسطس/ آب 2015، بمناسبة ذكرى "ثورة الملك والشعب" و"عيد الشباب"، قال إن التصويت "وسيلة لتغيير طريقة التسيير اليومي للأمور، أو لتكريس الوضع القائم، جيدا كان أو سيئا".
وعاد العاهل المغربي، للحديث مجددا عن الإنتخابات البلدية المقرر إجراؤها في الرابع من سبتمر/ أيلول القادم، بعدما انتقد فى خطاب سابق الأوضاع بالبلديات المحلية، وبعث مجموعة من الرسائل المباشرة إلى المترشحين لها، وحذر من الفساد بلهجة شديدة.
وبدأت السبت في المغرب حملة الانتخابات المحلية المرتقبة بداية أيلول/سبتمبر والتي يتنافس فيها 30 حزبا على أكثر من 31 ألف مقعد، وسط ثقة كبيرة للإسلاميين باحتلال المرتبة الأولى بعد أول تجربة حكومية يقودونها منذ 2011.
ويعتبر معظم الشباب المغاربة المقاطعين للإنتخابات أن الأحزاب السياسية في البلد "لا تستجيب لمطالبهم وتبقى بعيدة عن همومهم وتفكيرهم".
فيما يرون أن الفساد يستشري فى الحملات الانتخابية للأحزاب، مطالبين بتغيير الأوضاع وبعملية سياسية أكثر شفافية.
شباب غاضب
هافيغتون بوست عربي تحدثت مع عدد من الشباب الغاضبين والذين أعلنوا مقاطعتهم الانتخابات، كما حاورت بعض مسؤولي الأحزاب حول موقف الشباب.
رشيد بلدي، شاب مغربي يبلغ من العمر 24 سنة، موظف بإحدى وكالات التأمين، يقول إنه قرر مقاطعة الإنتخابات البلدية في بلده لكون صوته "لا يفيد ولا يغير الوضع، كما أن بعض الأحزاب ترشح أشخاصا أميين ومتهميين بقضايا الفساد" على حد تعبيره.
ويضيف رشيد "إنه شخصيا لا يعرف من يمثله بالحي الذي يسكنه ولا بمدينته إلا خلال الحملات الإنتخابية التي ينظيم فيها المرشحون عشرات اللقاءات مع سكان الأحياء لكسب أصواتهم".
نفس السياق، تؤكده التقينة في المجال المعلوماتي الشابة فاطمة الزهراء السماوي، قائلة إنها "لن تكون ضد التصويت في حالة توفر النزاهة والشفافية في الإنتخابات"، متهمة بنبرة تأسف، "أصحاب المال والنفوذ"، بكونهم هم الذين "يتحكمون في مصير الإنتخابات، وليست الكفاءة والمصداقية والبرامج الإنتخابية".
أحزاب تحاول استمالة الشباب
من جانبها، تسعى الأحزاب السياسية المغربية، ومع اقتراب موعد الإنتخابات، إلى استقطاب أنصار جدد، خصوصا من وسط الشباب، محاولة إقناعهم بالتصويت.
أمينة ماء العينين، النائبة البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، تقول إن حزبها يتابع مواقف الشباب المقاطعين للإنتخابات، كما "يعتبره أمرا مقبولا، لكونه يدخل في إطار الإختيار الديموقراطي، ونوع من وسائل الإحتجاج عن الأوضاع".
وتضيف ماء العينين أن "الحقيقة التي نواجه بها هؤلاء الشباب، وكل الأصوات التي تنادي بمقاطعة الإنتخابات، هي أن هذه الطريقة لم تقدم نتائج ملموسة في العالم بأكمله".
البرلمانية الشابة أشارت إلى وجود خلل فى الوسط السياسي، قائلة "نحن لا نبيع الوهم للشباب، بل نواجههم بالحقائق، ونؤكد لهم أنه لا يمكن تحقيق التنمية بدون نخبة واعية.. نحن ندعوهم إلى المشاركة، ونقدم لهم مرشحين وبرامج في المستوى".
وحول دور أحزاب المعارضة فى جذب الشباب للتصويت فى الانتخابات ، يقول يونس السكوري، عن حزب الأصالة والمعاصرة، إن شباب المغرب الآن أمام فرصة لا تعوض، "سواء بالتصويت واختيار نخب ستخدم مصالحهم، وإما بالمقاطعة التي تعني إهدار المال العام الذي سيوضع في جيوب مرشحين لا تهمهم سوى مصالحهم الشخصية الضيقة".
السكوري، أكد "أن الفرق بين أمس واليوم كبير وشاسع، كما أن الجماعات المحلية (البلديات) مُنحت لها ميزانيات هائلة سيتم صرفها من طرف المنتخبين بها وبالمجالس الجهوية".
الفايسبوك.. معترك سياسي جديد
إعلان مقاطعة الإنتخابات بالمغرب كان في السابق موقفا تحتكره بعض الهيئات المدنية فقط ، غير أنه، ومع إمكانيات التعبير التي توفرها وسائل التواصل الإجتماعي، ظهرت على الفايسبوك صفحات شبابية كثيرة تنادي بالمقاطعة، إلى جانب منشورات خاصة أعلن فيها كثيرون قرارهم بعدم المشاركة.
وتقول خولة أجعفري، وهي صحافية شابة، إن البرامج الإنتخابية للأحزاب "بئيسة ومثيرة للشفقة "، وتؤكد أنها كشابة "فقدت ثقتها في الأحزاب السياسية".
خولة، أوضحت أن ما دفعها إلى إعلان موقفها على الفايسبوك، لمناقشة الموضوع بكل حرية، "كما لا ننسى أن الفايسبوك منبع الثورات، ومتنفس يعبر فيه المواطن عن سخطه وعدم رضاه عن الوضع"، على حد تعبيرها.
انت مترشح للانتخابات ماااشي مشكل و لكن الاخطاء اللغوية علاش؟ عزيزي المواطن بأي منطق ستصوت لأشخاص يكتبون : المناضرة، ال…
Posted by Khaoula Jaifri on 22 أغسطس، 2015
من جانبها، تحاول الأحزاب السياسية المغربية أن تستعمل هي الأخرى الشبكات الإجتماعية في حملتها الإنتخابية، مستهدفة بذلك الشباب.
ويقول أمين رغيب، المتخصص في التكنولوجيا الحديثة"، إن مواقع التواصل الإجتماعي أصبحت تشكل قاعدة جماهرية واسعة، وبالتالي وجدتها الأحزاب وسيلة فعالة للتواصل وغير مكلفة، إذ يكفي فقط تأسيس صفحة وتقديم عرض جميع البرامج والأفكار وإقناع رواد الأنترنت، وبالخصوص الشباب".
وذكر رغيب أن الأحزاب المغربية التي تعتمد على مواقع التواصل الإجتماعي أصبحت توظف أشخاصا متخصصين في مجال تسيير الإشهار والصفحات على المواقع الإجتماعية". ويساعد هؤلاء الأفراد، حسب أمين رغيب، الأحزاب والمرشحين للإنتخابات على التقرب من المواطنين عن طريق الشعارات والتعاليق وتضخم أعداد المعجبين بصفحاتهم".