شهدت العراق اليوم استجابتين لحزمة الإصلاحات التي أقرها البرلمان العراقي، حيث ألغى رئيس الوزراء حيدر العبادي ثلث المناصب الوزارية في حكومته، وطالبت لجنة برلمانية بمحاكمة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي و35 قيادة عسكرية وسياسية بتهمة التسبب في سقوط الموصل بيد تنظيم داعش.
بيان للعبادي أكد فيه تقليص عدد أعضاء مجلس الوزراء ليكون 22 عضوا إضافة إلى رئيس مجلس الوزراء بدل 33 عضوا، وذلك بإلغاء المناصب الثلاثة لنواب رئيس مجلس الوزراء، و4 وزارات، ودمج 8 وزارات بعضها ببعض لجعلها 4 فقط.
العبادي ألغي وزارة حقوق الإنسان، ووزارة الدولة لشؤون المرأة، ووزارة الدولة لشؤون المحافظات ومجلس النواب، ووزارة دولة إضافية.
كما دمج وزارة العلوم والتكنولوجيا بالتعليم العالي والبحث العلمي، ووزارة البيئة بالصحة، ووزارة البلديات بالإعمار والاسكان، ووزارة السياحة والآثار بوزارة الثقافة.
وتأتي هذه الخطوة ضمن حزمة الاصلاحات لمكافحة الفساد والترهل في مؤسسات الدولة التي أقرتها الحكومة الأحد الماضي ووافق عليها البرلمان الثلاثاء، بعد أسابيع من التظاهرات الحاشدة ودعوة المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني العبادي ليكون أكثر جرأة في مكافحة الفساد.
المالكي وسقوط الموصل
ومن ناحية أخري، دعت لجنة برلمانية عراقية الأحد 16 أغسطس/ آب 2015، لمحاكمة 35 مسؤولا أمنياً وسياسياً، بينهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي حول سقوط مدينة الموصل الشمالية في يد تنظيم الدولة الإسلامية.
تقرير اللجنة حمل مسؤولية الهزيمة التي وقعت في يونيو/ حزيران 2014 لمحافظ الموصل السابق أثيل النجيفي، والقائم بأعمال وزير الدفاع سابقا سعدون الدليمي، وخالد الحمداني قائد الشرطة في نينوى.
وقال عضو لجنة التحقيق فى سقوط الموصل النائب عبد الرحيم الشمري أن المالكي الذي تولى رئاسة الوزراء بين العامين 2006 و2014، هو واحد من ضمن 36 مسؤولا بينهم ضباط كبار وسياسيون، وردت أسماؤهم في تقرير اللجنة.
رئيس مجلس النواب سليم الجبوري تسلم تقرير اللجنة وأكد أنه سيعرضه في جلسة مقبلة لمجلس النواب، قبل "ارساله إلى الادعاء العام ليأخذ مجراه القانوني".
وأكد بيان لمكتب الجبوري أنه لا أحد فوق القانون ومساءلة الشعب، والقضاء سيقتص من المتورطين.
كما أضاف أن إنجاز التحقيق هو الخطوة الأولى في عملية المحاسبة وعلى القضاء أن يأخذ دوره بشكل مباشر في محاسبة المتورطين والمتسببين والمقصرين، موضحا أن "هذا التقرير سيوثق مرحلة مهمة وخطيرة من تاريخ العراق الحديث".
وشدد على أن التقرير سيعرض في شكل "علني" ليطلع الشعب العراقي على حقيقة ما جرى من أحداث تسببت في سقوط محافظة نينوى (ومركزها الموصل) بيد داعش وما تبعه من انهيارات أمنية في عدد من محافظات العراق".
سقوط الموصل
وكان تنظيم الدولة الاسلامية شن في التاسع من يونيو/ حزيران 2014 هجوما واسعا على مدينة الموصل، وسيطر عليها بالكامل في اليوم التالي، وبعد ذلك تابع التنظيم تمدده في مناطق واسعة في شمال العراق وغربه.
وانهارت العديد من قطعات الجيش والشرطة في وجه الهجوم، وانسحب الضباط والجنود من مواقعهم تاركين أسلحتهم الثقيلة للجهاديين.
ويتهم المالكي، وهو بحكم رئاسته للحكومة القائد العام للقوات المسلحة، من قبل خصومه باتباع سياسة تهميش واقصاء بحق السنة، فيما يرى محللون إنه ساهم في تسهيل سيطرة التنظيم المتطرف على المناطق الواسعة، وهي بمعظمها ذات غالبية سنية.
كما يتهمه خصومه بممارسة نفوذ واسع في الجيش والقوات الأمنية لا سيما من خلال "مكتب القائد العام للقوات المسلحة"، وقيامه بتعيين الضباط بناء على الولاء السياسي له بدلا من الكفاءة.
المالكي موجود حاليا في طهران ويشارك بمؤتمر "الجمعية العمومية للمجمع العالمي لأهل البيت"، فقد منصبه كنائب رئيس الجمهورية العراقية بعد سلسلة إجراءات إصلاحية أقرها رئيس الوزراء العراقي حيد العبادي الأحد 9 أغسطس/ آب 2015، وتضمنت إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية التي يشغل أحدها المالكي.
دعوات لحساب المالكي بتهم الفساد
وعقب اقالته تعالت أصوات عراقية للمطالبة بمحاسبته عن عمليات الفساد خلال الأعوام الثمانية التي حكم فيها العراق، والتي شهدت انتشار الفساد في مؤسسات الدولة إلى جانب تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية للبلاد.
وكان تقرير لمنظمة الشفافية الدولية لعام 2014، قد ذكر أن العراق يحتل المرتبة السادسة من بين الدول الأكثر فساداً في العالم.
وبحسب تقارير للجنة المالية في مجلس النواب العراقي، فإن حجم الهدر المالي الذي تم خلال فترة حكم المالكي حتى منتصف 2014، بلغ 109 مليارات دولار، تم توجيهها لمشاريع أقرّتها الحكومة وتبين أنها وهمية، وأغلبها تم منحها لأقربائه وأصدقائه.
وبحسب لجنة النزاهة، فإن "هناك فوضى في تخصيص المشروعات في الحكومة السابقة، وقسم منها وهمي، ما تسبب في ضياع أموال العراقيين".