الجنسية الجزائرية نادرة بين صفوف “داعش”.. وهذه هي الأسباب

عربي بوست
تم النشر: 2015/08/13 الساعة 07:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/08/13 الساعة 07:56 بتوقيت غرينتش

بالرغم من التاريخ الثقيل لبلد "المليون شهيد" في ملف الجهاديين محليا، فإن عدد المقاتلين الجزائريين في صفوف تنظيم "داعش" لا يتجاوز 63 شخصا، حسب الإحصائيات الرسمية، مقابل 3 آلاف و1500 مقاتل من الجارتين المغرب وتونس، على التوالي.
هذه المعطيات انطلقت منها دراسة حديثة نشرها مركز كارنيغي للشرق الأوسط للباحثة الجزائرية دالية غانم يزبك، لتفسير أسباب هذا "العزوف" في صفوف الإسلاميين في الجزائر عن الإنضمام إلى "الدولة الإسلامية".

تجربة مريرة

حسب الدراسة، فإن السبب الرئيسي لانخفاض جاذبية الحركة الجهادية بين الشباب الجزائري، هو تجربة الحرب الأهلية في البلاد التي اندلعت طيلة عقد التسعينيات، عقب فوز جبهة الإنقاذ الإسلامية في الجولة الأولى بالإنتخابات التشريعية في كانون الأول/ ديسمبر 1991. هذه الأحداث، تقول الدراسة، "خلقت جرحاً عميقاً وغائراً لاتزال معالمه تتجلى بوضوح في توق الجزائريين إلى الأمن والاستقرار".

وأدت الحرب الأهلية في الجزائر، على مدار عشر سنوات، إلى مقتل 150 ألف شخص واختفاء 7 آلاف آخرين. السلطات الجزائرية اعتمدت على هذه الأحداث "لتبرير مواقفها الأمنية القاسية"، خصوصا وأن "الجزائريين لايزالون يشعرون بالقلق من احتمال العودة إلى الاضطرابات السابقة".

حركة سلفية سلمية

السب الثاني "لعزوف" الجزائريين عن الانضمام للجماعات الإسلامية المسلحة خارج البلد، هو صعود حركة الدعوة السلفية، أو ما يطلق عليه البعض بالحركة العلمية. وقد شكلت حركة الدعوة السلفية بديلا لمن كان يدعم جبهة الإنقاذ الإسلامية في البلاد، كما هو الشأن بالنسبة للذين فقدوا ثقتهم بالأحزاب الإسلامية.
وتقوم الدعوة السلفية في الجزائر أساسا على الصمت التام حيال القضايا السياسية ورفض المشاركة السياسية التي تعتبرها "فتنة بين المسلمين".

وتوفر الدعوة السلفية في الجزائر دعما إقتصاديا واجتماعيا لأتباعها عبر نظام شبكات وتبرعات، مما يقوي حس الإنتماء لدى أتباعها، وهذا ما يفسر عدم اهتمام الشباب السلفيين بمغادرة الجزائر للانخراط في "قتال ليس قتالنا"، على حد تعبير شاب جزائري.

سيطرة على الخطاب الديني

بالاعتماد على علماء حركة الدعوة السلفية الذين يوظفون في المساجد والجامعات، تستطيع السلطات الجزائرية أن تسيطر على الخطاب الديني في البلاد، خصوصا وأن هؤلاء العلماء "لا يهتمون بالدولة وسياساتها، كما لا يطرحون أي تهديد لها"، حسب دراسة معهد كارنيغي للشرق الأوسط.

وأوردت الدراسة تصريحا نسبته لمقدم سابق في الجيش الوطني الشعبي الجزائري، يقول فيه إنهم يتركونهم "يعملون بحرية لأنهم لا يطرحون تهديداً.. بل على العكس، يشكّلون وسيلة جيّدة تتيح للشباب تنفيس غضبهم وإحباطهم والتكيّف معهما".

رقابة أمنية مشددة وقدرات عالية

تمارس الأجهزة الأمنية الجزائرية رقابة مشددة على كل التنظيمات الجهادية، كما أنها موضوعة دائما في حالة تأهب.

وتمتلك قوات الأمن الجزائري قدرات عالية، حيث وظفت في سنة 2014 فقط، 209 ألف عنصر شرطة في المديرية العامة للأمن الوطني، بينما وظف المغرب حوالي 46 ألف عنصر في هذا الجهار.

وتبلغ القوة العاملة في الجيش الجزائري أكثر من 500 ألف عنصر، عززت بها حدودها مع ليبيا والنيجر ومالي، وجعلتها مناطق عسكرية لا يسمح بالدخول إليها إلا بتصريح أمني خاص.

ومن الناحية الإجتماعية، تقدم الجزائر حوافز مالية مهمة إلى عناصر الأجهزة الأمنية، حيث زادت سنة 2010 من رواتبهم كما أنها تقدم لهم تسهيلات في الإسكان.

واقع جزائري قد يصدر الجهاديين

بالرغم من انخفاض أعداد الجزائريين في صفوف حركات مثل "داعش"، فإن ثقافة الإفلات من العقاب، التي تنتشر في صفوف أعضاء الشرطة والأجهزة الأمنية، حسب ذات الدراسة، وعدم تجدد النخب السياسية، قد ينجم عنه تطرّف الشباب وانضمامه إلى الحركات الجهادية في الخارج، خصوصا وأنه يعاني من مشاكل عدة، منها البطالة ومعدلات الأجور المنخفضة.

تحميل المزيد