توقع محللون فلسطينيون أن يتم عقد اتفاق "تهدئة طويل الأمد" في قطاع غزة برعاية بريطانية بدلا من المصرية، خاصة بعد لقاء رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في الدوحة للمرة الثانية خلال شهر ونصف.
وكشفت قيادات في الحركة أن حقيبة بلير تتضمن عروضا بإقامة ميناء بحري بإشراف دولي ورفع كامل للحصار إضافة إلى صفقة لتبادل الأسرى وأن الحركة ما زالت تبحثها.
وفيما تكثر التحليلات حول جدوى اللقاءات الأخيرة ومضمونها، تكثر كذلك الانتقادات الموجهة إليها من حركات فلسطينية.
واعتبر المحلل الفلسطيني سليمان النبيل أن هذه اللقاءات ينتظر أن تسفر عن "تهدئة طويلة الأمد" بدلا من التهدئة الهشة الحالية، وأن تشمل صفقة جديدة قريبا لتبادل الأسرى وذلك برعاية بريطانية بدلا من المصرية.
وأشار إلى أنه كان من المفترض أن تقوم القاهرة برعاية مباحثات التهدئة، لكنها جمدت الأمر بعد أن استضافت لقاء يتيما بين وفد الفصائل الفلسطينية المشترك والوفد الإسرائيلي، جرى إثرها تأجيل اللقاءات لأجل غير مسمى.
وساءت علاقة القاهرة بحماس بعد أن وضع القضاء المصري الحركة وجناحها العسكري على قائمة الإرهاب، مما "اضطرها للبحث عن وسطاء آخرين لتثبيت موضوع التهدئة" على حد قول النبيل.
هآرتس.. حركة دبلوماسية نشطة في المنطقة
من جانبها، أبرزت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية التي تناولت خبر لقاء بلير-مشعل الأربعاء، الحركة الدبلوماسية النشطة في المنطقة، مشيرة إلى لقاء بلير مع الرئيس عبدالفتاح السيسي قبل أسابيع، ثم توجه وفد إسرائيلي يرأسه مبعوث رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، إسحاق مولهو، إلى مصر أمس الثلاثاء، ووصول مشعل إلى أنقرة في زيارة رسمية للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو.
من جانبه، قال قيادي بارز في حماس لـ"عربي بوست"، طلب عدم كشف اسمه، إن التهدئة الطويلة الأمد التي طرحها بلير على مشعل في الدوحة قد تمتد إلى 5 سنوات أو أكثر، مقابل إنشاء ميناء بحري في قطاع غزّة، بإشراف دولي، ورفع الحصار كاملاً، مشيرا إلى أن "قيادة الحركة ما زالت تدرس هذه المقترحات بتمعّن".
وأوضح أن مشعل نقل "المقترحات لباقي قيادات الحركة، وما زالت في طور المُباحثات والنقاش مع باقي الفصائل الفلسطينيّة".
القيادي في حماس أكد أن "أي قرار بخصوص التهدئة يجب أن يكون بإجماع وطني مع كافة الفصائل الفلسطينيّة، وفي إطار المشروع الوطني الفلسطيني العام".
فتح تنتقد
إلا إن سياسيون وخبراء فلسطينيون في الضفة الغربية، انتقدوا لقاء بلير-مشعل، واعتبروه "خارج إطار الشرعية الفلسطينية، ويصب في مصلحة إسرائيل".
وقال بسام الصالحي أمين عام "حزب الشعب الفلسطيني" (أحد فصائل منظمة التحرير الفلسطينية)، إن اللقاء يأتي في ظل المساعي الإسرائيلية لتكريس الانقسام الفلسطيني بين الضفة الغربية وقطاع غزة، من خلال "التفاوض مع حماس لإدارة شؤون قطاع غزة، والتفاوض -إن وجد -مع السلطة الفلسطينية لإدارة الضفة الغربية".
الصالحي أضاف أن هذه اللقاءات تصب في "مصلحة الاحتلال الإسرائيلي، وتلحق الأذى بالفلسطينيين عامة وحماس خاصة".
ودعا حماس إلى عدم "الوقوع في الفخ" وأن تكون أي مفاوضات لتثبيت التهدئة في قطاع غزة من خلال وفد فصائلي موحد.
لكن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح جمال محيسن رفض اللقاء وقال إن "أي لقاء خارج الشرعية الفلسطينية والتي تتمثل بمنظمة التحرير مرفوض".
محيسن أضاف قائلاً "توني بلير يعمل كسمسار في المنطقة لصالح إسرائيل، ولقاءاته مع حماس من شأنها إقامة دولة فلسطينية في غزة دون الضفة الغربية والقدس المحتلة وهو ما ترفضه كافة فصائل منظمة التحرير".
وأشار إلى "وجود صراع داخل حركة حماس ذاتها بشأن مثل هذه اللقاءات".
بينما وصف الخبير السياسي عبد الستار قاسم اللقاء بغياب الذكاء من جانب خالد مشعل.
وقال "لا يمكن قراءة مثل هذا اللقاء مع بلير الذي يعادي الفلسطينيين سوى بغياب الذكاء، والفعل غير المبرر. من المفترض أن تغلق الأبواب في وجه بلير لا أن نلتقي به".
مشيرا إلى أن الخروج من حصار قطاع غزة والأزمة التي تمر بها حركة حماس لا يبرر لها لقاء مشعل ولا حتى زيارة السعودية بحسب قاسم.
غزة تدافع
أحمد يوسف، القيادي في حماس، والمستشار السياسي السابق لرئيس وزراء حكومة غزّة السابقة إسماعيل هنيّة، قال إن هذا اللقاء جاء في سياق محاولة التأكيد على موضوع التهدئة في قطاع غزّة، ومستلزمات ذلك، وما هو متطلب على الساحتين الفلسطينية والإسرائيلية، وماذا يطلب كل طرف، وينتظر من الطرف الآخر، وبقت الأمور في سياق اللقاء، لكن لا نعلم هل تمخض عنه شيء أم لا.
وبخصوص غضب السلطة من اللقاء، قال: السلطة طوال الوقت موجودة، وتوني بلير أيضاً موجود في الضفة الغربية. كانت هناك مراسلة مكتوبة بين حركة حماس وبلير، وعلى أثرها قرر الالتقاء بقيادة الحركة حتى يتناقش في موضوع التهدئة وما هو المطلوب من كل طرف لإنجاح التهدئة.
وعن توقعاته من هذا اللقاء أضاف: "مفترض في أي لقاءات تتم أن كل طرف يضع نوع من النقاط والاشتراطات؛ إذا تحققت يلتقي الطرفين على هذه المطالب، هناك أمل أن يتحقق شيء، وهناك احتمال بأن الطرف الإسرائيلي غير معني بتخفيف الحصار المفروض على غزة، ومعني أن تبقى الحالة السياسية الفلسطينية بما فيها من اضطراب وقلق".