خرجت واحدة من أهم وأضخم وكالات الأنباء الاقتصادية في العالم، بعنوان لافت الأربعاء 5 أغسطس / آب، تقول فيه إن حفر وتوسعة قناة السويس الجديدة التي نفذتها مصر بتكلفة تجاوز 8 مليارات دولار، "لا يحتاجها العالم" لأنها تهدف لزيادة الطاقة الاستيعابية للقناة بينما القناة أصلا ليست مزدحمة ولا تستدعي ذلك.
ورأت شبكة "بلومبيرغ" الاقتصادية الأمريكية أنه ليس ثمة جدوى اقتصادية من التوسعة الجديدة التي تهدف إلى زيادة الطاقة الاستيعابية للقناة، لن ترفع من إيرادات القناة، ولا الحركة التجارية فيه.
وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أمر بحفر وتوسعة نحو 72 كم في غضون عام واحد رغم أن المخططين كانوا قد اقترحوا أصلا 3 أعوام مدة للإنجاز
وبعد ساعات قليلة، يستضيف الرئيس السيسي الذي يسعى لتوطيد أركان حكمه، احتفالية تدشين المشروع الجديد، التي قد تصل تكلف إقامتها إلى نحو 30 مليون دولار بحسب التقديرات الأولية.
تقلل من وقت مرور السفن
الشكوك تدور حول الجدوى الاقتصادية لتوسعة القناة حيث من المفترض أن تزيد من الطاقة الاستيعابية للقناة، وتقلل من الوقت المستغرق لمرور السفن والعبارات.
لكن بعض المراقبين أشاروا إلى أن الحركة في القناة ليست مزدحمة أساسا بما يستدعي هذه التوسعة.
ورغم الحملات الإعلانية التي تنتشر في ميادين القاهرة وساحة تايمز سكوير في نيويورك بالولايات المتحدة، والتي تصف القناة الجديدة بأنها "هدية مصر للعالم"، تبدو التأثيرات الاقتصادية للمشروع غير واضحة.
تباطؤ في التجارة العالمية
وتتزامن احتفالية القناة الجديدة مع وقت تعاني فيه التجارة العالمية التي تشغل القناة من تباطؤ في النمو.
رالف ريسوزينسكي، مدير قسم الأبحاث في شركة "بانشيرو كوستا بروكريج"، رأى بأن مبادرة توسيع قناة السويس كانت مبادرة غريبة. ولم تكن هناك حاجة ملحة للمشروع.
ريسوزينسكي أوضح "بحسب ما أعلم فإنه لم يكن هناك ضغط، ولا حاجة ولا مطالبات من أجل توسعة القناة".
شبكة "بلوميبرغ" مضت تقول إن قناة السويس بدون التوسعة، لم تعمل بطاقتها القصوى ولم تمتلئ بالسفن منذ الهبوط الكبير في حركة الشحن بالعام 2009، والذي نتج في ذلك الحين عن الأزمة المالية العالمية.
وبحسب البيانات الرسمية فإن عدد السفن التي تعبر من قناة السويس حاليا لا يزال أقل بنسبة 20% عما كان عليه الحال قبل العام 2008، كما أن الزيادة في حركة السفن بالقناة خلال عقد كامل ارتفعت بنسبة 2% فقط.
هذه الإحصائيات -بحسب محللي بلومبيرغ- تعكس تباطؤاً في معدلات التجارة العالمية التي يتوقع صندوق النقد الدولي أن تبلغ نسبتها 3.4% في الفترة من 2007 وحتى 2016، مقارنة مع معدلات نمو بلغت 7% خلال العقد الماضي.
سرعة النقل ليست أساسية
من جانبها اعتبرت رئيسة قسم المخاطر التشغيلية في شركة تابعة لوكالة "فتش" للتصنيف الائتماني، أن السرعة ليست عاملًا رئيسيًا لشحن الحاويات في الوقت الراهن بالنسبة لقطاع النقل البحري الذي يستخدم القناة.
وأضافت ميشيل بيرمان بأن القضية الأكبر هي "الفائض من السفن" مقارنة بالطلب، بالإضافة إلى أن السفن الكبيرة التي بنيت للربط بين آسيا وأوربا تفاقم من هذه المشكلة.
مشروع السيسي
يذكر أن مشروع تطوير القناة هو من المشاريع الكبرى للسيسي الذي ركز حملته الانتخابية على انعاش الاقتصاد الذي تدهور منذ اسقاط الرئيس الأسبق حسني مبارك إثر ثورة شعبية مطلع العام 2011، وإعادة الأمن.
والهدف من تشغيل المجرى الجديد هو مضاعفة القدرة الاستيعابية لحركة الملاحة في القناة.
وتتوقع هيئة قناة السويس أن يكون بوسع حوالي 97 سفينة عبور القناة يوميا بحلول 2023 مقابل 49 سفينة حاليا.
وستسمح القناة الجديدة بسير السفن في الاتجاهين ما سيخفض مدة الانتظار المفروضة عليها من 18 إلى 11 ساعة.
رسالة للجمهور والمستثمرين
وقال عمر عدلي الخبير في مركز كارنيغي للشرق الأوسط للوكالة الفرنسية "إنها رسالة موجهة إلى الجمهور وإلى المستثمرين الأجانب لإثبات قدرة الحكومة على إنجاز مشاريعها".
وسيؤدي افتتاح القناة الجديدة -بحسب السلطات المصرية- إلى زيادة إيرادات القناة السنوية من 5,3 مليارات دولار (حوالى 4,7 مليار يورو) متوقعة للعام 2015 إلى 13,2 مليار دولار (11,7 مليار يورو) عام 2023.
وإذ أقر عدلي بأنه "سيكون هناك بالتأكيد زيادة في الإيرادات" تساءل "هل أن الأرقام المعلنة واقعية ويعتد بها؟ لا نعرف كيف تم احتسابها".