قبل عدة أشهر، لم يكن الفلسطيني محمود النباهين يستطيع توفير الاحتياجات الأساسية لأطفاله، وزوجته بعد أن التحق بطابور العاطلين، جراء إغلاق شركة خدمات تكنولوجيا المعلومات التي كان يعمل بها أبوابها، إلا أنه أنشأ صفحة على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، ليعمل من خلالها على شراء وبيع الأجهزة الكهربائية المستخدمة.
وتمكن الشاب النباهين، من تحقيق أرباح جيدة من عمليات البيع والشراء التي تتم عبر صفحته حيث يحصل على نسبة ثابتة من أرباح كل عملية، ليصل دخله الشهري إلى مبلغ يتراوح ما بين 2000 إلى 3000 شيقل (500 إلى 800 دولار).
ويقول الشاب الغزي لـ"هافنغتون بوست عربي": "بعد نحو ستة أشهر من تعطلي عن العمل، أصبحت غير قادر على توفير احتياجات أفراد أسرتي، ودفع إيجار منزلي، ففكرت في طريقة غير تقليدية للحصول دخل ثابت، وذلك بعد أن بحثت طويلا عن عمل آخر دون فائدة".
ويضيف النباهين: "اقترح علي أحد أقاربي في أحد الأيام الاستفادة من شبكة الانترنت لتوفير دخل مالي، وبعد بحث طويل فكرت في إنشاء مجموعة على فيسبوك لبيع وشراء الأجهزة الكهربائية بجميع أنواعها ودرست الأمر جيدا وبدأت بالعمل".
وخلال فترة قياسية لم تتجاوز الأسبوعين تمكن النباهين، من إضافة نحو 5000 شخص إلى مجموعته، ليبدأ بعدها بالسماح لهؤلاء الأشخاص بالإعلان عن بيع أو شراء الأجهزة الكهربائية والهواتف المستخدمة مقابل حصوله على نسبة 1% من مبلغ كل عملية تتم.
وتتم يوميا عبر المجموعة، نحو عشرين عملية بيع، يحصل منها على مبلغ لا يقل عن 100 شيقل (25 دولار).
ويفكر الشاب الغزي بتطوير مجموعته على "فيسبوك"، وتحويلها إلى موقع إلكتروني متكامل متخصص في بيع جميع السلع المستخدمة.
ويشير إلى أن السبب الرئيس للإقبال على مجموعته، هو الأسعار المتدنية جدا للأجهزة التي تباع عبرها كونها مستخدمة، وهو ما يتوافق مع احتياجات الفلسطينيين في غزة الذين يعانون من ظروف اقتصادية صعبة للغاية منذ انتهاء الحرب صيف العام الماضي.
الشاب الفلسطيني ماهر عبد الرحمن، هو الآخر يملك مجموعة على "فيسبوك" ولكنها لبيع وتسويق الشقق السكنية والعقارات بجميع أنواعها.
وبدأ عبد الرحمن، وفق حديثه لـ"هافنغتون بوست عربي"، العمل في مجموعته التي وصل عدد أعضائها إلى 4000 شخص قبل نحو عام، عندما اقترح أحد أصدقائه الفكرة عليه، حيث تقوم فكرتها على عرض العقارات للبيع أو الإيجار، ولا تتم هذه العملية إلا عبر مدير المجموعة، الذي يحصل على مبلغ يتراوح ما بين 100 إلى 500 دولار أمريكي عن كل عملية بيع تتم.
ويحقق الشاب الغزي من عمليات البيع والتأجير، دخلا ماديا يتراوح ما بين 700 إلى ألف دولار شهريا، وهو ما لم يكن يتوقعه عندما بدأ العمل في المجموعة على "فيسبوك".
ويعمل عبد الرحمن حاليا على افتتاح مكتب لبيع وتأجير وشراء العقارات في مدينة غزة، كنوع من تطوير عمله وصبغه بصفة رسمية.
وخلال العام المنصرم ازداد اقبال الشباب في قطاع غزة على استغلال مواقع التواصل الاجتماعي، للحصول على دخل ثابت، فانتشرت مئات الصفحات والمجموعات التي تهتم ببيع وشراء السلع، وصناعة الأفلام والإعلانات، وفق المختص التقني أحمد رياض.
ويقول رياض لـ"هافغتون بوست عربي": إن "ارتفاع نسبة البطالة في صفوف الشباب الحاصلين على مؤهلات علمية في غزة، شجع الكثيرين على الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) و(يوتيوب) و(تويتر) للحصول على دخل مادي".
ويوضح أنّ الاستفادة تتم من عدة أوجه ومنها: إنشاء صفحات إخبارية تحظى بأعداد كبيرة من المعجبين، ما يدفع بعض الشركات للإعلان لديها، أو من خلال المجموعات التي تتم عبرها عمليات بيع وشراء السلع والخدمات.
ويشير رياض إلى أنّ استغلال شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي بشكل خاص للحصول على دخل مادي، منتشر في جميع أنحاء العالم بشكل واسع، وقد بدأت هذه الظاهرة تنتشر في الأراضي الفلسطينية بشكل كبير ومميز.
ويقول جهاز الاحصاء الفلسطيني في تقرير أصدره في 1 يوليو/ تموز الجاري، إن الجامعات الفلسطينية تخرج سنويا 30 ألف طالب وطالبة. وأشار إلى أن معدل البطالة بين هؤلاء الطلبة يصل الى 54.7%، بواقع 42.3% في الضفة الغربية و 69.5% في قطاع غزة، في حين كان معدل البطالة بينهم 51.5% في العام 2013.