يعتبر عدد غير قليل من دول العالم أن الاتفاق النووي الإيراني إنجاز تاريخي، حشدت وراءه القوى العالمية الكبرى كامل ثقلها؛ لإغلاق الطريق أمام امتلاك إيران السلاح النووي لعشر سنوات أو أكثر.
ورغم أن الاتفاق ناله الكثير من نقد المعارضين للصفقة، إلا أنه يمثل أفضل فرصة كي يضمن العالم عدم امتلاك إيران سلاحًا نوويًا. وانتشرت بين المؤيدين والمعارضين بعض المعلومات الخاطئة حول الاتفاق النووي ترصدها مجلة ذا ناشيونال انترست الأمريكية في 6 نقاط.
(1) الاتفاق يضمن حصول إيران على القنبلة
قيل أن الاتفاق يضمن امتلاك طهران للسلاح النووي، وفي الواقع، فإنه يلغي فرص إيران في الحصول على القنبلة، ويُبقي جميع الخيارات الأميركية على الطاولة في حال لجأت طهران للخداع.
وبدون هذه الصفقة، فإن طهران كانت ستطرد مفتشي الأمم المتحدة، وتصبح إيران مرة أخرى -في غضون أسابيع أو أشهر -على مشارف امتلاك القنبلة- في ظل تسارع عمل أجهزة الطرد المركزي، وزيادة مخزون اليورانيوم المخصب.
بما أن إيران تمتلك الآن ما يكفي من اليورانيوم لصناعة 10 قنابل نووية، فإنه بعد الصفقة، سيكون لديها من اليورانيوم أقل مما يكفي لقنبلة واحدة.
وبموجب الصفقة أيضا فإن إيران وافقت على البروتوكول الإضافي لوكالة الطاقة الذرية؛ ولذلك ستكون ملزمة بعدم إنتاج أسلحة نووية مستقبلا.
إذا ما اختارت طهران التمرد وتكرار المحاولة للحصول على السلاح النووي، فإن جميع الخيارات المطروحة اليوم -بما في ذلك العمل العسكري- ستكون متاحة أمام أي رئيس أميركي سواء بعد 5 أو 10 أو 15 أو حتى 30 عاماً.
(2) كان بمقدور أمريكا التمهَّل للوصول إلى صفقة أفضل
قال محللون إنه كان بمقدور الإدارة الأميركية أن تتمهل في توقيع الصفقة، وعلى عكس ذلك تماما، فهذه صفقة تعد قوية بالفعل، وتمخضت عن مفاوضات بين القوى العالمية الكبرى وإيران، وإذا كانت الولايات المتحدة قد غادرت الطاولة، فإن الإجماع الدولي على فرض العقوبات الحالية على طهران كان سيتعرض للانهيار.
وكان التمهل في توقيع الاتفاق سيزيد من فرص إيران للخروج من العزلة الاقتصادية الدولية، وكان يمكنها التحايل على العقوبات الأميركية والأوروبية، وكانت دول مثل روسيا والصين ستفتح باب التعاون التجاري من جديد مع إيران، كما أن طرد المفتشين كان ردا إيرانيا محتملا، وعندها لن تكون هناك أي قيود فعالة على إيران بشأن برنامجها النووي.
(3) السماح للمفتشين بالدخول خلال يوم يمنح إيران وقتًا لإخفاء/التخلص من النووي
المعلومة الثالثة الخاطئة هي أن إيران يمكنها التخلص من المواد النووية وخداع المفتشين.
وحسب الاتفاق فإن الواردات الإيرانية تخضع للمراقبة على مدار الساعة، ومن حق مفتشي وكالة الطاقة الدولية للطاقة الذرية الاطلاع على ما تستورده طهران.
وإذا تم الكشف عن أي نشاط مشبوه في أي مكان من إيران، يتعين على طهران السماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة النووية الدخول في غضون 24 ساعة.
وعن إمكانية إيران التخلص من المواد النووية خلال 24 ساعة، فهو أمر صعب، ويختلفٌ عن التخلص من المخدرات غير المشروعة أو أسلحة الجريمة.
ذلك لأن المواد النووية تترك أثرًا يستمر لآلاف السنين، ولأن أجهزة الاستخبارات الأمريكية ومفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية واثقون تماماً من قدرتهم على كشف النشاطات النووية حتى بعد فترة تتجاوز 24 ساعة.
(4) لن يمكن إعادة تطبيق العقوبات الأممية بفعالية مرة أخرى إذا لجأت إيران للخداع
أثير أن أمريكا لن يمكنها تطبيق العقوبات الاقتصادية على طهران مرة أخرى، ولكن وبحسب الاتفاق يمكن أن يُعاد فرض العقوبات بفعالية، وإذا انتهكت إيران الاتفاق، وفشلت لجنة الثمانية- التي تحظى الولايات المتحدة وحلفاؤها بأغلبية فيها- في حل القضية خلال 35 يومًا؛ يمكن لواشنطن وحلفائها فورًا استئناف عقوباتهم الخاصة، وتوجيه الاتهام لإيران بعدم الالتزام في مجلس الأمن.
وبعد مرور 30 يومًا، سوف يعاد تطبيق العقوبات الأممية تلقائيًا مرة أخرى، إلا إذا صوَّت مجلس الأمن على رفعها، وحينها يمكن للولايات المتحدة استخدام حق النقض (الفيتو) ضد هذه الخطوة.
بعبارة أخرى، تُمَكِّن الصفقة الولايات المتحدة وحلفائها من وقف أي محاولة لحماية إيران من عواقب خرق الاتفاق.
(5) كان هناك خيار أفضل من التوصل إلى تسوية تفاوضية
وحول وجود خيارات أفضل أثناء التسوية، فإن البديل الوحيد المتاح للدبلوماسية والتسوية هو توجيه ضربة عسكرية في نهاية المطاف، وحتى إذا نجحت الضربة، فإنها ستؤخِّر البرنامج النووي الإيراني سنتين أو ثلاث فقط، وهذه الفترة أقل بكثير من تلك التي وفرتها الصفقة.
بعد الضربة، يُرَجَّح أن تستحث إيران الخطى باتجاه القنبلة عن طريق إعادة بناء برنامجها النووي باستخدام مرافق أكثر تأمينًا، كما سينهار التوافق الدولي بشأن فرض العقوبات، وسينتهي المطاف بإيران وقد امتلكت برنامج أسلحة نووية، وخففت العقوبات ضدها بحكم الأمر الواقع، وهي النتيجة الأسوأ من أي شيء آخر.
(6) الاتفاق سيء لأمن إسرائيل، والإسرائيليون متوحدون على معارضته
على العكس تماما، يعد الاتفاق جيدا لإسرائيل وأمنها القومي، فهو يعرقل سعي إيران للحصول على اتفاق نووي لفترة أطول مما يوفره أي خيار آخر متاح، ويُلزِم إيران بالتخلي نهائيًا عن الحصول على أسلحة نووية، تحت طائلة تفتيش الوكالة الدولية.
فإذا لجأت إيران للخداع أو غَيَّرَت رأيها في المستقبل؛ فإن كافة الخيارات المتاحة للسياسة الأمريكية والإسرائيلية -بما في ذلك الخيار العسكري- ستبقى مفتوحة، بل ستتحسَّن بعد الحصول على المزيد من المعلومات الاستخباراتية التي ستُجمَع بموجب الصفقة.
كذلك الإسرائيليون ليسوا مجتمعين على معارضة الاتفاق النووي، كما يَدَّعي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ذلك أن العديد من مسؤولي الأمن القومي الإسرائيلي- بدءًا من رؤساء الموساد والشين بيت السابقَيْن، وصولاً إلى مستشار الأمن القومي ونائب مدير عام لجنة الطاقة الذرية السابقَيْن- أعربوا عن تأييدهم للاتفاق، الذي بدونه كانت العقوبات ستنهار، وستكون إيران حرة في أن تفعل ما يحلو لها؛ ما يجعل إسرائيل أقل أمنًا بكثير.