في اليوم الثالث من حرب أكتوبر، أسر الجيش المصري العقيد عساف ياجوري؛ أحد القادة في الجيش الإسرائيلي، الذي سيُصبح لاحقاً أحد أشهر الأسرى الإسرائيليين في "حرب أكتوبر"، التي اندلعت في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 1973.
كانت أخطر المعارك في الحرب، وأقواها، هي تلك التي دارت يومَي 8 و9 أكتوبر/تشرين الأول. وفي الثامن منه، صدّت الفرقة الثانية مشاة -التابعة للجيش الثاني الميداني المصري- الهجوم المُضاد الذي قام به اللواء 190 مدرع الإسرائيلي، وأسَرت قائدها العقيد عساف ياجوري في معركة "الفردان".
في مقالٍ نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول 1973 تحت عنوان "Cairo Confident"، أشارت إلى أن الجيش المصري استطاع "سحق وحدة كاملة تابعة للواء الإسرائيلي 190 مدرع"، وأنه أسَرَ قائدها العقيد عساف ياجوري.
معركة الفردان في حرب أكتوبر وأسر عساف ياجوري
في ذلك اليوم، أي 8 أكتوبر/تشرين الأول، تمكنت القوات المسلحة المصرية من تحطيم خط بارليف وعبور قناة السويس، ثم تدمير مدفعية ورادارات ومخازن أسلحة العدو، التي كانت موجودة شرق القناة.
تراجع الإسرائيليون في ذلك اليوم، في محاولةٍ لتنظيم قواتهم، وقرّروا بعد ذلك شنّ هجومٍ مُضاد، بهدف إحداث ثغرة والتسلّل إلى منطقة الصالحية، من أجل قطع طريق إسماعيلية-بور سعيد.
لكن الفرقة الثانية مشاة في الجيش الميداني المصري تمكنت من صدّ الهجوم المُضاد، الذي بدأه اللواء 190 مدرع الإسرائيلي، مع عدد دباباتٍ يتراوح بين 75 إلى 100 دبابة.
بمجرّد دخول دبابات اللواء أرض المعركة، انطلقت عليهم النيران من كل جانب، مما أحال أرض المعركة إلى جحيم. وبحسب موقع "المجموعة 73" ومؤرخين، فقد دمّر الجيش المصري معظم دبابات القوة الإسرائيلية، واستولى على 8 دبابات سليمة، كما أسَرَ العقيد عساف ياجوري، قائد كتيبة النسق الأول من لواء "نيتكا، 190 مدرع".
في كتابه "المعارك الحربية على الجبهة المصرية"، ذكر المؤرخ العسكري جمال حماد أن قائد الفرقة الثانية مشاة في الجيش المصري، العميد حسن أبو سعدة، وضع خطةً لتطويق العدو، بعدما اندفعت دباباته لاختراق مواقع الجيش المصري في اتجاه "كوبري الفردان" بهدف الوصول لخط القناة.
ثم صدرت الأوامر بضرب الدبابات الإسرائيلية بجميع الأسلحة المُتاحة، بعد تطويقها. ولم يمضِ كثير من الوقت حتى دَمّرت نيران الدبابات والمدفعية المصرية معظم دبابات اللواء "نيتكا 190" مدرع الإسرائيلي، وأَسر الجنود المصريين عساف ياجوري.
يقول العميد يسري عمارة، الضابط المصري الذي أسَرَ عساف ياجوري، خلال مقابلة مع صحيفة "أخبار اليوم" المصرية، إنه تم أسر الضابط الإسرائيلي خلال التصدي لقوة إسرائيلية كانت تحاول التسلل إلى منطقة الصالحية المصرية.
وأضاف: "وصلنا إلى الكيلو 9 شرق القناة في يوم الإثنين، الذي أطلقت عليه إسرائيل اسم الإثنين الأسود. وفي هذه الأثناء اكتشف الاستطلاع أن إسرائيل ستردّ على القوات المصرية، فوضعنا خطة لتطويق العدو، وصدرت الأوامر بضربهم. وفي أقلّ من نصف ساعة، دمّرنا لهم نحو 73 دبابة".
من هو عساف ياجوري؟
بدأ حياته عسكرياً إسرائيلياً، ثم شغل منصب عضو بالكنيست عن الحركة الديمقراطية للتغيير وحزب ياد، بين عامَي 1977 و1981.
وُلد في كيبوتس ياغور خلال فترة الانتداب البريطاني على فلسطين، وكان عضواً في اللجنة المركزية لاتحاد الطلاب الشباب والعمال، كما كان عضواً في شريحة شباب من حركة المستوطنات. أصبح أمين صندوق ياغور وانضمّ إلى الخدمة المدنية، ثم أصبح مسؤولاً عن التجارة في هيئة الموانئ الإسرائيلية.
خلال حرب أكتوبر، قاد كتيبة دبابات في سيناء وأسره الجيش المصري، قبل أن يُفرج عنه بعد 46 يوماً في صفقةٍ لتبادل الأسرى.
لاحقاً في العام 1977 التحق بالحركة الديمقراطية للتغيير، وترشح لدورة الكنيست التاسعة على قائمة الحزب في الانتخابات في وقت لاحق من ذلك العام.
عندما انقسم الحزب في العام التالي، أنشأ حزباً جديداً باسم "ياد"، لكنه فقد مقعده في انتخابات 1981؛ حيث فاز حزب ياد بعدد 1,228 صوتاً فقط. وتوفي ياجوري في عام 2000، عن عمر يناهز 69.
في مقالٍ كتبه لصحيفة "معاريف" الإسرائيلية عام 1975 يتذكر فيه لحظات اعتقاله، قال عساف ياجوري: "عندما رفعوا العصابة عن عيني، ليبدأ المذيع حواره معي داخل مبنى الإذاعة المصرية، لم أستطع فتحهما في البداية من شدّة الأضواء".
وقد وصف أحداث يوم الثامن من أكتوبر بأنه "الإثنين الأسود"، وأضاف متسائلاً: "لماذا تركوا صدورنا عاريةً على جبهة الفردان"؟ مُشيراً إلى أن خيبة الأمل التي شعر بها لا ينسى مرارتها.
وأضاف عساف ياجوري: "وبعد نحو 50 يوماً، لدى عودتي من الأسر، أذهلني حجم الخسائر التي وقعت في صفوفنا".