مع كل انسداد أفق أمام حل الأزمة السياسية في ليبيا، تعالت أصوات تطالب بالرجوع إلى الحكم الفيدرالي كحل سياسي للأزمة والانقسام الذي تعانيه البلاد، لكن انضمام عدد من أعضاء مجلس النواب لهذه الموجة التي تطالب بالفيدرالية طرح تساؤلات حول جدوى الفيدرالية كحل للأزمة.
طالب 32 نائباً من شرقي البلاد رئيسَ مجلس النواب عقيلة صالح بعرض دستور 1951 غير المعدل للتداول في جلسة خاصة لمجلس النواب الليبي، من شأنها أن تنظر في جدوى العودة إلى النظام الاتحادي، وفقاً للأقاليم التاريخية الثلاثة ليبيا؛ طرابلس، وبرقة، وفزان.
الدستور لا يُجتزأ.. الفيدرالية ليست حلاً
انقسمت الآراء بواقع الانقسام الليبي بين مؤيدين لعودة الفيدرالية ورافضين لها، والفيدرالية هي شكل من أشكال الحكم تكون السلطات فيه مقسمة دستورياً بين حكومة مركزية ووحدات حكومية أصغر مثل الأقاليم والولايات، ويكون كلا المستويين المذكورين من الحكومة يعتمد أحدهما على الآخر ويتقاسمان السيادة.
كانت السيادة في ليبيا مقسمة على أقاليم ثلاثة: طرابلس "الغرب"، وبرقة "شرق"، وفزان في الجنوب، وبعد تغيير نظام الحكم إلى جمهوري توحدت الأقاليم وأصبحت مركزية البلاد في العاصمة.
عبد السلام الراجحي يقول من جهته لـ"عربي بوست"، إن الفيدرالية تم تجريبها في ليبيا لكنها فشلت بسبب الفساد وسوء الإدارة، هل من الممكن أن تكون الفيدرالية هي الحل؟ ربما، لكن ينبغي أن نقضي على الفساد، والفيدرالية كي تطبق لا بدَّ أن يكون لها مجلس تشريعي وحكومة إقليمية، لكن فيدرالية تتكون من 3 أقاليم لا تلبي طموحات الليبيين.
يضيف الراجحي: اليمن من بعد الثورة اتجه إلى نظام الأقاليم لكنه دخل فيما يشبه حرباً أهلية، لأن وجود أقاليم في غياب التشريعات التي تنظم هذه الأقاليم والعلاقة بينها سيؤدي قطعاً إلى فشل ذريع.
يؤكد أن دستور 1951 يقول إن الحكم يكون ملكياً وبرلمانياً، فكيف سنطبق جزءاً من القانون ونترك جزءاً آخر منه، إذا كان هناك طلب لتنفيذ الدستور والفيدرالية فإن النظام لا ينبغي أن يكون رئاسياً، لكن انتقاء البنود التي تخدم مصالح بعض الجهات على حساب الأخرى سينتج صراعات جديدة نحن في غنى عنها.
الفيدرالية هي الحل
يقول رئيس حزب التفاؤل أبو بكر القطراني لـ"عربي بوست": العودة إلى النظام الفيدرالي هي المخرج الوحيد والسبيل الآمن للخروج من الأزمة السياسية الحالية في ليبيا، لأن الدولة الليبية دولة مركبة جعرافياً، وأصل الاتفاق بين برقة وطرابلس كان مشروطاً بعدالة دستورية كي يتحقق التكافؤ بين الأقاليم الليبية.
يرى الرجل أن النظام الفيدرالي هو طوق النجاة لليبيين؛ لأنه سيكون المنظم لتقاسم السلطة والإيرادات الكلية للدولة والثروة بين الولايات الأولى التي تكونت في ليبيا.
لا ننسى أن ليبيا أصلاً تكونت على أساس فيدرالي، وحين تم إلغاؤه كان مبنياً على إلغاء شركة بين بعض الأقاليم على حساب مركزية لأقاليم أخرى، وهذا الأمر كان مخالفاً لقرار الأمم المتحدة رقم 289، وهو ما يخالف الأسس التي قامت عليها ليبيا بالأساس.
يضيف القطراني: "العدالة الدستورية هي خلق عدالة وتقاسم السلطة بين جناحي الدولة، وهو الذي قامت عليه ليبيا التي كانت تتكون من برقة وفزان وطرابلس قبل أن تكون دولة واحدة".
اتفاق عودة الدولة..
ليس شرطاً أن العودة للفيدرالية هي عودة لدستور عام 1951؛ لأن نظام الحكم سواء كان ملكياً أو جمهورياً لا يهم في الفيدرالية، من الممكن أن نخلق نظاماً فيدرالياً باتفاق سياسي يوائم المناخ السياسي الحالي، وليس من المشروط أن نعود لتطبيق الدستور بحذافيره، ولكن بقليل من المواءمات لنخلق ثقة واطمئناناً بين مكونات الشعب الليبي.
ويقترح القطراني شكلاً جديداً من العودة للفيدرالية، وهو الحكم الذاتي لبعض الأقاليم الليبية، ولكن بشكل جديد يغازل الوضع السياسي الحالي، ويضيف: "عديد من النشطاء في الشرق الليبي تواصلوا معي وأبدوا تقبلهم الواسع للنظام الفيدرالي، ولكن يبقى أن نعرف كيف يتم تطبيق هذا النظام".
ويعتبر دستور 1951 أول دستور ليبي، صدر بعيد نيل ليبيا استقلالها بقرار من الأمم المتحدة يوم 24 ديسمبر/كانون الأول 1951، حيث أُعد من قبل لجنة خاصة، عرفت بلجنة "الستين" نسبة لتكونها من 60 عضواً، بواقع 20 عضواً من كل إقليم من الأقاليم الثلاثة.