قالت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية في تقرير نشرته الإثنين، 3 أكتوبر/تشرين الأول 2022، إن التباطؤ الاقتصادي في الصين بجانب اتفاقية تجارية وقعتها بكين مع الولايات المتحدة في عهد ترامب، والحاجة الماسة لدى أوروبا للغاز الطبيعي، تخلق مُجتمعةً مكاسب مفاجئة لبعض شركات الطاقة الصينية.
إذ إن الاصطفاف غير الاعتيادي لهذه العوامل يساعد أوروبا على تخزين الطاقة من أجل فصل الشتاء، فمع تراجع الطلب في الصين، فإن الشركات الصينية التي عقدت اتفاقيات طويلة الأجل لشراء الغاز الطبيعي المسال الأمريكي، تبيع الفائض لديها وتحقق مئات الملايين من الدولارات في الشحنة الواحدة. وتتضمن قائمة المشترين أوروبا واليابان وكوريا الجنوبية. رست 19 حاوية غاز طبيعي مسال من الولايات المتحدة في موانئ الصين في الأشهر الـ8 الأولى من هذا العام، مقارنة بـ133 حاوية رست هناك خلال نفس المدة من عام 2022.
حصص إضافية من الغاز الروسي للصين
في حين تحصل الصين على حصة إضافية من الغاز القادم من روسيا، بلغت نسبتها حوالي 30% حتى هذه اللحظة من عام 2022، وذلك وفقاً للبيانات الجمركية الصينية. ويُعزى السبب في هذا إلى زيادةٍ منتظرةٍ في كميات الغاز القادم عبر خط أنابيب قوة سيبيريا ومن مشتريات الغاز الطبيعي المسال الروسي، الذي تحصل عليه الصين عادة بأسعار مخفضة للغاية، وهو ما أظهرته بيانات الشحن.
صحيحٌ أن المبيعات الصينية إلى أوروبا قليلة للغاية بدرجة لا تسمح لها بمساعدة القارة على تجنب النقص المحتمل في الغاز الطبيعي هذا الشتاء، لكنها تقدم استعراضاً ممكناً لتعاظم اعتماد موسكو على بكين. لجأت روسيا إلى الصين من أجل الدعم السياسي والاقتصادي في أعقاب الغزو الروسي ضد أوكرانيا، لكن الشركات الصينية، التي تبيع الغاز إلى أوروبا، تقوض جهودها الرامية إلى زرع الانقسامات في أوروبا عن طريق إيقاف صادرات الغاز.
من جانبها، فقد تفاوضت الولايات المتحدة مع الصين على عدد من اتفاقيات الغاز الطبيعي المسال طويلة المدى، في خضم الضغوط التي واجهتها بكين من الاتفاقية التجارية التي وقعتها مع إدارة ترامب من أجل تعزيز الواردات القادمة من أمريكا. على عكس عقود الغاز الطبيعي المسال المبرمة مع بلاد أخرى، تقدم عقود الغاز الطبيعي المسال الأمريكي عادةً مرونةً في وجهات وصول الشحنات، بجانب أن أسعارها تكون مرتبطة بمؤشر هنري هب -المؤشر الرئيسي للغاز الطبيعي في الولايات المتحدة- وهي أسعار لا تشكل سوى جزء ضئيل من أسعار السوق الفورية للغاز الطبيعي المسال في أوروبا وآسيا.
صفقة مربحة لكل الأطراف
في حين قال وي شونغ، المحلل الكبير المستقر في بكين لدى الشركة الاستشارية Rystad Energy: "كانت هذه علاقة مربحة لجميع الأطراف بالنسبة للصين والولايات المتحدة". فهذه العقود، التي يصل مداها إلى 25 عاماً، منحت الموردين الأمريكيين الثقة المطلوبة لبناء مزيد من محطات الغاز الطبيعي المسال التي تكلف مليارات الدولارات، على طول ساحل الخليج الأمريكي، مما يعزز قدرات البلاد على تصدير كميات أكبر من الغاز.
كذلك فمن المتوقع أن تحقق شركة ENN للغاز الطبيعي الصينية أرباحاً من هذه التجارة عندما ترسل ناقلة الغاز الطبيعي المسال Diamond Gas Victoria لتسلم شحنة غاز من محطة الغاز الخاصة بشركة تشينير للطاقة (Cheniere Energy Inc) في ممر سابين بولاية لويزيانا المطلة على ساحل الخليج الأمريكي في 18 أكتوبر/تشرين الأول، وذلك وفقاً لـ3 مصادر في الصناعة.
في حين أوضحت المصادر أنهم بدلاً من إرسال الناقلة إلى الساحل الشرقي للصين، سوف تتوجه لنقل الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا. قال المحللون إن شركة ENN يُقدَّرُ أن تحقق أرباحاً تتراوح بين 110 ملايين دولار و130 مليون دولار من وراء هذه الشحنة وحدها، استناداً إلى حسابات المحللين القائمة على بيانات تسعير السوق.
الصفقات التي توصلت إليها شركة تشينير مع شركة ENN وشركة سينوكيم الصينية (Sinochem International Corp) وتقضي بشراء 0.9 مليون طن متري من الغاز الطبيعي المسال سنوياً، بدأ سريانها في يوليو/تموز هذا العام. وقال مصدر مطلع على الصفقات إن الشحنة المتاحة هذا العام أُعيد بيعها. تجدر الإشارة إلى أن شحنة الغاز الطبيعي المسال تتراوح في المعتاد بين 60 ألفاً و80 ألف طن متري.
تناسب في الأسعار
قال وو شيونان، كبير الخبراء الاقتصاديين لدى شركة بتروتشاينا الصينية (PetroChina International)، التي تُعد الذراع التجارية لمؤسسة البترول الوطنية الصينية الحكومية: "لقد أعدنا بيع الشحنة الأمريكية. إنه مسموح والأسعار مناسبة".
من جانبها، لم ترد شركة نيبون يوشن كايشا، التي تملك الناقلة Diamond Gas Victoria، على طلبات للتعليق، وكذلك لم ترد شركتا ENN وسينوكيم. فيما قالت شركة تشينير إنها "مسرورة؛ لأننا نستطيع أن نكون مورداً موثوقاً للغاز الطبيعي المسال لعملاء في مثل هذا الوقت الحرج".
في حين تراجعت واردات الصين من الغاز الطبيعي المسال الأمريكي بنسبة 84% منذ بداية حرب أوكرانيا، وذلك بسبب تراجع الطلب نتيجة الإغلاقات التي تشهدها الصين لمواجهة جائحة كوفيد-19، بينما تسبب ارتفاع الطلب من جانب أوروبا في زيادة أسعار السوق الفورية.