أصبح سلاح البحرية الأمريكي قلقاً من صواريخ الصين البحرية، منذ إغراق أوكرانيا طراد الصواريخ الروسية "موسكوفا" في أبريل/نيسان الماضي، ولكن يسعى الأمريكيون لقلب الأمر لصالحهم عبر دفع تايوان لتبني النهج الأوكراني والإيراني ضد الأسطول الصيني المتنامي.
في 14 أبريل/نيسان، حققت أوكرانيا وهي دولة تعد تقريباً بدون سلاح البحرية انتصاراً مذهلاً في البحر. حيث استخدمت صاروخين أرضيين مضادين للسفن لإغراق سفينة حربية عملاقة، وهي طراد الصواريخ الروسية الموجهة "موسكفا".
لقد كان انتصاراً صادماً- وقد يقدم دروساً في صراع محتمل على بعد 5 آلاف ميل، حيث قد تستخدم الصين يوماً ما ترسانتها الخاصة من الصواريخ البالستية الصغيرة الحجم لإبقاء الولايات المتحدة وحلفائها بعيداً عن غرب المحيط الهادئ، حسبما ورد في تقرير لمجلة Foreign Policy الأمريكية.
أوكرانيا حققت ما كانت تخشاه أمريكا
يبدو استخدام أوكرانيا لصاروخين محليي الصنع من طراز خ-35 كياك المحسَّن (المعروف باسم نبتون) وكأنها حرب غير متكافئة، وهي النسخة البحرية لما استخدمته القوات البرية الأوكرانية بمهارة ضد الجيش الروسي في الأيام الأولى من الحرب.
كان محللو البحرية الأمريكية قلقين منذ سنوات من أن جيلاً جديداً من الصواريخ القاتلة للسفن قد يعرض للخطر السفن الكبيرة والمهمة مثل موسكفا أو أسطول حاملات الطائرات الأمريكية. غرق موسكوفا هو علامة واضحة على أن هذا المستقبل قد بدأ.
ضربت أوكرانيا موسكوفا، لكن ذلك لم يكن جزءاً من استراتيجية واضحة. قد يقصر هذا تطبيقه على صراعات أخرى- لكنه لا يزال جزءاً من الجدل الكثيف حول الوضع في المحيط الهادئ، حيث تمثل الحرب البحرية محور التخطيط لدى الصين وتايوان وحليفتها أمريكا.
وبقدر ما أثار غرق موسكوفا قلق الأمريكيين من احتمال تكرار الصين لنفس التكتيك مع سفنهم، فإن استخدام الصواريخ المضادة للسفن التي تطلق من البر قد يكون أفضل استراتيجية لتايوان لمواجهة التفوق البحري الصيني، حسبما تقرير مجلة Foreign Policy الأمريكية.
استراتيجية الصين لتدمير البحرية الأمريكية
لعقود من الزمان، تمكنت مجموعات السفن التابعة للبحرية الأمريكية من الوصول إلى ساحل العدو دون منازع إلى حد كبير. في وقت متأخر من 13 أبريل/نيسان، شعر الروس بالثقة نفسها بشأن البحر الأسود، الذي تهيمن عليه تاريخياً القوة البحرية الروسية.
إن منع الوصول/حظر المنطقة هي كلمة أمريكية طنانة استُخدِمَت لأول مرة لوصف خطط بكين لردع الولايات المتحدة عسكرياً عن المجال البحري الصيني باستخدام سلسلة من الأسلحة المدمرة. بالنسبة للسفن الحربية الأمريكية، فإن الجزء الأكثر فتكاً من هذه الخطط هو القوة الصاروخية لجيش التحرير الشعبي الصيني، وهي أكبر جيش صاروخي أرضي في العالم. تضم القوة الصاروخية لجيش التحرير الشعبي أكثر من ألفي صاروخ باليستي وصواريخ كروز مسلحة تقليدياً، مع التركيز على المتغيرات المضادة للسفن التي يمكن أن تستهدف مجموعات حاملات الطائرات الأمريكية في بحر الصين الجنوبي التي تعزز الدفاع عن تايوان في حالة نشوب حرب من قواعد بالقرب من الساحل الصيني.
وأجرت الصين قبل أشهر تجارب على نوعين من الصواريخ الباليستية المضادة للسفن: وهي صواريخ DF-21D وDF-26، وهي على ما يعتقد، صواريخ صينية مخصصة لإغراق حاملات الطائرات الأمريكية.
وتقول الصين إن صواريخ DF-26 التي هي تطوير كبير لصواريخ DF-21D "قادرة على استهداف أهداف كبيرة ومتوسطة الحجم في المياه". ويتراوح مدى هذه الصواريخ بين 3000 و4000 كيلومتر، وهو ما يكفي لضرب القواعد الأمريكية في غوام. ووصف المجموعة المكونة من ستة عشر صاروخاً من طراز DF-26 أيضاً بأنها "قادرة على أداء المهمات التقليدية أو النووية". وبإمكان صواريخ DF-26 تنفيذ هجوم دقيق من متوسط إلى طويل المدى على كل من الأهداف البرية والبحرية من الكبيرة إلى المتوسطة الحجم. وهي سلاح جديد للردع الاستراتيجي".
في حين أن صواريخ DF-21D قد تقتصر على قدرتها سلسلة الجزر الأولى القريبة من الصين، فبإمكان المدى الكبير لصواريخ DF-26 دفع حاملات الطائرات الأمريكية إلى العمل بعيداً عن سلسلة الجزر الصينية الثانية.
ستحاول القوة الصاروخية لجيش التحرير الشعبي الصيني التغلب على الأنظمة الدفاعية على ظهر السفن للولايات المتحدة والحلفاء من خلال الأعداد الهائلة. من المحتمل أن يكون المخططون العسكريون هناك متحمسين لرؤية ما حققته أوكرانيا من خلال استخدام الصواريخ الأرضية المضادة للسفن مركَّبة على شاحنات.
هل تلقى سفن البحرية الأمريكية مصير موسكوفا؟
تمت ترقية موسكوفا عدة مرات على مر السنين، ويفترض أن لديها دفاعات لإسقاط الصواريخ الأوكرانية، حيث كانت السفينة مسلحة بثلاثة مستويات من الأنظمة الدفاعية الجوية منها نظام سطح-جو متوسط المدى، كان يُعتقد أنه فعال في نطاق سبعة أميال، وكان لديها أيضاً صواريخ أخرى مصممة للتغلب على التهديدات على بعد 50 ميلاً. من الناحية النظرية، كان من الممكن أن تسقط مدافعها صاروخ نبتون الأوكراني أيضاً، كما يعتقد أنها كانت مزودة بنظام إس 300 الصاروخي بعيد المدى، لكن أياً من تلك الدفاعات لم تنجح في حماية السفينة.
ليس من الصعب بناء أو استخدام الأسلحة المضادة للسفن. ضرب حزب الله سفينة حربية إسرائيلية في حرب لبنان في عام 2006. وأطلق الحوثيون في اليمن عدة صواريخ مضادة للسفن على مدمرة تابعة للبحرية الأمريكية في هجومين منفصلين في عام 2016، مما أدى إلى ردود فعل انتقامية بصواريخ توماهوك. بينما استثمرت البحرية الأمريكية في التكنولوجيا المضادة للصواريخ لعقود من الزمن، قال مخططو الحرب الأمريكيون إن صواريخ الصين ستشكل تهديداً حقيقياً في أي صراع مع أمريكا.
ومما قد يثير قلق الأمريكيين أكثر أن صواريخ نبتون الأوكرانية وصاروخ Zvezda Kh-35 الروسي المشتق منه ليست أقوى أو أسرع صواريخ مضادة للسفن في جعبة خصوم أمريكا، فهذان الصاروخان سرعتهما دون سرعة الصوت، ولدى الصين وروسيا صواريخ مضادة للسفن أسرع من الصوت.
ومع ذلك، فإن موسكوفا، التي تم تشغيلها في عام 1983، كانت سفينة قديمة من زمن الحرب الباردة، ومدججة بصواريخ ضرب حاملات الطائرات، ويقال إن تصميمها القديم يساعد على انفجارها إذا تعرضت ذخائرها للاستهداف.
قال جيري هندريكس، القبطان المتقاعد بالبحرية الأمريكية والزميل الأول في معهد ساغامور ومقره مدينة إنديانابوليس الأمريكية، إن المشكلة تكمن بشكل أساسي في تصميم موسكوفا وسفن الأسطول السوفييتي الأخرى. اختار الاتحاد السوفييتي في السفن، التي تم إنتاجها في السبعينيات والثمانينيات، تخزين الأسلحة الهجومية فوق سطح السفينة. هذا يعني أنه لا يتطلب الأمر سوى إصابة واحدة في وضع جيد لبدء الحريق فوق السفينة المستهدفة، والذي يؤدي بعد ذلك إلى تسخين العلب التي تخزن الصواريخ، وتحويلها إلى قنابل موقوتة.
على النقيض من ذلك، تقوم البحرية الأمريكية بتخزين الذخائر الهجومية أسفل سطح السفينة، مما يعني أنه إذا كان هناك حريق يهدد ببدء "تسخين" صاروخ، فيمكن للطاقم أن يغمر المكان بمواد الإطفاء بسرعة قبل حدوث المزيد من الضرر.
يقول هندريكس إن هناك مشكلة أخرى تتمثل في حالة الأسطول الروسي السطحي، الذي لم يشهد قدراً كبيراً من الاستثمار والاهتمام مثل قوته الأساسية وهي الغواصات الأكثر قدرة، فالسوفييت والروس لا يعتبرون قوة بحرية بالأساس، ويركزون بشكل كبير على الغواصات مقابل التفوق النوعي والكمي للسفن السطحية الأمريكية.
كما أن السفن الروسية التي صُممت في العهد السوفييتي لديها أنظمة دفاع جوي "قديمة" لم يتم تصميمها ببساطة لمواجهة مسارات صواريخ كروز وصواريخ باليستية حديثة، كما أنها ليست حساسة بدرجة كافية لالتقاط جهات هجوم أصغر.
في المقابل، تمت ترقية نظام Aegis Combat التابع للبحرية الأمريكية باستمرار لعقود من الزمن للتكيف مع التهديدات الجديدة.
علاوة على ذلك، من المحتمل أن يكون عدم كفاءة الطواقم الروسية قد لعب دوراً رئيسياً في عدم قدرة السفينة على التعافي بعد الضربة- وهي مهارة أظهرها بحارة البحرية الأمريكية مراراً وتكراراً، وفقاً لموقع Breaking Defense الأمريكي.
الوضع في منطقة غرب المحيط الهادئ العسكرية على النقيض من المعركة في البحر الأسود، حيث أصبح حجم وتعقيد المنصات الجوية والبحرية والأسلحة وأجهزة الاستشعار ووتيرة الضربات التكنولوجية والضربات المضادة أكبر بكثير.
ستتخذ الولايات المتحدة وحلفاؤها إجراءات مضادة من أجل هزيمة أحدث الصواريخ الباليستية والصواريخ فوق الصوتية المضادة للسفن في الصين، والتي يمكن الآن أو قريباً أن تغطي معظم بحر الصين الجنوبي. أما ما إذا كانت بكين تمتلك قدرات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع المطابقة أم لا، فهذا أمر مطروح للنقاش. إن ضرب سفينة من مسافة بعيدة هي عملية تدريجية، من الموقع الأوَّلي إلى التتبع، والمشاركة، وأخيراً تقييم ما بعد المعركة- يُطلق عليهم معاً نموذج "سلسلة القتل".
مع استمرار سباق التسلح هذا، تتطلع الولايات المتحدة، من بين تدابير أخرى، إلى "حزمة رباعية" من صواريخ آر آي إم-7 المُطوَّرة في نظام الإطلاق العمودي مارك-41 للطرادات والمدمرات. وهذا يعني أربعة صواريخ لكل خلية إطلاق بدلاً من واحدة، مما يمكّن السفن الأمريكية من الدفاع عن نفسها بشكل أفضل ضد الهجمات الكبيرة، مع وجود مخازن أعمق تبقى في الموقع لفترة أطول، مما يحسن احتمالات هجوم القوات عندما تبدو فرص إعادة إمداد الذخيرة قاتمة. تحاول الولايات المتحدة أيضاً تطوير ليزرات صواريخ كروز المضادة للسفن- وهي تقنية واعدة لكنها لا تزال بعيدة عن الاستخدام.
لكن، من له اليد العليا؟ يقول جيمس هولمز، رئيس الاستراتيجية البحرية في الكلية الحربية البحرية الأمريكية: "تخميني الشخصي هو أننا على وشك أن نكون قادرين على الدفاع عن أنفسنا مرة أخرى، لكن هذا يعتمد على التقنيات الحديثة التي سيتم تطويرها".
ماذا ستفعل حاملات الطائرات الأمريكية إذا أبعدتها الصين عن سواحلها؟
بما أن الاستراتيجية الصينية يرجح أنها ستجبر مجموعة حاملة الطائرات الأمريكية على الإبحار بعيداً عن الساحل الصيني أو الجزر في بحر الصين الجنوبي، فإن هذا سيثير تساؤلاً حول مقدار فاعلية البحرية الأمريكية في العمل من هذه المسافة البعيدة.
ومما يزيد من تعقيد المشكلة أنه خلال الحرب الباردة، خصصت الأجنحة الجوية الحاملة أصولاً للتزود بالوقود الجوي. لم تعد هذه الأصول موجودة. تعمل ناقلة جوية مسيَّرة، وهي إم كيو-25 ستينغراي، لتوسيع نطاق طائرات إف-18، لكنها لن تعمل حتى عام 2026 على الأقل.
لماذا لا تحاول تايوان تقليد أوكرانيا في مواجهة الأسطول الصيني؟
يمكن أن تستفيد تايوان من استراتيجية منع الوصول/حظر المنطقة التي تستخدمها الصين للتصدي المحتمل للبحرية الأمريكية.
فإذا كانت بكين تستخدم أعداداً كبيرة من الصواريخ لحظر وصول السفن الأمريكية إلى غرب المحيط الهادئ، فإن أي غزو صيني لتايوان ينطوي على اجتياح جيشها الخاص لما هو بالفعل أحد أكثر مناطق المياه دفاعية في العالم (المياه المحيطة بتايوان).
وأعطى غرق الطراد الروسي المشرعين الأمريكيين هراوة في أيديهم في الوقت المناسب لمحاولة إقناع القادة العسكريين التايوانيين (المتطلعين لبناء بحرية منافسة للصين) بقيمة "دفاع القنفذ"، أي تصبح جزيرتهم تعج بصواريخ مثل العمود الفقري للقنفذ كدفاع ورادع للمعتدين المحتملين.
لكن تايبيه تركز على بعض الأسلحة التي يراها حلفاؤهم الأمريكيون في غير محلها.
ومنذ نجاح أوكرانيا في صد الهجوم الروسي، والمسؤولون الأمريكيون يحاولون إقناع نظرائهم التايوانيين بتبني النهج الأوكراني في الحرب بشكل عام وليس البحرية فقط.
أي استخدام أسلحة خفيفة نسبياً، للدفاع عن البلاد وتنفيذ شكل من أشكال الحرب غير المتماثلة، فبدلاً من السفن الكبيرة، يمكن التركيز على أنظمة الصواريخ المضادة للسفن، وبدلاً من الدبابات يمكن التوسع في استخدام أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات والدبابات المحمولة على الكتف، والطائرات المسيرة والقيام بهجمات العدو وخطوط إمداداته بدلاً من المواجهات العسكرية.
يقول هولمز: "إنه لمن الجنون أن يخرج كبار المسؤولين في تايبيه ويهددوا بضرب بكين بمخزون الجزيرة المحدود للغاية من صواريخ أرض-أرض بعيدة المدى".
وأضاف: "ما قد يصل إلى حد الضربات الانتقامية لن يفيد كثيراً فيما يتعلق بالأمور المهمة، بمعنى بقاء الجزيرة ككيان سياسي ديمقراطي"، حسب تعبيره.
إن فكرة امتلاك تايوان لنسختها الخاصة من أسلحة منع الوصول/حظر المنطقة ضد الغزو البرمائي للجيش الصيني ليست جديدة.
في عام 2010، دافع هولمز وتوشي يوشيهارا، خبير آسيا والمحيط الهادئ، عن مثل هذه الأدوات والاستراتيجية لتايبيه، داعياً تايوان لأن تستنسخ خطط الصين ضد السفن الأمريكية، باستخدام أسلحة مماثلة، لكن القيادة العسكرية التايوانية كانت عنيدة بشكل سيئ، حيث يريدون الحصول على أنظمة الأسلحة الرئيسية، والنسخ المقلدة لقوى متوسطة أخرى، وأسطول من المدمرات والفرقاطات. وغرق موسكوفا يمكن أن يغير ذلك.
بالنسبة إلى كل من الولايات المتحدة والصين، ستعزز الصواريخ الأرضية المضادة نظرية استخدام الأسلحة المثبتة على البر القائمة منذ قرون من الحروب البحرية.
هناك أمور سيئة تنتظر السفن كلما اقتربت من شواطئ العدو. قبل ثلاثة قرون، كانت البطاريات والحصون الساحلية. في هذه الأيام، تخلق الأسلحة الأسرع والبيئات الإلكترونية المزدحمة على الشاطئ أيضاً أوقات استجابة أقصر بالنسبة للسفن، كما يتمتع مطلق النار من أصحاب الأرض بمهمة أسهل في العثور على الأهداف وتتبعها عندما تكون قريبة نسبياً من الشاطئ.
في حين أن السفن إذا أصيبت تعاني لأنها تحتاج لقطع مسافات طويلة للعودة إلى القواعد الخاصة بها ومرافق الإصلاح.
ماذا ستفعل تايوان مع حاملات الطائرات الصينية الجديدة؟ الإجابة عند إيران
لكن المشكلة حادة بنفس القدر بالنسبة لبكين إذا حاولت غزو تايوان. ما هي وحدات السطح الرئيسية التي قد تغامر الصين باستخدامها لغزو لتايوان؟
ومؤخراً، دشنت الصين حاملة طائراتها الثالثة، والتي شهدت تطوراً كبيراً مقارنة بالحاملات السابقة، فالحاملة الجديدة أكبر حجماً بشكل لافت، وتتبنى تقنيات حديثة قريبة من الحاملات الأمريكية.
تزيد هذه الحاملات الفجوة بين القوة البحرية الصينية والتايوانية، وقد تجعل الصين تفكر في أنها باتت أقرب لغزو بحري للجزيرة، والأمر الذي يؤكد على الجانب الآخر، أن تايبيه لم تعد قادرة على الدخول في مواجهة تقليدية ضد البحرية الصينية، (سفينة ضد سفينة) خاصة أن احتمال تدخل الولايات المتحدة الأمريكية للدفاع عن تايوان بعيد جداً.
ولذا فإن النهج الأفضل لتايوان لمواجهة التفوق البحري الصيني، هو تبني أساليب غير تقليدية مثل الطائرات والغواصات المسيرة وأنظمة الصواريخ المضادة للسفن التي تطلق من البر أو من الزوارق الصغيرة، هو نهج تتبعه إيران.
فخطة إيران لمواجهة البحرية الأمريكية في الخليج تبدو أشبه بهجوم سرب من الحشرات على وحش عملاق، وتطور طهران لهذا الغرض سلسلة من الأسلحة المخصصة لهذه الاستراتيجية التي يأخذها القادة الأمريكيون على محمل الجد، رغم أنها غير مجربة من قبل.
فاستخدام أسراب من الزوارق المدججة بالسلاح لشن هجمات لا متناظرة على الأصول البحرية هي استراتيجية إيران البحرية، التي لا تخجل من إعلانها، حسبما ورد في تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية.
ولدى إيران بحريتان: الأقدم، وهي البحرية الإيرانية "النظامية"، والتي تركز على تشغيل طرَّادات وفرقاطات وزوارق صواريخ أكبر، إلى جانب ما يزيد عن 12 غواصة. ومنطقة عملها بالأساس هي المناطق الأبعد في مضيق هرمز وخليج عُمان والمحيط الهندي. لكنَّ غواصاتها القزمية البالغ عددها 22 من طراز "غدير" ملائمة للغاية لحرب الكمائن في مياه الخليج الضحلة والصخرية.
وفي الوقت نفسه، يملك الحرس الثوري الإيراني شبه العسكري هو الآخر البحرية الخاصة به، والتي تتجاوز أكثر من 1500 زورق سريع، مصممة للهجمات الاحتشادية "Swarming" السريعة في المياه الساحلية الضحلة للخليج.
ويجمع الحرس الثوري المئات من الزوارق السريعة والصغيرة المدنية الشبيهة بزوارق "بوسطن ويلر– Boston Whaler" ذات المقصورة المفتوحة، تكون مزودة عادةً بمنصات إطلاق صواريخ غير مُوجَّهة، وقذائف صاروخية، وصواريخ مضادة للدبابات ورشاشات عديمة الارتداد. وتشمل المنصات الشائعة الأخرى زوارق Boghammar السويدية، وقوارب Zodiac المطاطية القابلة للنفخ. ويمكن وضع هذه المركبات المائية الصغيرة على الجزر المعزولة ومنصات النفط وسط الخليج.
فما تخطط له إيران هو خوض "حرب عصابات بحرية"، مع البحرية الأمريكية، إذ سيُركِّز المدافعون الإيرانيون جهودهم وقوة نيرانهم غير المتكافئة على أضيق النقاط وأصعبها في المضيق، حيث يُمكن التنبُّؤ بمكان وجود العدو مسبقاً، بما يُسهِّل استهدافه ويُصعِّب هروبه. وسوف يُمطرون السفن المارة بالألغام، والقذائف، والطوربيدات في أثناء اقترابها من المنطقة الحرجة، وبعد عبورها، في حال عبرت بنجاح.
وزعمت تقارير إعلامية أن ألعاب حرب نفذها عسكريون أمريكيون لتقييم سيناريو معركة بين القوات البحرية العملاقة وبين البحرية الإيرانية التي تشبه الميليشيات البحرية أن الأخيرة قد تحقق مفاجأة، وقد تغرق حاملة طائرات أمريكية باستخدام استراتيجية حرب العصابات البحرية.