في الوقت الذي بلغ فيه التطور العلمي والتكنولوجي أوجه، وتحوّل العالم إلى قرية صغيرة لا تزال الكثير من الشعوب والقبائل تعيش خارج التاريخ، منعزلة تماماً عن العالم، ومحافظة في الوقت ذاته على عادات وطقوس متوارثة عبر آلاف السنين.
ففي أقصى غرب إثيوبيا، وبالضبط على ضفاف نهر أومو، تعيش قبيلة المورسي الإفريقية حياةً بدائية غريبة، تتميّز بوضع نساء المورسي للوحات على الشفاه بقصد الزينة، بينما يتجمّل الرجال بالطين الأبيض، أمّا شرابهم المفضل فهو دم البقر.
المورسي نجت من مجاعة كادت تهلكهم في القرن الـ19 الميلادي بفضل صيدهم للأفيال
لا تذكر المصادر التاريخية سوى القليل عن تاريخ وأصول قبائل المورسي الإفريقية، كونهم عاشوا بعض الوقت في نوع من العزلة عن العالم الخارجي، علاوة على عدم امتلاكهم تاريخاً مكتوباً؛ إذ يُعتقد أنّ قبائل المورسي وصلت إلى الضفة الشرقية لنهر أومو منذ حوالي 200 عام.
لكن ما هو مؤكد أنه في عام 1890 كانت قبائل المورسي موجودة بالفعل على ضفاف نهر أومو، ففي نهاية القرن التاسع عشر كان هناك وباء طاعون الأبقار، الذي قتل العديد من رؤوس الماشية، وتسبَّب في مجاعة شديدة، عُرفت باسم روبوجا.
تمكَّنت قبائل المورسي من البقاء على قيد الحياة بفضل الزراعة والصيد، وخاصة صيد الأسماك، بحسب ما ورد في تقرير لموقع exploring africa.
في سنة 1896م، وبينما كانت قبائل المورسي تُواجه هذه المجاعة، وصل المستكشف فيتوريو بوتيغو إلى نهر أومو، أشار بوتيغو إلى أن المورسي كان لديهم عدد قليل من الماشية، وما ساعدهم على البقاء على قيد الحياة هو صيدهم للأفيال.
يتحدث قبائل المورسي لغة المورسي باعتبارها اللغة الأم، وهي مصنفة على أنها سومرية، وهي فرع من عائلة اللغات النيلية الصحراوية، بينما يتفرقون إلى 18 عشيرة.
يعتمد المورسي على الزراعة وتربية الماشية في كسب لقمة العيش
يبلغ عدد أفراد قبائل المورسي نحو 10 آلاف فرد، يتخذون من منطقة في غرب إثيوبيا أرضاً لهم، كونهم يعتمدون على الزراعة كثيراً، ومن حسن حظهم أنّهم يعيشون على أرضٍ تحدها ثلاثة أنهار، هي: نهر أومو، ونهر ماجو، ونهر مارا بحسب time less ethiopia.
تعتمد قبائل المورسي في عيشها على الزراعة والثروة الحيوانية بشكل أساسي، إذ يُمارس المورسي الزراعة في وقتين مختلفين من العام وفي أماكن مختلفة.
في شهري سبتمبر/أيلول، وفبراير/شباط، يقوم أفراد المورسي بالزراعة على طول ضفاف نهر أومو ونهر ماجو، وذلك بسبب أنّ التربة تكون خصبة في ذلك الوقت، بفضل وجود الطمي المترسّب على الضفاف أثناء الفيضانات السنوية التي تحدث أثناء هطول الأمطار الموسمية.
وفي الأشهر ما بين مارس/آذار وأبريل/نيسان، وهي الفترة التي تشهد سقوط الأمطار، يزرعون في الأرض التي أعدوها شرق نهر أومو.
أما الزراعة المفضلة عند قبائل المورسي فهي زراعة الذرة الرفيعة، وفي بعض الأحيان يقومون بزراعة الفاصوليا والحمص.
وتعدُّ الماشية مصدراً مهماً للعيش، كما أنها تحدد ثروة الأسرة عند قبائل المورسي.
قطيع من الماشية وبندقية مهر الزواج عند المورسي
تمثل الماشية أيضاً تراث الرجل عند قبائل المورسي، والذي يستخدمها في مواقف مختلفة، فهي تحدد مهر الزواج، كما أنها تستعمل في الطقوس الدينية والاحتفالات عند قبائل المورسي.
يتكون المهر عند المورسي عادة من 30 إلى 40 بقرة، تنتقل هذه الثروة من عائلة العريس إلى عائلة العروس. لذلك فإن ولادة البنت عند قبائل المورسي تعتبر نعمة، فهي تُسهم في نمو ثروة الأب.
كما أنّ مهر الفتاة عندهم يحتوي على بندقية أيضاً، وذلك من أجل حماية الماشية من السرقة، وتعدّي القبائل المجاورة.
وتعتبر الماشية كنزاً ثميناً عند المورسي، فحتى الأسماء تُعطى عند المورسي وفقاً للون البقرة المفضلة لديك.
يكسرون أسنان النساء ويضعون ألواحاً خشبية في شفاههن السفلى!
لدى قبائل المورسي عادات غريبة، مثلها مثل سائر القبائل الإفريقية التي تقطن المنطقة، فمعايير الجمال والزينة عند قبائل المورسي غريبةٌ ووحشية.
تقوم نساء المورسي بثقب شفاه الفتيات عند بلوغ سن 15 عاماً، وإدخال لوح خشبي أو صحن فخار في شفاههن السفلى، وتتم إزالة الأسنان الأمامية للفتاة لتفادي احتكاكها باللوح.
وتعتبر هذه الممارسات الغريبة طقوساً للانتقال من المراهقة إلى البلوغ عند المورسي؛ كما أنها تمثل علامة على الانتماء إلى القبيلة وزينة للنساء.
وكلما كبر حجم اللوح أو قطعة الفخار الموجودة في شفة الفتاة؛ تكون أجمل في نظر شباب القبيلة، ويكون مهرها من البقر والقطيع أكبر.
الرجال في المورسي يتزيّنون بالطين الأبيض
أمّا رجال المورسي فيستخدمون للزينة الطلاء الأبيض لأجسادهم ووجوههم.
فيقومون برسم لوحات على أجسادهم، ليبدوا أكثر جاذبية للجنس الآخر. ويعدُّ الرسم على الجسد مهماً جداً في ثقافة المورسي، وهو ممارسة ذكورية حصرية.
يرسم رجال المورسي على أجسادهم لأسباب مختلفة، كما يستعملون موادَّ أخرى في الرسم، مثل الرماد المشكل من روث البقر المحترق والممزوج بالطين الأبيض.
ويتمُّ الرسم بروث البقر عندما يريد الرجل أن يعرف الناس أنه يبحث عن زوجة، بحسب ما ورد في تقرير exploring-africa.
وحتى يوافق على زواج الرجل في قبيلة المورسي فعليه اجتياز اختبار يُسمى بـ"عصا دونجا"، حيث تُعطى عصا تسمى دونجا للشاب الراغب في الزواج، وعليه أن يواجه بها خصمه، والفائز يُحدد الفتاة التي يرغب في الزواج منها.
ويضع الرجال عند المورسي خدوشاً خفيفةً على أكتافهم بعد قتلهم لخصومهم، كما أنهم يحلقون أنماطاً هندسية على رؤوسهم.
وأثناء الرقصات والاحتفالات يزينون حرفياً كل جزء من أجسادهم بطلاء طباشيري أبيض، بحسب مدونة jenman safaris.
يشربون الدماء وطبيبهم كاهن!
أساس نظام قبائل المورسي الغذائي هو نوع من العصيدة، محضر من الذرة الرفيعة.
ويعتبر الحليب والدم أحد الركائز الأساسية لنظامهم الغذائي، فهما مصدر للبروتين ومتوفران دائماً، يأكل المورسي أيضاً لحوم ماشيتهم، ولكن فقط خلال المناسبات الخاصة، مثل الاحتفال بطقوس مهمة، أو عندما تموت رأس ماشية، أو أثناء مواسم الجفاف.
أمّا علاج المرضى عند قبائل المورسي فهي وظيفة حصرية للكهنة والسحرة، الذين يطلق عليهم اسم الكومورو.