عثرت الشرطة الأمريكية على كالا براون (30 عاماً)، مُقيّدةً بالسلاسل الحديدية داخل حاوية شحن موجودة في عقارٍ مملوك لشخص يدعى "تود كولهيب"، سمسار العقارات الناجح من ولاية كارولينا الجنوبية، يوم الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني عام 2016. وكانت كالا قد اختفت مع حبيبها تشارلي كارفر قبل أكثر من شهرين.
وبعد إجراء كثير من التحريات، خلص المحققون، في النهاية، إلى أن كالا وكارفر كانا يخططان لتأدية عملٍ داخل أرض كولهيب قبل يومٍ من اختفائهما. واستصدر المحققون مذكرةً لتفتيش عقار كولهيب بموجب هذه المعلومات، لكنهم لم يكونوا مستعدين لما سيرونه عند وصولهم.
حيث سمع المحققون ضجيجاً يصدر من حاوية معدنية ضخمة، ففتحوها ليعثروا على كالا "مُسلسلةً مثل الكلاب" داخلها. ولم تعثر الشرطة على كارفر، الذي قالت كالا إن كولهيب قتله بالرصاص بمجرد وصولهما إلى العقار في 31 أغسطس/آب. ثم احتجز كولهيب، كالا داخل حاوية الشحن، واغتصبها مراراً لأسابيع.
وتكشّف مزيد من التفاصيل المضطربة عن جرائم كولهيب بعد القبض عليه. إذ اكتشف المحققون أنه نشر مراجعات عجيبة للأدوات والأسلحة التي استخدمها في الاختطاف والقتل، على موقع أمازون. علاوةً على أن كالا لم تكن أول من يقع في أسره، لكنها كانت الوحيدة التي نجت وما تزال على قيد الحياة.
اختطاف كالا براون وقتل تشارلي كارفر بدمٍ بارد
في الـ31 من أغسطس/آب عام 2016، اتجهت كالا براون مع تشارلي كارفر بالسيارة إلى عقار تود كولهيب الكائن بمنطقة مور في كارولينا الجنوبية، من أجل إزالة بعض الشجيرات. وأفاد برنامج 48 Hours للتحقيقات بأن كالا سبق لها تأدية بعض أعمال التنظيف لصالح كولهيب من قبل، ولهذا لم يكن لديها سببٌ للارتياب قبل لقائه. لكن اللقاء كان مختلفاً هذه المرة مع الأسف.
بينما ذكرت قناة WYFF 4 الأمريكية أن كالا قالت للشرطة في وقتٍ لاحق: "دخلنا لنحضر آلات تقليم الأشجار، ثم عدنا إلى الخارج… وخرج تود بعدها وهو يحمل مسدساً في يده، وأطلق ثلاث رصاصات على صدر تشارلي. وحينها أمسكني تود من الخلف، وأخذني إلى الداخل، ثم وضعني على الأرض وكبّل يدي".
وأبقى تود، كالا مقيدةً داخل حاوية الشحن على مدار الشهرين التاليين، وكان يخرجها مرةً أو مرتين يومياً لاغتصابها. واصطحبها في نزهة مشي حول عقاره الذي تصل مساحته إلى 96 فداناً، ثم أشار إلى أماكن ثلاثة قبور. وقال لها: "كالا، إذا حاولت الهرب، فسوف تذهبين إلى واحدٍ من هذه القبور مباشرةً".
وحاولت كالا تشتيت انتباهها أثناء وجودها في حاوية الشحن بقراءة الكتب والاستماع إلى مشغل أقراص "دي في دي" الذي حصلت عليه من كولهيب. وكانت تنام على فراشين خفيفين للكلاب، وتأكل رقائق البسكويت مع زبدة الفول السوداني، وتقول ما يلزم من أجل البقاء على قيد الحياة.
رحلة البحث المحمومة عن الثنائي المفقود وعملية إنقاذ كالا الصادمة
بدأ القلق ينتاب جوان شيفلت، والدة كارفر، بعد عدة أيام من وصول الثنائي إلى عقار كولهيب، لأنها لم تسمع أي خبرٍ من ابنها. وظنت في البداية أنه سيكون نائماً عندما تراسله بعد عمله الذي يمتد لـ12 ساعة، لكنها تيقنت أن الأمور ليست على ما يرام مع مرور الأيام. وفي الوقت ذاته، بدأت إحدى صديقات كالا تشعر بالقلق نتيجة اختفائها، وشرعت في السؤال عنها.
وازدادت حيرة الأهل والأصدقاء أكثر بعد ظهور منشورات عجيبة على حسابات الثنائي في الشبكات الاجتماعية. إذ أشارت حالات عجيبة على فيسبوك إلى زواج كالا وكارفر، وشرائهما منزلاً، وعيشهما حياةً سعيدة معاً. فلماذا لا يردان على أي اتصالات أو رسائل إذاً؟
وعندها قررت جوان تقديم بلاغ عن مفقودين، وسرعان ما تحركت الشرطة بحثاً عن إجابات.
وأفادت صحيفة Anderson Independent-Mail الأمريكية بأن المحققين بدأوا بحثهم بالحصول على نسخة من سجلات الهاتف المحمول والشبكات الاجتماعية الخاصة بكالا وكارفر. ولاحظوا أن هاتف كالا استقبل آخر إشارة من برج اتصالات يقع قرب منطقة مقاطعة سبارتنبرغ، لكن الموقع لم يكن دقيقاً.
وظل الوضع على ما هو عليه حتى نظرت الشرطة في سجلات فيسبوك الخاصة بكالا، واكتشفوا تبادلها رسائل مع كولهيب حول العمل في أرضه، التي كانت تقع داخل المنطقة التي أرسل فيها هاتف كالا آخر إشاراته. وكان هذا الدليل كافياً لإصدار مذكرة تفتيش لعقار كولهيب.
وأثناء تفتيش المحققين للعقار، سمعوا صوت ضجيج آتياً من حاوية شحن عملاقة. وعثروا داخلها على كالا مقيدةً بالسلاسل حول عنقها وكاحلها من أجل منعها من الهروب.
وعندما سألتها الشرطة عن مكان تشارلي كارفر، أجابت قائلة: "لقد أطلق النار عليه. تود كولهيب قتل تشارلي كارفر بثلاث رصاصات في صدره. ثم لفه بغطاءٍ أزرق، واحتجزني أنا هنا. ولم أر تشارلي بعدها مطلقاً".
كما عثر المحققون على سيارة كارفر أيضاً، بعد أن جرى طلاؤها باللون البني والتخلص منها وسط الغابات. لكن هذه الاكتشافات كانت مجرد بداية للأشياء المروعة التي سيعثرون عليها لاحقاً.
كيف ساعدت كالا براون الشرطة على كشف حقيقة تود كولهيب؟
روى تود كولهيب حقيقة جميع جرائمه السابقة لكالا براون أثناء احتجازه لها على مدار شهرين، حتى الجرائم التي لم يُربط اسمه بها مطلقاً. وأفادت شبكة CNN الأمريكية بأن كالا قالت لاحقاً: "كان يحب التباهي بأنه قاتلٌ متسلسل وقاتل جماعي".
ويُزعم أن كولهيب أخبر كالا بأنه قتل قرابة 100 شخص، وأنه يريد قتل المزيد، "لأنه يحلم بأن يصل عدد الجثث التي حصدها إلى رقمٍ من ثلاث خانات".
وتوصلت الشرطة إلى اكتشافٍ مروع أثناء النظر في هذه المزاعم، إذ كانت لكولهيب علاقة باثنتين من القضايا المعلقة في المنطقة. حيث قتل أربعة أشخاص داخل متجرٍ قريب لرياضات السباقات عام 2003، وظلت قضية القتل الجماعي تلك بدون حل لمدة 13 عاماً.
كما اتفق كولهيب مع زوجين على أداء بعض العمل داخل عقاره قبل بضعة أشهر من اختفاء كالا وكارفر. وقتل الزوج، ثم اغتصب الزوجة لبضعة أسابيع قبل أن يطلق النار عليها هي الأخرى، ودفنهما في النهاية داخل القبور التي اصطحب كالا إليها لاحقاً.
لكن الجزء الأكثر جنوناً في جرائم قتل تود كولهيب كان يكمن في التقييمات التي تركها على الإنترنت عن الأدوات والأسلحة التي استخدمها في جرائم القتل والاختطاف. وتسببت هذه التصرفات في منحه لقب "قاتل تقييمات أمازون". حيث كتب في تقييمه لمجرفة صغيرة على أمازون: "احتفظ بها داخل السيارة لاستخدامها عندما تكون مضطراً لإخفاء الجثث لكنك نسيت مجرفتك الكبيرة في المنزل…".
بينما كتب في تقييمٍ آخر لأحد الأقفال: "أقفالٌ صلبة… لدي 5 منها على باب حاوية شحن… لن تمنع هروبهم، لكنها ستعطلهم بما يكفي حتى يكبروا في السن بدرجةٍ تُفقدهم الاهتمام بالهرب".
ووفقاً لما ورد في موقع All That's Interesting الأمريكي، فقد أقر كولهيب بالذنب أمام المحكمة في سبع تهم قتل، وتهمتي اختطاف، وتهمة اعتداء جنسي جنائية. وحُكِم عليه بسبعة أحكام متتالية بالسجن مدى الحياة، وما يزال سجيناً في كولومبيا بولاية كارولينا الجنوبية حتى يومنا هذا.