تسلّم الجيش الأمريكي الدفعة الأولى من عشرات الآلاف من نظارات الواقع المعزز، المصمَّمة لزيادة فاعلية الجنود في القتال المباشر، والتي توصف بأنها أكبر وأغلى ترقية للقوات البرية منذ صنع الدروع الواقية للبدن من الرصاص، وأنها تتمتع بمزايا "مذهلة".
ما هي نظارات الواقع المعزز التي بدأ يستخدمها الجيش الأمريكي؟
يعتمد نظام التعزيز البصري المتكامل (IVAS) بحسب مجلة Popular Mechanics الأمريكية، على الواقع المعزز لعرض البيانات داخل مجال رؤية الجندي، بما في ذلك الخرائط ومواقع العدو والمواقع الصديقة الرئيسية، وغيرها من المعلومات. ويريد الجيش الحصول على 120 ألف نظارة، لكن الكونغرس متشككٌ في حاجة الجيش لهذا العدد الضخم فعلياً.
ويُعتبر فرع المشاة أكثر الفروع القتالية التي تعاني من الإهمال التكنولوجي، رغم كونه الفرع الأكبر عدداً. حيث تتكفل فرق المشاة بالسيطرة والحفاظ على الأراضي التي تكتفي الفروع الأخرى بقصفها بالقنابل، والقذائف، ونيران المدفعية. وربما شهدت السنوات الأخيرة تطورات ثورية متكررة في الدبابات والطائرات المقاتلة والسفن، لكن جنود المشاة فاتهم الشطر الأعظم من التطوير. ولا يزال جندي المشاة النموذجي المعاصر يذهب إلى أرض المعركة اليوم حاملاً معه قائمة معدات تشبه من سبقوه قبل قرنٍ كامل، كما تقول مجلة Popular Mechanics.
بينما يرى الجيش الأمريكي أن نظام التعزيز البصري المتكامل يمثل القفزة التكنولوجية التي كان فرع المشاة بحاجةٍ إليها لخوض حروب القرن الـ21. إذ بُنِيَ النظام الجديد على تصميم نظارات هولولنز للواقع المعزز من مايكروسوفت، ويضم الكثير من القدرات داخل جهاز مُدمج ومُحكم نسبياً. حيث تحتوي النظارات الجديدة على جهاز عرض مقاوم للصدمات بمستوى الرأس، وكابل توصيل، وحزمة حاسوب، وبطارية قابلة للارتداء، وراديو للاتصال بين أفراد الفرقة، وشاحن للطاقة.
ما الذي يراه الجنود عبر نظارات التعزيز البصري المتكامل (IVAS)؟
تعرض النظارات الجديدة معلومات مهمة داخل مجال رؤية الجندي، مثلها في ذلك مثل جهاز العرض بمستوى الرأس داخل الطائرة المقاتلة. إذ تساعد نظارات التعزيز البصري المتكامل الجنود على رؤية مواقع بقية أفراد الفرقة أو المفرزة، والمسارات المخصصة داخل أرض المعركة، ومواقع العدو، وغيرها من البيانات.
كما يستطيع الجنود أيضاً استقبال البيانات من أجهزة الرؤية الليلية القريبة، بما في ذلك أنظمة الرؤية الحرارية ومنخفضة الإضاءة. وتُتيح النظارات للجنود "الرؤية" عبر جدران المركبات التي يركبونها من الداخل، سواءً عن طريق الوصول إلى الكاميرات المثبتة فوق هيكل المركبة، أو عرض بيانات الطائرات المسيرة التي تحلق فوق أرض المعركة.
وستسمح النظارات المتطورة هذه للجنود بتحديد هوية القوات المعادية عن بُعدٍ أيضاً باستخدام الرؤية الليلية، وذلك عبر النظام المتقدم لتحسين الاستهداف والفتك (أطلس).
نظارات واقع معزز بأكثر من 21 مليار دولار
في السياق، أفاد موقع Janes البريطاني بأن الجيش الأمريكي بدأ في استلام أول 5,000 نظارة من أصل 120 ألف جهاز إجمالاً، وتصل قيمة الأجهزة الإجمالية إلى 21.88 مليار دولار على مدار 10 سنوات.
ويُشرف الكونغرس على البرنامج الضخم، لكنه يعتقد أن الجيش يشتري أجهزةً أكثر من اللازم. حيث يعتقد الكونغرس أن 120 ألف جهاز ستكون أكثر من كافية لتجهيز جنود المشاة، والمدفعية، والفرسان، وقوات العمليات الخاصة، والمهندسين القتاليين، وغيرهم.
علاوةً على أن الجيش يستخدم حالياً نظارات الرؤية الليلية المحسنة (ENVG-B)، وهي عبارة جهاز نظارة رؤية ليلية من الجيل الجديد الذي يعمل بتكثيف الصور. وتوفر هذه النظارات رؤيةً ليلية مجسمة، كما يمكن توصيلها لاسلكياً بعدسات الرؤية الليلية المثبتة على الأسلحة. ويستطيع الجندي الذي يمتلك نظارات الرؤية الليلية المحسنة مثلاً أن يرفع سلاحه فوق حائط، ويُصوّبه نحو الهدف، ثم يطلق النار دون أن يعرض نفسه لنيران العدو.
بينما نقل موقع Breaking Defense الأمريكي في يوليو/تموز أن الجيش كان متحمساً للغاية لنظارات التعزيز البصري المتكامل، لدرجة أنه ألغى تمويل نظارات الرؤية الليلية المحسنة من ميزانية الجيش لعام 2023. وجاءت هذه الخطوة رغم وصول تقارير الاختبارات الميدانية إلى الكونغرس، والتي نصت على أن الجنود لا يؤمنون بحاجة الجميع إلى النظارات الجديدة في أرض المعركة.
رفاهية خاصة بالجيش الأمريكي
لهذا نصح الكونغرس الجيش بتجربة وحدات "مزدوجة التجهيز"، تجمع بين نظارات التعزيز البصري المتكامل ونظارات الرؤية الليلية المحسَّنة.
ولا خلاف على اعتبار نظارات التعزيز البصري المتكامل من أكثر التقنيات الثورية التي ظهرت في فرع المشاة منذ اكتشاف الرؤية الليلية، كما تقول مجلة Mechanics الأمريكية.
ويمكن القول إن النظامين يكمل كل منهما الآخر، حيث تمثل نظارات التعزيز البصري المتكامل أداة قيادة وتحكم للقادة على الأرض، بينما تعتبر نظارات الرؤية الليلية المحسَّنة بمثابة نظام استشعار وتصويب للأسلحة. لكن المؤكد هو عدم وجود جيش آخر في العالم يمتلك أياً من النظامين، بينما يتمتع الجيش الأمريكي برفاهية الاختيار بينهما.