في ليلة مشاهدة الأفلام، سيكون الخيار الأول لتناوله أثناء المشاهدة وعاء كبيراً من فشار الميكروويف الساخن، وعلى الرغم من كون الفشار وجبة خفيفة صحية، وغنية بالعناصر الغذائية المهمة، بما في ذلك الألياف، عندما يُقدم بدون مكونات عالية الدهون أو الملح أو السكر، لكن الخبراء يحذرون من أن وجبتك الخفيفة ربما تملأ جسمك بـ"المواد الكيميائية الدائمة" التي تضرك.
والسبب هي المواد المستخدمة في صناعة عبوات فشار الميكروويف، إذ تُغطّى العديد من أكياس فشار الميكروويف بمركبات "الفاعلات بالسطح الفلورية" "PFAS"، وتشير الأدلة العلمية إلى أن هذه المواد الكيميائية تتسرب إلى داخل وجبتك الخفيفة أثناء فرقعة الفشار.
تمنع التصاق الزيت بداخل كيس الفشار ولكن مخاطرها كبيرة
ابتُكِرَت "الفاعلات بالسطح الفلورية" في الأصل خلال الخمسينيات، لتكون جزءاً من طلاء الأسطح غير اللاصقة للمقلاة.
ولاحقاً دخلت هذه المواد في صناعة العديد من المنتجات الاستهلاكية ومنها مواد التنظيف، ومستحضرات التجميل المضادة للماء، ورغوة إطفاء الحريق، والطلاء المقاومة للبقع في السجاد والأثاث المنزلي.
ثم لاحقاً أُضيفت في أكياس فشار الميكروويف، فهي لمنع الأكياس من امتصاص الزيت الذي يساعد على فرقعة الفشار، كما تحول هذه المركبات دون اشتعال الأكياس أيضاً.
وقال الدكتور ديفيد هيبر: "أتعرف ما يحدث عندما تنسى الفشار أحياناً لفترة أطول من اللازم في الميكروويف، فينتهي بك المطاف إلى الحصول على حبوب سوداء محترقة؟ حسناً، تكون هذه الحبوب ساخنةً بما يكفي لحرق الكيس الورقي، أي إن هذه المواد تحمي الكيس ومطبخك من الحريق".
ولكن كما أن لهذه المواد وظيفة وفائدة، فلها مخاطر كبيرة على الصحة، فهي تتسرب إلى الفشار أثناء تحضيره في الميكروويف ومن ثم إلى جسم الإنسان، وتتحول الوجبة الخفيفة إلى واحدةٍ من أشهر وسائل دخول المواد الكيميائية إلى أجسام البشر.
وقال أندروز: "يعتبر فشار الميكروويف من أوائل المنتجات التي اختبرتها إدارة الغذاء والدواء" للتحقق من وجود "الفاعلات بالسطح الفلورية" قبل نحو 15 عاماً.
ووجدت دراسةٌ أجريت عام 2019 أن الأشخاص الذين يتناولون فشار الميكروويف بانتظام تكون لديهم معدلات أعلى من الفاعلات بالسطح الفلورية في دمائهم، بناءً على بيانات جمعتها مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها عن عادات الأكل لـ10,500 أمريكي طوال 10 سنوات.
وتبين أن معدلات الفاعلات بالسطح الفلورية في دماء من يتناولون الفشار يومياً تتجاوز المعدلات المتوسطة بنسبة تصل إلى 63%، وفقاً للنتائج المنشورة في دورية Environmental Health Perspectives العلمية.
الكثير من فشار الميكروويف يعني الكثير من المواد الكيميائية
بحسب الدراسات "كان هناك معدلات عالية من هذه المركبات في دماء الأشخاص الذين يتناولون فشار الميكروويف بصورةٍ منتظمة، أي إنها تدخل في مجرى الدم"، بحسب الدكتور ديفيد هيبر، المدير المؤسس لمركز التغذية البشرية في جامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس.
ويكمن الضرر الأكبر لتلك المواد بأنها تتحلل ببطءٍ شديد، وتتراكم في البيئة وداخل أجسام البشر على حد سواء؛ لذلك يُطلق عليها اسم "المواد الكيميائية الدائمة".
وتم العثور على هذه المواد الكيميائية في مياه الشرب بمختلف أنحاء الولايات المتحدة، كما يمكن العثور عليها في دماء 97% من سكان الولايات المتحدة، وفقاً للتقديرات الحكومية.
بينما قال ديفيد أندروز، العالم البارز في منظمة Environmental Working Group غير الربحية: "هناك الكثير من الاهتمام بمياه الشرب، لكن الطعام يمثل مصدر تعرض كبير لهذه المواد الكيميائية، وقد أظهرت الدراسات أن استهلاك فشار الميكروويف والمأكولات السريعة يرتبط بارتفاع معدلات الفاعلات بالسطح الفلورية داخل الجسم".
وأيضاً تؤثر هذه المركبات الكيميائية على جهاز المناعة، "أي إنها تقلل من فاعلية اللقاحات".
وارتبطت بزيادة معدلات الكولسترول في الدم، والانخفاض البسيط في أوزان المواليد، وتغيرات إنزيمات الكبد، ومقدمات تسمم الحمل، وارتفاع مخاطر سرطان الكلى أو الخصية، وفقاً لوكالة تسجيل المواد السامة والأمراض الأمريكية.
ما هو البديل الصحي عن فشار الميكروويف؟
أوضح ديفيد أندروز أن المسؤولية تقع أولاً على عاتق الشركات المصنعة لفشار الميكروويف، وأنه بالإمكان صنع أكياس فشار الميكروويف دون استخدام "الفاعلات بالسطح الفلورية" وما يماثلها من المواد الكيميائية.
وأشار ديفيد أندروز إلى الدنمارك كمثال؛ حيث أعلنت أكبر متاجر البقالة في البلاد Coop Denmark في عام 2015 أنها ستتوقف عن فشار الميكروويف بسبب وجود الفاعلات بالسطح الفلورية في تغليفه.
واتخذوا قراراً أكثر مسؤولية حين عادوا لبيع فشار الميكروويف بعد عدة أشهر، لكن هذه المرة كان في أكياس جديدة مصنوعة من ورقٍ أكثر صلابة، ولا حاجة لوجود تلك المواد الضارة.
وأوضح ديفيد أندروز قائلاً: "لم يغيروا سوى طريقة تصنيع الورق الفعلية من أجل منحه مقاومةً أكبر ككيسٍ لفشار الميكروويف، ودون أي إضافات كيميائية".
لحسن الحظ هناك خيارات عديدة، وبدائل صحية كثيرة، لصنع وجبة صحية ولذيذة من الفشار، دون المخاطرة بالصحة مع وجبات عبوة فشار الميكروويف.
يوصي هيبر وأندروز الأشخاص المهتمين بصحتهم شراء آلة صنع الفشار المنزلية أو إعداد الفشار بأنفسهم على الموقد، وبالطريقة التقليدية وذلك حتى تُعلن الشركات عن تغيير عبواتها.
حيث يقول أندروز: "يكفيك استخدام وعاء أو قدر به القليل من الزيت على الموقد. هكذا أقوم بإعداد الفشار دائماً. ولا شك أنها وصفة سهلة لتجنب التعرض المحتمل للفاعلات بالسطح الفلورية".