من المتوقع أن يصل غداً الخميس 8 سبتمبر/أيلول 2022 آموس هوكشتاين، الوسيط الأمريكي لشؤون أمن الطاقة إلى العاصمة اللبنانية بيروت، حاملاً معه الرد الاسرائيلي بخصوص مفاوضات ترسيم الحدود البحرية.
وكان من المفترض أن يصل هوكشتاين إلى لبنان من أسبوعين حاملاً رد تل أبيب، لكن مصادر كشفت لـ"عربي بوست"، أن الوسيط الأمريكي لم يحصل على جواب واضح أو نهائي من الجانب الإسرائيلي.
وأضافت المصادر نفسها أن هوكشتاين سيحمل معه من إسرائيل أفكاراً ومقترحات سيعرضها للنقاش مع الجانب اللبناني، بعدها سيتم تحديد مواعيد لجلسات التفاوض غير المباشر في منطقة الناقورة جنوب لبنان لتوقيع الاتفاق.
التصعيد وارد
بالمقابل، وعلى الحدود اللبنانية الإسرائيلية، يستعد كل من حزب الله وإسرائيل لاحتمالية التصعيد العسكري، فيما بدأت المناورات العسكرية الإسرائيلية يوم الأحد الماضي، وتستمر حتى مساء اليوم الأربعاء 7 سبتمبر/أيلول 2022.
وكشفت مصادر دبلوماسية لـ"عربي بوست" أن حزب الله سحب كتائب من مقاتليه من سوريا، لا سيما من منطقة دير الزور وبعض المناطق المتاخمة لمدينة دمشق، وجرى نقلهم إلى منطقة البقاع الغربي وجنوب لبنان.
وأضاف المصدر نفسه أن حزب الله منع العديد من الكوادر العسكرية والأمنية من مغادرة مواقعهم ومراكزهم، طالباً منهم إلغاء حجهم إلى العراق، والذي يكون بمناسبة أربعينية الحسين في كربلاء.
ويشير مصدر أمني لبناني رفيع لـ"عربي بوست" إلى أن التصعيد العسكري المحدود يمكن أن يحدث في حالة عدم التوصل إلى اتفاق، ومن الممكن حصول ضربات متفرقة ضد أهداف محددة مسبقاً، وحزب الله يمكنه لعب الورقة العسكرية لتحسين شروط لبنان في المفاوضات.
وفي هذا الإطار يؤكد المصدر أن لدى كل الأطراف الأمنية اللبنانية معلومات تشير إلى أن حزب الله حدَّد عدداً من الأهداف الإسرائيلية، منها الوحدة العائمة Energean Power، وحقل كاريش؛ وذلك لتهديد الشركات العاملة هناك ودفعها للانسحاب.
بالتوازي، يشير المصدر ذاته إلى أن إسرائيل ستقصف عشرين مركزاً عسكرياً لحزب الله، بالإضافة لمواقع إطلاق طائرات بدون طيار، وبعض مواقع إطلاق الصواريخ الدقيقة إيرانية الصنع.
من باريس ثم الشرق الأوسط
ومن المنتظر أن يصل الوسيط الأمريكي آموس هوكشتاين، إلى العاصمة الفرنسية باريس، وذلك في إطار تحركاته الدولية للتوصل لاتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.
وكشف مصدر حكومي لبناني لـ"عربي بوست" أن هوكشتاين سيتوجه أمس الثلاثاء 7 سبتمبر/أيلول إلى باريس لعقد اجتماعات مع مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الأمن القومي، ولقاء مع إدارة شركة "توتال"، لبحث دور فرنسا والشركة النفطية في تذليل العقبات من أمام اتفاق سريع.
ويؤكد المصدر أن إدارة الشركة الفرنسية عادت وأكدت في رسائل غير معلنة أنها مستعدة للعودة إلى المنطقة فور الإعلان عن اتفاق، بالإضافة لقيام واشنطن بإعطاء ضمانات بعدم حصول أي تصعيد عسكري من الجانبين.
ويؤكد المصدر الحكومي أن الفرنسيين نقلوا هذا الكلام لمسؤولين لبنانيين، على رأسهم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وقائد الجيش جوزيف عون.
وفي إطار متصل، يعتقد المحلل السياسي ربيع دندشلي بأن ملف ترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل يحتاج إلى مزيد من المفاوضات، والزيارة التي سيجريها المبعوث الأمريكي تهدف لتحديد مسودة للاتفاق والتوصل لخطوط عريضة.
ويؤكد المحلل اللبناني، في تصريح لـ"عربي بوست"، أن المسؤولين في إسرائيل يشددون على ضرورة تأجيل توقيع الاتفاق وإنجازه إلى ما بعد انتخابات الكنيست والتي تشهد تنافساً حاداً بين الأحزاب الإسرائيلية.
الحزب يحدد سقفه
سياسياً، يشير مصدر مقرب من حزب الله لـ"عربي بوست" إلى أن محاولة الجانب الإسرائيلي تأخير التوصل لاتفاق في ملف ترسيم الحدود إلى ما بعد انتخابات الكنيست قد تؤدي إلى مشكلة أكبر.
وأضاف المتحدث أنه على المستوى السياسي اللبناني إذا ما انتهت ولاية الرئيس ميشال عون الرئاسية نهاية أكتوبر/تشرين الأول القادم، قد يكون متعذراً على الوسطاء الدوليين إيجاد جهة لبنانية تمتلك صلاحيات دستورية لتوقيع اتفاقيتي الترسيم والتنقيب والاستخراج.
وحول ما يشاع حول مطالبة إسرائيل بتعويضات مالية من استخراج لبنان الغاز من حقل قانا، يؤكد المصدر أن لبنان وحزب الله غير معنيين بفكرة التعويض المالي، وليسا مسؤولين عن أي تعهد يمكن أن يحصل عليه الجانب الأمريكي من الفرنسيين أو القطريين بتقديم تعويضات مالية لإسرائيل عما تعتبره حصتها من حقل قانا، وأن بنود الاتفاق الموقع بين لبنان وشركة توتال لن تعدل تحت أي ظرف وتحت أي ضغط.
ويختم المصدر أن حزب الله لن يمنح أي جهة كانت أي ضمانات في حال واصلت إسرائيل التنقيب والاعتداء على حقوق لبنان، وأن المهلة الزمنية التي وضعتها ليست مدتها مفتوحة، وأن قيادته لم تقرر بعد خطوتها التالية.
بين باريس والدوحة
ميدانياً، يعتقد المحلل السياسي، جوني منير، أنه في جنوب لبنان لا توجد أي مؤشرات حربية من الجانب الإسرائيلي، وحتى قوات الطوارئ الدولية، التي تتمركز عند الجانبين اللبناني والإسرائيلي، فهي ترسل تقارير إلى نيويورك، تؤشر إلى عدم وجود ما يوحي بالتحضير لحرب قريبة.
ويضيف منير أن فرنسا بدورها لا تبدو قلقة إزاء احتمال الانزلاق باتجاه الحرب في لبنان، لكنها تبدي توجسها من تفاقم الأزمة السياسية الداخلية في لبنان إلى جانب التدهور المستمر على المستوى المعيشي والنقدي والاقتصادي.
بالتوازي، يعتقد المصدر الحكومي اللبناني أن تلعب دولة قطر دوراً في ملف استخراج الغاز والنفط من المياه بين لبنان وإسرائيل بعد انسحاب الشركة الروسية من التنقيب في البلوكات الشمالية.
ويشير المصدر إلى أن الأمريكيين تحدثوا لأكثر من مسؤول لبناني عن إمكانية قيام الدوحة بلعب أدوار في موضوع الغاز بحكم خبرتها الكبيرة، بالإضافة لملفات دعم المؤسسات اللبنانية وآخرها الجيش في ظل الانكفاء الخليجي وتحديداً السعودي.
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”