تُفضل الحكومة المصرية حالياً سعر الصرف المرن للجنيه، في إشارة إلى عدم ثبات القيمة من أجل دعم اقتصادها الذي يتعرض للضغوط نتيجة الهجوم الروسي على أوكرانيا، بحسب وزيرة التخطيط المصرية، وذلك حسبما نشرت وكالة Bloomberg الأمريكية في تقريرها الثلاثاء 6 سبتمبر/أيلول 2022.
حيث سمحت السلطات لقيمة الجنيه بالتراجع بشكلٍ حاد في مارس/آذار 2022، بعد الحفاظ على استقرار سعره مقابل الدولار الأمريكي لنحو عامين. لكن المستثمرين والاقتصاديين يؤمنون بضرورة خفض قيمة العملة المصرية أكثر حتى تعكس القيمة الحقيقية للجنيه. حيث انخفضت قيمة الجنيه المصري بأكثر من 18% حتى الآن خلال عام 2022.
جولة جديدة من خفض قيمة الجنيه المصري
يستعد المستثمرون لجولةٍ ثانية من انخفاض قيمة العملة، بينما دخلت في الحكومة مفاوضات للحصول على قرضٍ جديد من صندوق النقد الدولي الذي يفضل سعر صرفٍ مرن للجنيه. وبسؤالها عن الدعوات لخفض قيمة العملة أكثر، ألمحت وزيرة التخطيط المصرية هالة السعيد إلى انفتاح مصر على فكرة الإدارة الأكثر مرونة لقيمة العملة.
أردفت هالة في مقابلةٍ مع وكالة Bloomberg الأمريكية: "هناك توافق داخل الحكومة على أن سعر الصرف المرن للجنيه سيكون أفضل من أجل الاقتصاد". وترأس هالة حالياً صندوق مصر للثروة السيادية.
في سياق موازٍ تسابق الدولة العربية الأكثر اكتظاظاً بالسكان الزمن من أجل تدعيم اقتصادها، بعد أن تسببت الحرب داخل أوكرانيا في رفع قيمة فواتير استيراد الغذاء والوقود، ولا شك أن حظوظ مصر قد تبدلت اليوم بعد أن كانت السوق الناشئة المفضلة للكثيرين في وقتٍ من الأوقات. حيث ضخ الأجانب مليارات الدولارات على سوق الدين المصرية، بعد أن جذبتهم بفضل ارتفاع أسعار فائدتها، واستقرار الجنيه، وسجلها الحافل بالخطوات الصديقة للسوق.
مستقبل العملة المصرية
بينما أدى تغيير قيادة البنك المركزي المصري لزيادة التكهنات حول مستقبل العملة بعد استبدال طارق عامر، الذي شغل منصب محافظ البنك المركزي لنحو سبع سنوات وكان يُعتبر من أنصار استقرار الجنيه.
من جانبه، قال الاقتصادي جان-ميشيل صليبة، من بنك أمريكا، في تقريرٍ نُشِرَ الثلاثاء 6 سبتمبر/أيلول 2022: "هناك حاجة إلى برنامج كبير وطموح من صندوق النقد الدولي. ونفترض أن مصر ستتحول إلى نظام مرن لأسعار صرف العملة تحت مظلة برنامج تابع للصندوق".
في المقابل فقد قدّر بنك أمريكا احتياجات مصر الإجمالية من التمويل الخارجي لعام 2023 بنحو 58 مليار دولار، أي نحو 14% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد. كما افترض البنك أن بإمكان الحكومة الحصول على 15 مليار دولار من صندوق النقد الدولي على مدار ثلاث سنوات بموجب برنامج تسهيلات الصندوق الممدد.
أوضح صليبة: "تتطلب احتياجات التمويل الخارجي الكبيرة توفير مرونةٍ أكبر لسعر صرف الدولار/الجنيه. وتعتبر مرونة سعر الصرف أساسيةً من أجل المساعدة في تقليص عجز الحساب الجاري للبلاد خلال الفترة المقبلة".
بينما قال وزير المالية محمد معيط في وقتٍ سابق إن مصر ستطلب أقل من 15 مليار دولار "بالتأكيد".
زيادة الإيرادات
في ما أوضحت هالة أن "الحكومة تعمل جاهدةً لزيادة إيراداتها من النقد الأجنبي" ببذل الجهود لدعم الصادرات، والاستثمار الأجنبي المباشر، وتحويلات المغتربين من خارج البلاد.
في حين وصلت المساعدات أيضاً في صورة ودائع وتعهدات استثمار بقيمة أكثر من 22 مليار دولار من حلفائها الأغنياء بموارد الطاقة في الخليج.
كما ضخّت أبوظبي القابضة، صندوق الثروة السيادية بأبوظبي، وكيان استثمار تابع لصندوق الاستثمارات العامة السعودي قرابة 3 مليارات دولار في مصر حتى الآن، وذلك للاستحواذ على حصص الحكومة في شركات بارزة من خلال صفقات سهلها صندوق مصر السيادي.
في السياق ذاته، فمن المتوقع توقيع المزيد من هذه الاتفاقيات، التي قد تشمل بيع حصص كبيرة في بعض الشركات المملوكة للجيش المصري أيضاً. كما تعد الحكومة بوضع سياسات جديدة لممتلكات الدولة بغرض الحد من مشاركتها في بعض المجالات والخروج من مجالات أخرى، بينما تبحث عن استثمارات واسعة النطاق من الشركات الخاصة.