أعلن منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية الجنرال غسان عليان، أن وزارة الدفاع قررت توسيع نطاق التسهيلات المقدمة لغزة عبر زيادة عدد تصاريح غزة الممنوحة العمال للعمل في الداخل ليصل إلى 20 ألف تصريح عمل.
الجديد وفقاً لما كشفته القناة 13 الإسرائيلية، أن الفئة المستهدفة من هذه التسهيلات هي نساء غزة اللاتي سيتم منحهن تصاريح عمل أسوة بالرجال، في خطوة تمثل تحولاً في طبيعة ونمط التسهيلات التي شرعت بها إسرائيل لتطبيقها في قطاع غزة، والتي جاءت كجزء من تفاهمات التهدئة التي أعقبت معركة سيف القدس التي اندلعت في مايو/أيار 2021.
فيما لم يتضح بعد مجالات العمل التي بموجبها سيتم منح التصاريح بالنسبة لهؤلاء للنساء، إلا أن مصدراً في نقابات عمال فلسطين أكد لـ"عربي بوست" أن "المجالات المطروحة للعمل وفقاً للخطة الإسرائيلية ستتركز في قطاعات أولية أهمها الزراعة والخياطة ورعاية كبار السن، ومجالات خدماتية تتعلق بالنظافة داخل المستشفيات والمدارس والبلديات في القرى العربية في النقب".
وتنقل القناة الـ13 بأن المؤسسة الأمنية داخل إسرائيل ترى أنه من الضروري إجراء تغيير في سياسات التعامل مع قطاع غزة، والعمل بخطوات مدروسة لتحسين اقتصاد القطاع، عبر منح السكان مكاسب اقتصادية ومعيشية، لأن من شأن ذلك أن يزيد من حالة الفجوة بين سكان القطاع وحركة حماس، وفقاً للمصدر الإسرائيلي.
تصاريح غزة.. القصة الكاملة
عقب انتهاء معركة "سيف القدس" طرحت حركة حماس تحت ضغط الظرف الاقتصادي الصعب الذي تمر به غزة أمام الوسيط المصري نقل شروط للجانب الإسرائيلي تتعلق بإدخال تحسينات على الواقع المعيشي للقطاع.
واستجابت حماس لمنع تفجر الأوضاع مجدداً، في ظل وجود نسب بطالة تجاوزت 50%، في القطاع وبلغت معدلات الفقر 33%، ونحو 80% من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، فيما لا يتجاوز متوسط الأجور الشهرية داخل القطاع 260 دولاراً.
وفور سقوط حكومة بنيامين نتنياهو بعد فشله في إدارة المعركة في غزة، وافقت حكومة بينيت- لابيد التي تشكلت لاحقاً، على الشروع بإجراءات من شأنها امتصاص غضب حماس، ومنع عودة التوتر لغزة.
فسمحت إسرائيل لأول مرة منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في العام 2000، بمنح تصاريح لألفي عامل من غزة، وارتفع العدد لاحقاً ليصل إلى 14 ألف تصريح، وتقتضي الخطة وصول عدد التصاريح لنحو 30 ألف عامل حتى العام 2023.
شكلت هذه التصاريح رافعة اقتصادية هامة داخل غزة، فبالنظر إلى معدل الأجور بين غزة وإسرائيل، فإن أجور العمال في إسرائيل تزيد بأكثر من عشرة أضعاف عن متوسط الأجور الحالية في غزة، من 12 دولاراً ليوم العمل الواحد في غزة، يتراوح معدل الأجور اليومية في إسرائيل ما بين 150- 250 دولاراً.
لا حقوق لعمال غزة
صحيح أن هذه التسهيلات الإسرائيلية أحدثت فارقاً بالنسبة للآلاف من الأسر الغزية التي أرهقها الفقر وسوء الأوضاع الاقتصادية بسبب الحصار، إلا أن إسرائيل تتعامل بازدواجية بالنسبة لحقوق عمال غزة مقارنة بنظرائهم من الضفة الغربية.
فتصاريح غزة تندرج تحت بند "احتياجات اقتصادية"، ما يعني أنه لا حقوق لهؤلاء العمال، كالإجازات مدفوعة الأجر أو التأمين الصحي، أو تعويضات إصابات العمل، أو حقوق التقاعد أو تعويضات نهاية الخدمة.
عبد الرؤوف مصلح (38 عاماً) أحد العمال الذين حالفهم الحظ في الحصول على تصريح للعمل في الداخل، قال إن "تصريح العمل الذي حصلت عليه مؤقت لمدة 6 أشهر، تشترط إسرائيل على عمال غزة أن يعملوا في مجالات محددة كالبناء والزراعة في مناطق ما يعرف بمستوطنات غلاف غزة".
وأضاف المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست": "يحظر علينا الدخول أو التجول في نطاق يزيد عن 30 كيلومتراً من حدود غزة، وهو ما يحرمني من فرصة مضاعفة الدخل اليومي في حال استطعت العمل في مناطق المركز كتل أبيب أو القدس المحتلة".
أبو أحمد (47 عاماً) عامل آخر يعمل في قطاع البناء في "مجلس أشكلون" على حدود غزة قال إن "العمل في إسرائيل فرصة حُرمنا منها لأكثر من عقدين، فارق الأجور في إسرائيل جيد مقارنة في غزة، أتقاضى يومياً 600 شيكل (170 دولاراً) بينما في غزة كنت أعمل بأجر لا يزيد عن 40 شيكل (13 دولاراِ).
وأضاف المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست": "رغم ذلك فإن طبيعة العمل هنا محفوفة بالمخاطر، فالإسرائيلي لا يعمل في مهن شاقة كالبناء أو رصف الطرق بل يعطي هذه المهنة للفلسطيني مستغلاً ظرفه الاقتصادي الصعب، دون أي حقوق أو تعويضات".
تجنيد العملاء
قبل دخول حماس للحكم، كانت ترفض الحركة سياسة الحدود المفتوحة التي كانت تنتهجها إسرائيل، خشية من أن تستغل إسرائيل وجود آلاف العمال لتجنيدهم للعمل معها لصالح المخابرات الإسرائيلية، ولكن الحالة الاقتصادية وقلة الموارد المالية لدى حماس، والخشية من انفجار شعبي، أجبرت الحركة على طرح هذه القضية أمام الوسطاء.
قلق آخر كانت تخشاه حماس، من أن تقوم إسرائيل بممارسة سياسة الاعتقال أو الابتزاز ضد مواطنين على صلة بالذراع العسكرية التابعة لها أو أي من الفصائل المسلحة الأخرى في غزة ممن لم تستطع إلقاء القبض عليهم أو اغتيالهم.
وقد شهد هذا العام تسجيل 4 حالات اعتقال لفلسطينيين من غزة كانوا ينوون المرور عبر معبر إيرز للعمل في إسرائيل، اعتقلتهم سلطات الاحتلال بذريعة ارتباطهم بالذراع العسكرية لحركة حماس.
سرعان ما أدركت حماس خطورة ما وراء التسهيلات الإسرائيلية، فشرعت بإجراءات توعوية ودورات تثقيفية في مجالات الأمن، لمن ينوون العمل في الداخل، خشية من أن تستغلهم المخابرات الإسرائيلية وتقوم بإسقاطهم أو تجنيدهم كعملاء.
فيما قال مصدر في وزارة الداخلية بغزة لـ"عربي بوست" إن "الوزارة وضعت خطة وبرنامج عمل يتضمنان متابعة أوضاع العمال قبل مرورهم بمعبر إيرز ودخولهم للأراضي الإسرائيلية.
ويتضمن البرنامج تقديم نصائح في كيفية التعامل مع المشغل الإسرائيلي الذي قد يكون أحد أفراد جهاز الشاباك، والحذر من أي دعوات من هؤلاء المشغلين للمبيت خارج إطار العمل، وعدم التعاطي مع أي رواية تصدرها إسرائيل بشأن الحالة في غزة".
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”