ابتكرها جنودٌ إسبان بعد حصارهم في حصن سانتا كروز بالقرن 16.. “الكرنتيكا”، أشهر الأطباق الجزائرية

هل سمعتَ يوماً بطبق الكرنتيكا؟ تعالَ نُخبرك قصة أشهر الأطباق الجزائرية، طبق الفقراء الغني ببساطته الذي يتناوله الغني والفقير في جميع الأوقات وجميع الفصول.

تم النشر: 2022/08/15 الساعة 11:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/08/15 الساعة 12:04 بتوقيت غرينتش
لا يتجاوز سعر شطيرة الكرنتيكا الـ0.21 دولار/ يوتيوب

إذا زرتَ الجزائر سائحاً، ستسحرك مناطق سياحية وأثرية عدّة، ولا بدّ أنك ستُعجَب بعادات وتقاليد الجزائريين: من الملابس، إلى بعض العادات الخاصة، ومن ثم طريقة العيش.. لكن، للمأكولات الشعبية الجزائرية سحرها الخاص.

هل سمعتَ يوماً بطبق الكرنتيكا؟ تعالَ نُخبرك قصة أشهر الأطباق الجزائرية، طبق الفقراء الغني ببساطته الذي يتناوله الغني والفقير في جميع الأوقات وجميع الفصول.

ورغم أنه بدأ في الأصل من محافظة وهران، أقصى البلاد، فإن الكرنتيكا أصبح طبقاً عابراً للمحافظات، وتنتشر المطاعم التي تقدّمه في كلّ أنحاء البلاد. 

حصار حصن "سانتا كروز".. من هنا بدأت الكرنتيكا  

يعود تاريخ أكلة الكرنتيكا إلى القرن السادس عشر، خلال فترة الغزو الإسباني للسواحل الجزائرية.. فقد تمكّن الإسبان، انطلاقاً من القرن السادس عشر، من أن يحتلوا مدناً عدة في الساحل الجزائري. 

كانت المرسى الكبير أوّلها في العام 1505، ومن ثم مدينة وهران في العام 1509، وبجاية ثالثها في العام 1510. وخلال الاحتلال الإسباني لمدينة وهران، لم تتوقف محاولات الجزائريين لإعادة فتح المدينة. 

في مرحلةٍ ما، تمكنوا من إطباق حصارٍ طويلٍ على قلعة "سانتا كروز"، الواقعة بأعالي جبل "المرجاجو" في وهران. 

وفقاً لـ"وكيبيديا"، بنى العثمانيون الحصن الأول في الموقع. وبعد أن هزم الإسبان العثمانيين في القرن السادس عشر، أعادوا بناء حصن سانتا كروز، وانتهوا من إنجازها في العام 1604. 

حكم الإسبان وهران لنحو 300 سنة حتى العام 1792، وكانت القلعة تُستخدم لمراقبة ميناء وساحل ومدينة وهران. وقد ساعد موقعها، الذي يُعتبر استراتيجياً، في الحفاظ على شكلها سليماً رغم السنوات ولا تزال شاهدة على ذلك العصر حتى يومنا هذا. 

وبالعودة إلى الحصار، فقد أنهك الإسبان الذين لم يغادروا الحصن، وظلّوا متسمّرين داخله وعلى أسطحه لمنع الجزائريين من محاولة اقتحامه.. ما أدّى إلى نفاد مؤونتهم من الطعام في المخازن. 

لم يجدوا وقتئذٍ سوى مادة واحدة، لا سواها، في المؤونة: طحين مادة الحُمّص، الذي لم يكن لديه أهمية في ذلك الوقت، ولم يكن يُستعمل في أي نوعٍ من الأطباق.

أمام الجوع الشديد والحاجة إلى الغذاء، من دون قدرة الإسبان على الخروج من الحصن لتأمين حاجياتهم من الطعام، قام الجنود الإسبان المُحاصَرون في قلعة "سانتا كروز" بطبخ دقيق الحمص بما بقيَ لديهم من ملح وماء وزيت، ليكتشفوا حينها أن طعمها لذيذ.

ومنذ ذلك الوقت انتشرت الكرنتيكا، انطلاقاً من مدينة وهران، وامتدّت شهرتها إلى جميع المدن الجزائرية الأخرى. 

أمّا أصل تسمية "كرنتيكا" فيعود إلى الكلمة الإسبانية Calienteta أو Caliente، والتي تعني باللغة العربية ما معناه "ساخن". وهو الاسم الذي تُعرف به الأكلة أيضاً في بعض المدن الجزائرية "الحامي"، فيما يُطلق عليها في وسط وجنوب الجزائر اسم "قرنطيطة"، أمّا في الشرق فيختصرونها بكلمة "كران". 

الكرنتيكا.. طبق كل الفصول والأوقات 

ما يميّز الكرنتيكا أنها لا تعرف وقتاً ولا فصلاً معيّناً، يتناولها الجزائريون في كل أوقات السنة، ويُمكن أن تكون وجبة الفطور أو الغداء أو العشاء، وتشكّل في كل الأوقات وجبة كاملة متكاملة.

بعض الجزائريين يُطلقون على الطبق اسم "الكبدة البيضاء"؛ لأنه غني بالحديد وأرخص من الكبد. ووفقاً لموقع "حميتي" المتخصّص في التغذية الصحية، يحتوي طبق الكرانتيكا الواحد على 358 سعرة حرارية. وتُقدّر الكربوهيدرات بنحو 38.65 ملليغرام، والبروتينات بـ16.77 ملغ، أما الدهون فتُقدّر بـ15.19 ملغ.

تُعتبر الكرنتيكا الوجبة المفضّلة لكلّ الشرائح الاجتماعية في الجزائر، من دون استثناء؛ وليس لأنها جزءٌ من الذاكرة الجماعية التاريخية فقط، ولا لكونها تمتاز بطعمٍ لذيذ، بل لأن سعرها الزهيد مُغرٍ.

لا يتجاوز سعر شطيرة الكرنتيكا مبلغ الـ30 دج، أي 0.21 دولار؛ لذلك فإن كل مطعمٍ يقدّمها كوجبة، لا بدّ أن تجد أمامه طوابير طويلة. ويمتد ذلك إلى المدن الأوروبية التي تسكنها الجاليات الجزائرية أيضاً. 

يستمتع الجزائريون بتناول الكرنتيكا في نصف رغيفٍ من الخبز، مع رش الملح والفلفل والكمّون عليه. أمّا عشاق الطعم الحار، فبإمكانهم إضافة الهريسة له (الفلفل الأحمر المهروس).

قبل ذلك، كانت هناك قاعدة أساسية عليك اتباعها للحصول على أجود أكلة كرنتيكا؛ وهي أن تؤكل دائماً ساخنة ولا تُبرّد أبداً، كما يُستحسن تناولها مع عصير الليمون. 

وصفة الكرانتيكا 

تختلف تقنيات وطرق تحضير أكلة الكرنتيكا من شخصٍ إلى آخر، ومن محافظة جزائرية إلى أخرى؛ لكن المتفق عليه هي مقادير التحضير، والبيض والزيت والحمص المطحون والماء والقليل من الكمون، يضاف إليها لاحقاً -وحسب الطلب- الهريسة، أو الفلفل الحار.

وفي تفاصيل طريقة التحضير، يتمّ مزج الماء مع طحين الحمص إضافةً إلى الملح والزيت والبيض، ثمّ يُوضع المزيج داخل الفرن حتى يطغى احمراراً خفيفاً على وجهه. بعدها يُسحب المزيج من الفرن ويُقدّم مباشرةً إلى الزبائن، بحيث يكون ساخناً، بعد إضافة قليلٍ من الكمّون والفلفل الحار حسب الطلب.

تحميل المزيد